على مسرح "سريدا 21" عرضت المخرجة الأردنية الشابة، نادية قبيلات، مسرحيتها "رأس المال" للمؤلف "كارل ماركس"، على أن تعرض المسرحية مجدداً ضمن ريبرتوار المسرح.
وفقاً لجدول المسرح الموجود وسط العاصمة الروسية سوف تعرض المسرحية مرة أخرى مساء اليوم، 18 فبراير، ثم ثلاث مرات في شهر مارس (5، 17، 18).
مسرحية "رأس المال" هي مونودراما تتناول العمل الرئيسي الأشهر للفيلسوف الألماني، كارل ماركس، والذي يحمل نفس العنوان. إلا أن الجوهر الحقيقي للمسرحية يتعرّض لحياة المسرح المستقل، الفنان المستقل، حياتنا اليومية بينما نتعرض في كل لحظة من لحظات الوجود لهجوم شرس من وسائل الدعاية والإعلان عبر الهاتف الذكي والحاسوب، في البيت، في مكان العمل، وحتى أثناء انتقالنا في وسائل النقل على اختلافها.
ابتكرت المخرجة الأردنية الروسية الشابة عرضاً مسرحياً باستخدام مادة تبدو للوهلة الأولى غير قابلة لـ "المسرحة"، إلا أنها تتمكن من خلال نص مسرحي رائع ومتوازن، ومن خلال حركة مسرحية منضبطة، وديكورات مبهرة في خيالها وإضاءة بسيطة معبرة، أن تنقل أسئلة ماركس حول الطبيعة الفوضوية للرأسمالية، حول الكساد الكبير والأزمة الاقتصادية التي نعيش اليوم تحسباً لوقوعها، وحول الشهية التصوّرية، والاحتكار، والجيش الاحتياطي من العمالة الصناعية.
تمكنت نادية قبيلات بمساعدة مستشارها ومساعدها في كتابة النص المسرحي، نيقولاي تسفيتكوف، من الوصول إلى جوهر أفكار ماركس بشأن عملية إنتاج رأس المال، وإنتاج فائض القيمة، وتقسيم العمل، والأجور، إلا أن ممثل العرض الوحيد، ألكسندر نيكولاييف، يظل ويعيد لنا كلمات نادية ونيقولاي أننا لو فهمنا تلك الفكرة، فقد فهمنا "بالكاد" جوهر "رأس المال"، ثم يكرر على أسماعنا جملة: "بالكاد وليس الجوهر كله".
تطرح قبيلات في عرضها المتفرّد أسئلة جوهرية ووجودية تأتي في توقيت في غاية الأهمية، فالعالم بالفعل قد أصبح على حافة الأزمة الاقتصادية، يعاني من تفاوت طبقي مرعب، سواء على مستوى الدول والبلدان والكيانات السياسية أو على مستوى الدولة الواحدة.
وعلى الرغم من الطبيعة التي يبدو، من الوهلة الأولى، أنها تلقينية لممثل يرسم لنا على "سبورة" شرحاً مبسّطاً لـ "رأس المال"، وكأنما يجيب عن أسئلة "الطلبة/الجمهور"، إلا أننا نخرج من تلك المسرحية بأسئلة أكثر من الأجوبة، أسئلة نطرحها على أنفسنا قبل أي أحد آخر حول الثقافة الاستهلاكية، حول العولمة، حول غياب الحدود بين الدول والثقافات على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. حول العالم الجديد وربما "النظام العالمي الجديد" و"الأيديولوجية" الجديدة التي يجب أن نبحث عنها لإنقاذ العالم.
وتنتمي المخرجة الأردنية الشابة، نادية قبيلات، إلى عائلة فنية، حيث وصلت رواية "شمس بيضاء باردة" لوالدتها الروائية الأردنية المرموقة، كفى الزعبي، إلى القائمة القصيرة لجائزة "البوكر" العربية لعام 2019، ويدير والدها المخرج المسرحي، سلام قبيلات، مسرح الشمس، أحد أهم المبادرات المسرحية في المشهد المسرحي الأردني، بينما تخرجت نادية عام 2018 من فصل الأستاذ سيرغي جينوفاتش بقسم الإخراج معهد غيتيس الروسي العريق (يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1878).
[email protected]