موقع الحمرا الخميس 18/09/2025 06:48
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. ظلم في العدل العليا/ بقلم: جواد بولس/

ظلم في العدل العليا/ بقلم: جواد بولس

نشر بـ 12/02/2015 10:50

ألتقط أنفاسي بصعوبة ظاهرة، فالمسافة من الشارع الخارجي إلى قاعات المحكمة العليا بعيدة على من لم يعد يحلم إلّا بأمسه، وصعبة على من ضربت السنين رئتيه وسد دخان الشباب بعض شعابها. أحد الحرّاس المكلّفين بتفتيش الوافدين إلى بناية الحجر الجميلة يرقّ لحالتي ويعرض علي كأس ماء وكرسيًّا، أطمئنه شاكرًا وأمضي إلى حيث تكون مصارع الأماني ومنابت الخيبة.

أفتح باب القاعة، تلفعني رائحة هوائها التي تذكّر "بهبّال" خمّارة بلا شبابيك، ملأ غرفها بحارةٌ أفرغوا ما شربوه من حليب الليل وناموا. أجلس على مقعد، محاطًا بمجموعة من المحامين، وأمامنا،على منصة خشبية، يجلس ثلاثة قضاة، أحسست أنهم كانوا يؤثرون البقاء في فراشهم في هذا الصباح البارد الرملي.

كان أحد المحامين على وشك أن ينهي مرافعته، مستهجنًا كيف لم توافق أجهزة الأمن الاسرائيلية على استجارة موكّله "أبو الهمايم" وطلبه الحماية  في إسرائيل، وهو عميل قدم خدماته الجليلة  لعدة سنوات خلت، "ومن المتوقع أن تؤذيه السلطة الفلسطينية التي لا يعرف رجالها الشفقة والرحمة". 

حاول القضاة إسكات المحامي، الذي بدأت خدوده بالاشتعال، وبصوت متهدّج، يشرح كيف سيعذب الفلسطينيون موكله ويشحنونه بضربات الكهرباء، أخذ يحرك يديه بعصبية حتى كادت "الكيباه" أن تسقط عن رأسه وتضيع. 

القاعة مليئة بالبشر، كأنها تحتضن أجمل عروض المدينة.

لم يحسم القضاة أمرهم في قضية هذا العميل. بهدوء مجرب ومتعب من حِمله، شرح رئيس الهيئة للمحامي، الذي بدأ يفتر ويستعيد لونه الأبيض، أن للعملة وجهين؛ فموكله يعيش عمليًّا، في أراضي السلطة الفلسطينية ولم يتحرش به أحد منذ ثلاثة أعوام على الأقل، وليس هنالك أي مؤشر على وجود خطر عليه فيما اذا استمر بالعيش هناك، هذا فضلًا على ما يحتويه ملف موكله من سجل لجرائم نفّذها وما زال، مثل سرقة سيّارات واقتحامات وغيرها من الجنايات، التي أضافها هذا "الصدّيق" إلى رصيده "الوطني" ومساعدته لأمن إسرائيل.

لوهلة، بعد هذا الشرح، حسبنا أن القضاة سيردون الالتماس، ولكن كانت المفاجأة حين طلبوا من نيابة الدولة أن تعيد النظر مرّة أخرى وتعلم المحكمة موقفها النهائي وبعده ستعطي قرارها.

محبطًا مما رأيته وسمعته، وقفت، بعد أن نادى المنادي اسم موكلي ورقم قضيتي. قبل أن أبدأ مرافعتي، طلب النائب العام أن يدلي بملاحظة، قد تساعد على إنهاء القضية، فأعلن أن الأمر الإداري الحالي الصادر بحق الأسير عمر البرغوثي سينتهي هذا الأسبوع، وأكد أن قائد جيش الاحتلال سيصدر أمر اعتقال إداري جديدًا لأربعة أشهر إضافية ويتعهد، باسم نيابة الدولة، بإطلاق سراح البرغوثي عند انتهاء  تلك المدة.

كأنهم تخلصوا، فجأة من نعاس وملل، ترتسم على وجه القضاة الثلاثة بسمة ويظهر عليهم الحماس، يدفع  الرئيس بجسمه إلى الأمام ويحاول بصوت أبوي رخيم، أن يقنعني بقبول مقترح النيابة ويصفه بالسخي، مضيفًا أن موكلي، ناشط مرموق في صفوف حركة "حماس"، وفقًا لما تصفه التقارير السرية التي قدمت لهم.

