52 عامًا مرت على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك على يد المتطرف الأسترالي الإسرائيلي مايكل روهان، ولا تزال ألسنة اللهب تستعر بالمسجد، بسبب الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة، والتي تتصاعد وتيرتها بشكل خطير ومتسارع، دون أن تجد أحدًا يخدمها.
وتسعى السلطات الاسرائيلية من خلال إجراءاتها ومخططاتها التهويدية والاستيطانية بحق المسجد الأقصى، إلى تغيير معالم المسجد العربية والإسلامية وفرض واقع جديد فيه، وكذلك تنفيذ مخطط تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، وصولًا إلى هدمه لبناء “الهيكل” المزعوم فوق أنقاضه.
52 عاما مرت على إحراق المسجد الأقصى، وإن أخمد هذا الحريق، فإن نيران الاحتلال بأشكال أخرى مازالت مشتعلة في المدينة المقدسة وكافة الأراضي الفلسطينية.
ووقع حادث إحراق المسجد الأقصى يوم 21 آب/ أغسطس 1969، على يد شخص أسترالي الجنسية يدعى مايكل دنيس روهن.
والتهمت النيران، حينها، كامل محتويات الجناح الشرقي للجامع القبْلي الموجود في الجهة الجنوبية من المسجد، بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين.
النيران مازالت مشتعلة
وفي هذا السياق، قال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني: "لقد أخمد الحريق الذي أضرمه المجرم روهن في العام 1969 ومنذ ذلك الوقت تم ترميم المسجد الأقصى".
وأضاف "ولكن هناك حرائق من نوع آخر ما زالت مستمرة في المسجد الأقصى وهي الانتهاكات الإسرائيلية".
وأشار الكسواني في هذا الصدد إلى الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والحفريات في محيطه ومحاولات إسرائيل التدخل في شؤون المسجد عبر فرض القيود على عمل دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، واعتقال وإبعاد المصلين.
وشدد على أن "كل هذه الانتهاكات هي بمثابة حرائق مستمرة".
ومنذ العام 2003، سمحت الشرطة الإسرائيلية أحاديا ودون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية بمدينة القدس للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد.
ومنذ ذلك الحين يقوم آلاف المستوطنين الإسرائيليين سنويا باقتحام المسجد بحراسة شرطة الاحتلال، يوميا ما عدا يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وسط استفزازات للمصلين وحراس المسجد من خلال محاولة أداء طقوس تلمودية.
وبموازاة ذلك فقد تصاعدت الدعوات الإسرائيلية، خلال السنوات الماضية، لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود.
وتشير معطيات فلسطينية محلية إلى إبعاد الشرطة الإسرائيلية للمئات من المصلين وحراس المسجد خلال السنوات الأخيرة عن المسجد الأقصى لفترات تتفاوت ما بين أسبوع و6 أشهر بسبب احتجاجهم على اقتحامات المستوطنين.
وغالبا ما تشتكي دائرة الأوقاف الإسلامية من محاولات السلطات الإسرائيلية التدخل في أعمال الترميم التي تجريها الدائرة في المسجد للحفاظ عليه.
كما وجهت دائرة الأوقاف في أكثر من مناسبة، انتقادات للحفريات التي تجريها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في محيط المسجد، محذرة من تأثيرها على أساسات المسجد والمباني الإسلامية في محيطه.
"الأقصى للمسلمين وحدهم"
وفي هذا السياق، شدد الشيخ الكسواني على أنه رغم الحرائق والانتهاكات فإن المسجد الأٌقصى كان وسيبقى للمسلمين وحدهم.
وأضاف "الانتهاكات لن تغير من واقع الأقصى، فالمسجد بكل مساحته وهي 144 دونما فوق الأرض وتحت الأرض، هو حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا يقبل الشراكة".
وتابع الشيخ الكسواني أن "هذه الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى تتم بقوة الاحتلال وقوة السلاح ولا تعطى أي شرعية".
ويحيي الفلسطينيون ذكرى إحراق المسجد الأقصى في كل عام بإقامة فعاليات ومهرجانات تؤكد على تمسكهم بالمسجد ومدينة القدس وكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.
