كانت وما زالت الكتابة ذاتي الأعمق والقوة الضاربة التي اعتز بها,ولكني اعلم أن هذه القوة ذاتها لو أطلقت لحركت الأشياء المادية و كل ما هو جماد لكثرة أيماني المطلق بها ,أستنفد اليوم ونفسي في التأمل , وإطلاق العبارات والقراءة والتفكير من جديد لتثبيت النفس , وذهني يعدو في الوقت ذاته عشرين من الدروب المتباعدة,منعزلا ومتوحدا ومفكرا بعمق القضية ,كما كنت دائما في غرفتي الجديدة , فقد تطور الهياج الداخلي المتواصل بالفكر والمنطق الصريح ويحتد مزاجي كثيرا حيث أجد نفسي هائما على نحو لا أتحكم بة.....
مسيحي ثقافتي مسيحية!
المسيحية هي معلما تاريخيا مهما وجوهريا في بناء الإنسان وللتحضر الذاتي للإنسانية، وللاتجاه نحو الانتقال للعصر المتحضر, أدت لأن تكون المسيحية في عملية وجودها وتجددها، هي أيضا صرح هام للنضال من احل الحرية البشرية والعدالة الاجتماعية والبناء الثقافي والعلمي للبشر واكبر شاهد على ذلك الصرح الثقافي الاجتماعي والعلمي لمسيحيي المشرق في معظم البلدان العربية , ولكن بالرغم من هذا فأن المسيحيون في الشرق .. امة عانت من جلد العصور لها , والاسواط المجدولة ما زالت ظاهرة على أجساد أبناءها حاضرة على حضارة من الوهم لا تحسب سوى تاريخ وجودها وللتاريخ أوراق قد نفذت أما لي أوراق بيضاء كثيرة , شاسعة لا تنفذ ألا إذا نفذ الحبر الأحمر من أوردتي, فلقد عانى المسيحيون في الشرق العديد من الاضطهادات والعنصرية الدينية، فمنهم من هجر أوطانهم باحثين عن أعشاش دافئة حفاظا على أنفسهم من أشباح الموت والوحوش الكاسرة ومنهم من تعالى فوق الجراح مشدودين بسمو رسالتهم، ليكملوا ما بدأ بة أجدادهم في المساهمة في صناعة تاريخ هذه المنطقة وفي تفاعل حضاراتها وإثرائها وفي بناء الأعمدة الثقافية والعلمية، رغم أنهم لم يشاركوا كثيراً في الحكم وفي المناصب الحكومية المهمة , هذه الاضطهادات أدت إلى التقليل من الوجود الديموغرافي المسيحي في البلدان العربية حيث أصبح ضعيفاً للغاية بفعل عوامل التناسل والهجرة الاختيارية والقسرية ، ولكن لو أمعنا النظر فيما كتب أعلاه لوجدنا أن هذا الأمر ليس نهائياً، وان الفعالية لا تقوم على الكم فقط بل على النوع وهذا ما اثبت خلال كل هذه السنين.
ليس أخطر من تهجير المسيحيين في الشرق سوى تغييب البعد الوطني الحسي والقومية الوطنية في مواجهة الإرهاب والجريمة والاكتفاء برفع الصوت والتنديد والتعاطف من زاوية البعد الإنساني العاطفي..لا نستطيع نكران أن القومية العربية عند نشوؤها وحدت العرب في صف واحد وحافظت تلك القومية على الأقلية المسيحية لسنين طويلة ولكن عند تنامي حركة الإخوان المسلمين في الوطن العربي من جهة والأصوليات الدينية والإرهاب والهيمنة الايرانيه على الشرق من جهة وتعاظم أعمال العنف ضد الأقليات الدينية في البلدان العربية فتكون القومية العربية وأهم المقومات التي تقوم عليها من اللغة والدم والتاريخ والأرض والآلام والآمال المشتركة قد وصلت لحفه الزوال وأظن أنها قد ماتت تلك القومية العربية , ماتت مع تعاظم قوة الأصوليات الدينية ومع كل قطرة دم سالت من مسيحيي العراق ومصر ولبنان ..فأن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الديمقراطية وتغييب مفهوم العروبة والقومية ,فالمنطقة العربية تحولت لإمارات إسلاميه متزمتة ومتشددة تضربها تيارات خائفة من الحداثة مثل الإخوان المسلمين ، الرافضين شر رفض بالاعتراف بالآخر المختلف وعدم قبوله سواء كان شريكاً في اللغة أو في الوطن, وهذه الأحزاب أدخلت المنطقة في حقبة مخيفة تبدأ بالاستبداد والاستعباد وتنتهي بتحقيق أهدافها بالتخلص من التعددية لحساب طائفي أو مذهبي.
لقد قسم العالم العربي اليوم إلى بيئاتٌ متباينةٌ مختلفة ومجتمعاتٌ متباعدة فنجد بة الأكراد والسنة والترك والشيعة والدروز والعلويين والمسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك والآشوريون والأرمن والسريان.. فحاجات كلِّ مجتمع من هؤلاء ومطالبُه العليا تتغير مع نظراته إلى الحياة وتختلفُ عن حاجات الآخر ومطالب كلِّ منها ونظرته إلى الحياة,وبناء عليه فأن العالم العربي مكون من أمماً لا أمة ولهذه الأمم لها صلاتٌ لغويةٌ ودينية وثقافية تختلف بعضها ببعض توجب عليها أحيانا ورغم الاختلافات بسلوك خطة هدفها التقارُب والتفاهم والتعاون على الاشتراك في بعض الشؤون السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية التي يمكن أن توجد فيما بينها لتحقيق مفهوم حسن الجيرة.
أذا ما كانت لكلماتي أساسا نشاطا ذهنيا أو عقلانيا , متواضعا في العالم فمن الواضح أنة لا بد أن يجد له مأوى في مكان ما بينكم وعندها فقط تنفتح البوابات وتسقط الحواجز وتنطلق الكلمات لتصل قلوبكم النيرة وتوصلكم إلى فكرتي الأساسية "رحمة الله عليك يا أيتها القومية العربية
[email protected]