يسكت الرئيس، هنيهة، كي يتفحص ردة فعلي، بعد أن لاحظ، وهو يعرفني منذ عقود، من حركات جسمي، أنني غير موافق على كلامه، فأبادره مستغلًّا صمته، بأن عمر البرغوثي، الغائب عن جلسته اليوم، يبلغ من العمر اثنين وستين عاما، قضى منها ما مجموعه ستة وعشرين عامًا في السجن، كانت  آخر عشرة منها بأوامر حبس إدارية، بدون تهمة ولا محكمة.

"لكنه ليس مجرد ناشط مرموق، بل هو واحد من قادة حماس المهمين"، يفاتحني القاضي الجالس على يمين الرئيس، وقد حسبته انه لا يتابع ما يجري في القاعة، فلقد رفع رأسه من بين ما كان أمامه من أوراق كان ينظر فيها مبديًا انشغاله عما كنت أقوله عن عمر.
- "لنفترض أن ماتقوله صحيح، فإما أن تقدم لائحة اتهام بهذا الكلام ويعطى حق الدفاع عن نفسه، وإما أن يبقى البرغوثي حرًا بين أولاده الستة والأحفاد العشرة، لا يعقل أن تستمر هذه التراجيديا عشر سنوات، ولا تستطيع أجهزة الأمن الاسرائيلية أن تجد بينة واحدة كافية لتقديم لائحة اتهام بحقه".
 لم أنتظر رد القضاة، خاصة وقد لمست على وجوههم بعض الحرج. 

لقد أمضى عمر البرغوثي سجنته الأخيرة ومدتها ثلاثة أعوام متواصلة، حتى أفرج عنه في شهر أكتوبر من عام ٢٠١٣. عاش حرًا لبضعة أشهر إلى أن جاءه جند الاحتلال الاسرائيلي، بعد عملية غزة الأخيرة، واعتقلوه مجددًا دون أن يتهموه ويحاكموه.
 زرته  بعد اعتقاله في سجن مجدو وكان حينهاعاصفًا غاضبًا وقال: "عدت إلى أرضي يا أستاذ، بعد الإفراج عني، حرثتها، زرعتها وحصدتها وانتظرت الصبح، لكنهم جاؤوني في الفجر.. إنني أتفجر من الغضب وأخشى أن يتحول غضبي إلى كراهية، لا أريد أن أكره أحدًا، وأخشى أن يتعلم أولادي كره البشر.. إننا نكره الاحتلال ونحلم أن نفيق يومًا لنجده بخارًا سابحًا وهباءً منثورا، فنحن نحب بلادنا، نحب أرضنا ونحب أن نحب..".
 كنت أقص على القضاة ما قاله لي عمر حين كان يحلم بالحصاد، كان وجه عمر، ببسمته الرجولية الحزينة في كل زاوية أزحت إليها وجهي، لم أعد أراهم أمامي، كانت راحة يده المشققة من تعب، ترتفع وتهبط، كمروحة تنثر الطيب. في القاعة هدوء بئر، وأنا أسألهم، كيف لمن كان ضحية لهذه الأوامر أن يصير سيدها وباريها؟
 وقبل أن يقاطعني القاضي صرخت: "لماذا تخشون عمر وهو يخشى أن يكره يومًا غاصبه وقامع شعبه، أمثاله يجب أن يكونوا طلقاء، انهم حرّاس الحياة، أوقفوا هذا النزيف، وامنعوا هذا التمادي، لا تكونوا ستائر للقمع، ولا أغلفة لفيروسات تفتك  في جسد هذه الدولة.. إنني أخاف مما يجري في قاعاتكم، يا سادة، فالسارق الجاني وخائن شعبه عندكم مقبول ومرغوب، والشريف الآدمي عندكم سجين ومرفوض!" 

قبل أن أترك مقعدي، يضغط على يدي بحرارة ويحييني، يعلن عن خجله مما سمعه؛ اسمه شلومو، وهو محام من تل ابيب كان ينتظر دوره في القاعة، سمع وآخرين قصة عمر البرغوثي وخجل. إنهم يا عزيزي، هكذا أجبته، يتصرفون كأبناء هذا المجتمع وليسوا كبُناته، لقد أضاعوا فرصة أن يكونوا بنائين صالحين وحماة لقيم الإنسان، وهذا ما يخيفني. وافقني، ومضى، حين كانت عيون البعض تطير صوبي كسهام كانوا يتمنون أن تكون مسكوبة من حديد مسمّم.
 يد النائب العام تمتد وبشبه تعزية وتقدير يشد على يدي ويتمنى أن يخسر قضاياه في المستقبل بمثل هذه العزة والكرامة، ويؤكّد  أنه لن ينسى هذا اليوم، وسيتذكر دومًا ذلك العمر. كان النهار باردًا ورمليًا، ووجه عمر أمامي يبتسم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


تطورات خطيرة تنتظر ردّاً فلسطينياً بمستواها بقلم: هاني المصري

تطورات خطيرة تنتظر ردّاً فلسطينياً بمستواها بقلم: هاني المصري

الثلاثاء 02/09/2025 15:20

أعلنت الإدارة الأميركية رفض منح تأشيرات دخول للرئيس محمود عبّاس والوفد المرافق له لحضور الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، عقاباً على سلسلة...

