صراعاً طويلًا ظل قائماًبين السعودية و أيران وحلفاؤهم حول النفوذ في منطقة الشرق الأوسط ، لكن ذلك الصراع بقيدائراً على مسارح دول أخرى وعلى حساب شعوبها ، توجد فيها جهات تدعم السعودية وأخرى تدعم إيران،نحن هنا لا نتحدث فقط عن خصمين مختلفينطائفياً وإنما أيضاً إلى حكومتين مختلفتين دينياً وعقائدياً، إيرانجمهورية دينية والسعودية مملكة دينية، وكلاهما يقولان إن الرب بجانبهما وأن قوة إلاهية تنتقم لهم ،بالرغم من مسؤوليتهم المباشرة أتجاه هذه الفوضى الدينية الدموية في الشرق الأوسط.
المتابعللساحة السياسية والتطورات الاخيرة التي تزامنت مع قيام المملكة العربيةالسعودية يوم السبت الثاني منالكانون الثاني ، بإصدار حكم الاعدام على 47 شخصاً بشبهةالانخراط بالجماعات الإرهابية ، إذ تضمنت القائمة أحدى الشخصياتالمحورية والمركزية للطائفة الشيعية في الشرق الاوسط وهو الشيخ نمر النمر ،أضافة لبعض النشطاء السعوديين ذو المذهب الشيعي ، هذا وقد أبدت إيرانامتعاضها من هذا الحكم من خلال عدة تصريحات قوية موجهة للمملكة السعودية ، ومنها ما جاء على لسان المرشد الاعلى آية الله على خامنئني بأن "الانتقام الإلهي سيطال النظام السعودي" مما سبب بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين . أن خطاب المرشد العام والتصريحات المختلفة وشاكلتها ساهمت في شحن الإيرانيين الغاضبين من تنفيذحكم الإعدام بحق مرجعية شيعية مهمة ، أدى في النهاية إلى تعرض السفارة والقنصلية السعودية في طهران الى الاعتداءات والانتهاكات ، فأن أعلان تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 شخصاوصفتهم السعودية بأصحاب الأفكار المتشددة والتكفيرية من بينهم رجل الدين الشيعيالشيخ نمر باقر النمر، قرار يحمل في طياته نقاط بالغة الأهمية ، فأن الدلائل تشير الى أن هذا الموقف الايراني من اعدامالمرجع الشيعي لم يكن السبب الاساسي والمفاجئ الذي قطعت السعودية العلاقاتمع ايران على خلفيته ،فلا يخفى على السعوديين أن تنفيذ حكم الإعدام سيُثيرحفيظة الإيرانيين بشكل أو بآخر وستكون هنالك ردود فعل قاسية ، لذا فأن الإعلان عن تنفيذ هذه الإعدامات فيهذا التوقيت يعتبر استفزاز سعودي لردود أفعال الإيرانيين الحادة ، التيستمكنهم من اتخاذ إجراء قطع العلاقات الدبلوماسية تحت مبرر وغطاء قوي.
تخوض اليوم القوات العسكرية الشيعيةالرئيسية في الشرق الاوسط وحلفاؤهم من الميليشياتالشيعية حرباً دموية في سوريا ، فإن الشيعة الأقلية الدينية في العالم الإسلامي ، حزب الله ونظام الأسدوبغداد وطهران- يرون في داعش تهديداً مميتاً ، ويرغبون في قتال هذاالوحش الكاسر وتدميره ، فالمجهود الحربي الإيراني يفوز بدعم من الولايات المتحدة في العراق، ودعماًمن قبل روسيا في سوريا ، هذا التدخل للمحور الشيعي في القتال في سوريا دعماً لنظام بشار الاسد زاد من حدة الصراع والشقاق بين الغريمين الايراني والسعودي وتصفية الحسابات السابقة بدءاً بفشلالسعودية بالسيطرة على سدة الحكم والرئاسة في لبنان بسبب هيمنة حزب الله الارهابينفوذه وسيطرته الامنية على الساحة اللبنانية ، والتدخل الايراني في الشأن الخليجي الداخلي لا سيما في اليمنوالبحرين ، والإجراءات السعودية المقابلة لهذه التدخلات وصلت ذروتها من خلال مواجهة عسكرية مباشرة مع وكلاء إيرانفي اليمن أي الحوثيين ، وقيام السعودية بدعم الفصائل السورية السنية المسلحة في سورياالقريبة من المملكة أمام التمدد الإيراني والشيعي على الأراضي السورية ، فأن عملية الاعدام التي نفذت وشملت قادة ورجالات دين شيعية مع مجموعة منالإرهابين السنة ، تعتبر رسالة واضحة وصريحة ولا شك فيها من قبل المملكة السعوديةبوضع تلك المنظمات سوياً في خانة واحدة أشاره منها بأنها ستتلقى المصير والرد ذاته. المتابعلتصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة التيتتحدث عن ان اسرائيل تتعرض لخطر الراديكالية الإسلامية من قبل تياري السنةوالشيعة ، جاءت هذه التصريحات نتيجة المعادلة الجديدة في الشرق الاوسط الجديد والقاسم المشترك بينالرياض واورشليم ، ووجهة النظر السياسية المتماثلة التي تشاطر فيه المملكة السعوديةحكومة اسرائيل ، حول طبيعة الاعداء ومنابع الخطر التي تهدد استقرارهموآمنهم وبذلك تكون الرؤية السعودية بشأن الارهاب السني والشيعي متطابقة معالرؤية الاسرائيلية الشاملة بشأن الوضع الجديد بالمنطقة ، تزامن ذلك ايضاًمع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصحفيين لدى عودته من زيارةللسعودية الأسبوع الماضي إن تركيا وإسرائيل في حاجة إلى بعضهما البعض فيمنطقة الشرق الأوسط ، و بذلك تكون هذه التصريحات في مثل هذا الوقت بمثابة مفاجأة سياسية وعسكرية منالعيار الثقيل بعد خمس سنوات من القطيعة الظاهرية بين البلدين إثراقتحام جنود جيش الدفاع الاسرائيلي سفينة "مرمرة" التركية.
للمرةالأولى في تاريخ الديبلوماسية الإسرائيلية أعلن المدير العام لوزارة الخارجيةالإسرائيلية دوريغولد أن "المملكة العربية السعودية هيحليف لإسرائيل" ، هذا الاعلان تزامن مع التفاهم و التقارب الاسرائيلي السعودي من الموقف الرافض للملفالنووي الايراني ، والرؤية المشتركة والمتماثلة في محاربة الارهاب ،وتليها تصريحات اردوغان حول التقارب منإسرائيل ، هذه النقاط كلها تشير بشكل واضح عن أنشاء محور إسرائيلي-سني جديد في الشرقالاوسط بين تركيا واسرائيل و السعودية في مواجهة قوى سنية وشيعية، تتمثل بإيران وسوريا وحزب الله والعراق ، تحت اشراف ودعم الولايات المتحدة وروسيا. في هذه الاثناء تدرس أيران امكانيات الرد ، بالرغم من أنه محدود ، إذ إنإيران لن تقدم على تنفيذ أي هجوم عسكري ضد السعودية بأي شكل من الاشكال ، فيالمقابل ، تعتبر ايران بأن توجيه ضربة عسكرية محدودة ضد إسرائيل من خلال حزب الله الارهابي تحت حجة الانتقام من تصفيةالارهابي سمير القنطار ، هو بشكل غير مباشر يعتبر الرد الايراني على انشاءالمحور الجديد في الشرق الأوسط بين اسرائيل وتركيا والسعودية.
[email protected]