إجراءٌ عسكريٌّ إسرائيليّ جديدٌ لاستدعاء الأطفال الفلسطينيّين للاستجواب بدلآ من اعتقالهم ليلآ. ولكنه ليس من المتوقّع أن يؤدّي إلى الحدّ من الاعتقالات التعسفيّة
بعد تقديم التماسٍ من مركز "هموكيد" لحماية الفرد إلى المحكمة العليا ضدّ الاعتقالات المفاجئة للقاصرين الفلسطينيّين في منتصف اللّيل، أصدر الجيش الإسرائيليّ إجراءً جديدًا لاستدعاء القاصرين الفلسطينيّين للتّحقيق، والذي ينبغي أن يحلّ محلّ الاعتقال المفاجئ من دون إشعارٍ مسبق. إلا أنّ تفاصيل الإجراء الجديد قد ظلّت في معظمها سريّة، في حين أنّ ما هو معلنٌ عنه من تفاصيل هذا الإجراء مليئةٌ بالاستثناءات، وبحسب تقديرات مركز "هموكيد" لحماية الفرد، فإنّ هنالك خشيةٌ من ألا يؤدي هذا الإجراء إلى تقليص ظاهرة الاعتقالات اللّيليّة العنيفة بشكلٍ ملموس.
وبناءً على النّقاط الرئيسيّة المذكورة في الإجراء، فإنّه سيطبق على القاصرين الذين ترغب الشّرطة باستجوابهم، وليس على القاصرين المطلوبين للتّحقيق لدى جهاز الشّاباك، حيث سيتواصل اعتقال هؤلاء من منازلهم. وإلى جانب ذلك، فإن نص الإجراء يتضمن استثناءات كثيرة تسمح بمواصلة الاعتقالات المفاجئة، ومن ضمن هذه الاستثناءات: الحاجة إلى إجراء تفتيش في منزل القاصر، الخشية المحققة من الهرب أو تشويش مجريات التّحقيق، "الخطر الفوري" والخشية من أن يؤدي استدعاء قاصر إلى الإضرار باعتقال فتية آخرين في حال تطلب الأمر التّحقيق مع عدة قاصرين. بل إن التّحقيق يستثني الفتية المدانين أو المشتبه بهم بجنايات يعرّفها الجيش بوصفها "خطيرة" من دون أن يفصّل في تعريف "الجناية الخطيرة".
هذا، ويظهر توثيق ومتابعة "هموكيد" بأنّ الاعتقال اللّيلي للطفل الفلسطينيّ بات أمرًا روتينيًّا، بل إن الخيار الأوّل والروتينيّ لدى الجيش يتمثّل في جلب الطّفل للتّحقيق. وبناء على معطياتٍ من الشّرطة الإسرائيليّة، فقد جرى خلال سنة 2020 اعتقال 483 طفلًا في الضفّة الغربيّة (لا يشمل شرقيّ القدس)، ومن ضمن هؤلاء، هنالك 383 طفلًا تمّ اعتقالهم من منازلهم في منتصف اللّيل أو في ساعات الصّباح المبكرة جدًّا. إن استدعاء قاصرٍ للتّحقيق هو أمرٌ نادر. وبحسب معطيات الجيش، فقد تمّ ما بين السّنوات 2012 و2018 استدعاء ما مجموعه 128 قاصرًا فلسطينيّا للتّحقيق.
وفي جلسة استماعٍ عقدت في المحكمة العليا هذا الأسبوع، وجه "هموكيد" انتقاداته الشّديدة للإجراء الجديد بحجة أنّ الاستثناءات الكثيرة الواردة فيه، وكون الإجراء نفسه سريّا، يتسبّبان في خشيةٍ كبيرةٍ من ألا يؤدي إلى تغيير الممارسة التعسفيّة والقاسية المتمثلة في الاعتقالات المفاجئة للقاصرين الفلسطينيّين، وهو ما يشكّل مساسًا خطيرًا بحقوق الأطفال، ويشكّل صدمةٍ نفسية لكل العائلة. وردًّا على ذلك، حدّد قضاة المحكمة العليا بأنّ على النيابة العامّة أن تعلن خلال شهر شباط (فبراير) 2022 مجريات تطبيق الإجراء الإداريّ، وتمرير المعطيات المتعلّقة بنسبة الاعتقالات اللّيليّة إلى عدد القاصرين الذين تمّ استدعاؤهم للتّحقيق.
من جهته، صرح المحامي دانيال شنهار، مدير الدّائرة القانونيّة في مركز "هموكيد" لحماية الفرد، قائلًا: " "من الجيّد أنّ الجيش قد حدّد، بعد التماس ’هموكيد‘، إجراءً لاستدعاء الأطفال للاستجواب، لكنّ من الواضح من القسم العلنيّ لهذا الإجراء بأنّ الجيش لا يزال يعتبر اعتقال طفلٍ من سريره في منتصف اللّيل أمرا روتينيًّا، بل وخيارًا أوّل. هذا الإجراء سريّ، وهو يحتوي على عددٍ كبيرٍ جدًّا من الاستثناءات، وهذا ما يثير القلق بأنّ أمرًا لن يتغيّر على أرض الواقع، ولذا فقد قرّرت المحكمة العليا أن تظل متأهبةً وأن تدقّق في تنفيذ الإجراء خلال نصف السنة المقبلة".
[email protected]