ومنتصف الأسبوع الماضي، أعلنت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إطلاق سلسلة فعاليات تبدأ بمهرجان مركزي قرب السياج الحدودي الفاصل عن مناطق الـ48، مساء اليوم، السبت، بالتزامن مع ذكرى إحراق الأقصى.
"التعاون الإسلامي" تجدّد دعمها لحق فلسطين في صون حرمة الأماكن المقدسة
وعلى صلة، قالت منظمة التعاون الإسلامي "إن الذكرى الثانية والخمسين الأليمة لإحراق المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، تحل في هذا اليوم في ظل استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين في أحياء القدس، خاصة بحق الأقصى، في إطار تنفيذ سياسات قوة الاحتلال الرامية لتهويد مدينة القدس، وتغيير طابعها الجغرافي، والديمغرافي، وعزلها عن محيطها الفلسطيني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
وجددت المنظمة في بيان صحافي، صدر عنها اليوم، السبت، دعمها الثابت لحق فلسطين في حماية هوية القدس العربية، والحفاظ على تراثها الإنساني، وصون حرمة جميع الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
ودعت المجتمع الدولي إلى "الانخراط في عملية سلام جادة على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بقصد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف بما فيها حق العودة، وتقرير المصير، وتجسيد إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
الخارجية الفلسطينية تطالب بتنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقدس
من جانبها، طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن واليونسكو، بسرعة تنفيذ قرارات القمم العربية والإسلامية والقرارات الأممية المتعلقة بالقدس ومقدساتها.
وأوضحت الوزارة، في بيان صدر اليوم، أن "الجرائم ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا في إطار مخطط استعماري تهويدي إحلالي توسعي يهدف إلى تغيير معالم مدينة القدس، وما في باطنها، وتهجير مواطنيها، وإغراقها بالاستيطان والمستوطنين، وفصلها تماما عن محيطها الفلسطيني، وربطها بالعمق الإسرائيلي، بما يخدم رواية الاحتلال التلمودية الاستعمارية".
وأشارت إلى أنه في هذا السياق "يأتي استهداف المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس، وفي مقدمتها الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد المسجد الأقصى المبارك ومحيطه".
وأوضحت أن "الحريق المتعمد للأقصى ما زال مستمرا، وبأشكال أكثر خطورة، تشمل تغيير وضعه التاريخي والقانوني القائم قبل الاحتلال، وتشويه باطن الأرض التي تقع تحت الأقصى، وتزوير معالمها بالحفريات، وزراعة معالم وإقحامها عنوة في باطن الأرض لصالح رواية الاحتلال، واستكمال عمليات تقسيمه زمانيا ريثما يتم تقسيمه مكانيا، وسط الاقتحامات اليومية المتواصلة التي يقوم بها غلاة المتطرفين اليهود وزعماؤهم، بمن فيهم مسؤولون إسرائيليون وأعضاء كنيست".
وحملت الوزارة، الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن عدوانها المتواصل على القدس عامة، والمسجد الأقصى بشكل خاص، كما أكدت استمرار التنسيق المشترك بين فلسطين والأردن "على المستويات كافة، لتوفير الحماية للقدس ومقدساتها".
الرئاسة الفلسطينية: القدس خط أحمر
بدورها، جددت الرئاسة الفلسطينية، اليوم، مطالبتها للمجتمع الدولي بتوفير الحماية للأماكن الدينية والمقدسة في مدينة القدس المحتلة؛ وقالت الرئاسة، في بيان، إن "الأقصى وكافة الأماكن المقدسة في القدس المحتلة ما زالت مستهدفة من الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، حيث الاقتحامات مستمرة وبشكل يومي".
وشددت الرئاسة على أن القدس "خط أحمر، ولن نقبل المساس بها". وطالبت إسرائيل بإلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2334 لسنة 2016، الذي أكد صراحة عدم شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وعدم الاعتراف بأي تغييرات تجريها إسرائيل على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.
كما طالبت الرئاسة الفلسطينية، المجتمع الدولي، بحماية قرارات الشرعية الدولية ومنها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 لسنة 1969، الذي أدان فيه إسرائيل لمناسبة حرق المسجد الأقصى، واعتبر أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة في القدس، يمكن أن يهدد الأمن والسلام الدوليين.
[email protected]