مخطئ من يظن، ولو للحظة واحدة، ان النقب ما زال مخزناً للاصواتالانتخابية، ومرتعاً للشعارات والمزايدات السياسية المتكررة، اذ انالظروف التي يمر بها اهل النقب نتيجة تضييق الخناق الحكومي المتعمد قد أدت الى حالة من الاحتقان المتكدس والذي قد ينفجر بلحظة واحدة وغير متوقعة كبركان لن تخبو حممه ابداً.
حادثة الباص التي اودت بحياة ثمان شهيدات لم تكن حادثة مآساوية كالحوادث التي اعتدنا كشعب منكوب مشاهدتها، وانما تسببت بتركيزالاضواء على الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الاخوة العرب في الجنوب الذين لا يكافحون من اجل لقمة العيش فقط، وانما من يناضلون بشكل يومي للتشبث بارضيهم، ومن اجل توفير المأوى الذي يتناسب مع ادنى متطلبات الحياة العصرية.
وما يحدث في النقب لا يترك أي مبرر امام حكومات اسرائيل المتعاقبة وهي تتحمل مسؤولية تضييق الخناق على جزء كبير من مواطنيها، وهي غارقة حتى النخاع بتكريس الظلم الممنهج والعنصري ضد هؤلاء المواطنين من أعلى رأسها وحتى أخمص قدميها.
وفي هذه الحالة، وعند غياب الدور الايجابي للسلطة المركزية، لم يتبقى امام اهل النقب في صراعهم من اجل البقاء الا وسائل النضال من العمل الشعبي السلمّي، والاتكال على القيادات العربية التي يُحتم عليها واجبها وعلى عاتقها تقع مسؤولية الاهتمام بشؤون هذه الفئة الكبيرة من المجتمع العربي وتوفير الموارد المتنوعة مالية كانت ام بشرية او قانونية لمساعدة هؤلاء المظلومين على الارض من اجل الصمود والاستمرار بنضالهم السلمي والقانوني حتى انتزاع حقوقهم وحتى ادنى مقومات العيش بكرامة.
ولكن، وللاسف، لم تُوضع قضية النقب على رأس سلم الاولويات ولم يبذل الجهد المطلوب كي تتصدر مجريات الاحداث اليومية، ويرى الكثير من النقباويين ان القيادات العربية لم تكرس الوقت الكافي الذي يتناسب مع حجم قضيتهم كي تبقى في مقدمة اهتمام الرأي العام المحلي والعالمي بشكل متواصل، وان هذه القضية لم تحظ بالاهتمام المناسب حتى عشية أي حملة انتخابية للكنيست، وحتى الآن ورغم الانتخابات لم نلاحظ زخم هذه القضية تتصدر اعلانات الدعاية الانتخابية الاحزاب الفاعلة على الساحة في مجتمعنا العربي، وكأن لسان حالهم يقول بان الصوت النقباوي "مضمون" في الجيب والصندوق.
ولكن ما لمسته "مؤخراً"، فان النقب يشهد صحوة البحث عن الذات والاستقلالية بالقرار، وأن رياحاً محلية تحمل سمات السعي عن تغيير الواقع واسترداد الحق الذاتي بتقرير المصير ايماناً منا بالقول "ما بيحك ظهرك الآ ظفرك.".
نحن في حزب "الامل للتغيير"، بعد ان قمنا بدراسة شاملة عن النقب واوضاعه، قد وضعنا برنامجاً عملياً لمعالجة قضية النقب ومؤازرته بالحفاظ على هويته وكينونته، والعمل من اجل تطويره وايجاد الحلول لمشاكله، اذ ان الاهل في النقب سئموا االشعارات المهترئة والمزايدات الجوفاء، وترديد الشعارات المهترئة، وتوقفوا ايضاً عن قراءة بيانات الشجب والاستنكارات. والاهل بالنقب يريدون قيادة تُمثله وتعيش معاناته وليس قيادة تُمثل عليه ولا تلامس احذيتها ترابه الآ في شهر الانتخابات ، أو عند وقوع المصائب لالتقاط الصور وخطف الاضواء في الاعلام.
النقب يطمح لقيادة تعرف أن النقب ليس منسفاً وانما قضية مقدسة. ونستنكر عدم اهتمام الاعلام الاسرائيلي بقضايا النقب وبشكل مخزي لم يهتموا بالحادث الاخير بالرغم من انهم لو كان المصاب بتل ابيب لكانت الحملات الاعلامية تحاكي الابن والزوج والاخ وتصل لكل بيت ما لم يحدث بحادث الشهيدات النقبيات.....
[email protected]