إخوة وأكثر  إلى إخوتنا الدروز في فلسطين والجولان… أنتم الهوية والقصيدة  بقلم: رانية مرجية

إخوة وأكثر إلى إخوتنا الدروز في فلسطين والجولان… أنتم الهوية والقصيدة بقلم: رانية مرجية

الأثنين 01/09/2025 20:38

يا دروزَ الجبل، يا قممًا تعانقُ السماء،

على خطى سير أعلام النبلاء-(1) إعداد: الشيخ أمير نفار

على خطى سير أعلام النبلاء-(1) إعداد: الشيخ أمير نفار

الخميس 28/08/2025 21:19

"وكان من أجلاد الرجال وألباء القضاة، ذا ذكاء وفطنة، وعزيمة ماضية، وبلاغة وهيبة".... "وكانت عالمة فقيهة حجة،  كثيرة العلم"،  أوصاف تواترت في كتب السابق...

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

الأربعاء 27/08/2025 17:45

يُقال إنّ الكلمة هي الجسر الأول الذي يعبره الإنسان نحو العالم. ومن دونها، يبقى العقل أسيرًا لصمته الداخلي، يختزن الأفكار والمشاعر دون أن يجد لها منفذً...

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

الأثنين 25/08/2025 20:43

كلنا نعيش على شاطئ واحد، نتشارك نفس الرمل ونواجه ذات البحر، لكن كل واحد منا يبني مركبه في زاوية منعزلة، يظن أن الريح ستدفعه وحده نحو برّ النجاة.

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

الأحد 24/08/2025 21:12

لم يعِ وحيد نفسه، كيف فزّ من سريره مهرولا نحو مكان الاختباء، الذي صممه لنفسه بحيث لا يتسع لغيره، ولماذا يتسع لآخرين طالما أنه يعيش لوحده في البيت.

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

الأربعاء 13/08/2025 21:13

تناقضات الحاضر في عصرنا الحديث، رغم اتساع المساحات المادية من حولنا، تشهد حياتنا تناقضات داخلية عميقة

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

الخميس 07/08/2025 20:00

بعدما بدت الصفقة الجزئية بشأن غزّة في متناول اليد، وتضاءلت فجوات الخلاف حول خرائط الانسحاب ومفاتيح الأسرى والمساعدات الإنسانية والضمانات، فجّر المبعوث...

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

الأحد 03/08/2025 21:35

في عالم كرة القدم، لا تكفي المهارات الفردية لتحقيق الفوز؛ فالفريق بحاجة إلى لغة موحدة، يفهمها الجميع دون كلمات، وتُترجم إلى حركات، إشارات، ومواقف جماع...

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

الثلاثاء 29/07/2025 21:25

منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 حزيران/يونيو 2007 حين نفذت انقلابا، فيما سُمي منها بـ"الحسم العسكري"، دخلت الساحة الفلسطينية في حالة انقسام سيا...

الأكثر قراءة

ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفوج ال 70

الأثنين 25/08/2025 22:13

ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفو...
انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة الابتدائية على اسم الشاعر سميح القاسم في الرامة

الخميس 21/08/2025 19:54

انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة...
هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

الأثنين 25/08/2025 20:43

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة...
مصرع الشاب كاظم خليلية في حادث طرق على شارع 6 قرب باقة الغربية

الأثنين 25/08/2025 15:51

مصرع الشاب كاظم خليلية في حادث طرق على ش...
الأغذية العالمي يدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تفشي المجاعة في غزة

السبت 23/08/2025 15:58

الأغذية العالمي يدعو لاتخاذ إجراءات عاجل...

كلمات مفتاحية

مريانا جوليانا ايهاب حنا منوعات ترفيه تكنولوجيا شاشه اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه سياسه زلزال ضخم تشيلي محاومون من اجل ادارة سليمة نضال حايك مجلس البعينة نجيدات اعتقال عيلبون تزوير أعراض انفصام الشخصية حماس اعدام تجسس شاب حاول قتل والدته غزة تمرين صفارات انذار
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development