عاد إليّ صديقي، بعد أيام على حوارنا الأخير، مشيرا إليّ قبل أن يصل، ففهمت منه أنه لن يواصل حاليا من النقطة التي وصلنا إليها في حوارنا السابق، ولما اقترب بادرته مستفسرا عن تغيير موضوع حواره، فلم يتأخر بالإجابة:
-
ما زلت أجمع المعطيات الضرورية، قبل التجني على أحد أو التوصل الى استنتاجات خاطئة.
وأكد لي صديقي أنه لم يتنازل عن بحث الموضوع ولكن ينوي ذلك بدقة وترو نظرا لحساسيته، وافقته الرأي وسألته عما يعتمل في داخله في هذه الأيام، فلم يتردد بالقول:
-
اسمع يا صديقي، ربما ما سأقوله ليس جديدا زمنيا أو طرحا، لكن بما أننا في مرحلة مراجعة النكسة التي حصلت لنا في الانتخابات الأخيرة، فانه يجدر بنا فتح الأوراق لمحاسبة المسؤولين، وأبدأ ببعض التصريحات البائسة لبعض رؤساء القائمة المشتركة بشقيها السابقين، والتي ساهمت في النكسة المذكورة.
وكي أجعل النقاش حيويا حاولت استفزاز صديقي قائلا:
-
لكن مالك ولهذا الموضوع، ألم تشاهد بالأمس المصافحات المتبادلة بل والعناق بين رؤوس القائمتين، فلماذا تعيدنا الى الحساب، ألا يجدر بك أن تمنحهم فرصة؟
أجابني صديقي ببرود أعصاب على عكس ما توقعت:
-
هذه الحركة بالذات تستدعي اجراء المساءلة لهم، هل يحق لهم أن يتخاصموا ساعة يشاؤون ويتصالحوا وقتما يرغبون؟
فاستسلمت قائلا له:
-
هات ما في جعبتك!
-
لنبدأ أولا بالنائب منصور عباس الذي عمل على فك الشراكة في المشتركة، ليس صدفة أو نتيجة ردة فعل أو غضب آني، بل عن وعي وادراك وتخطيط محكم.
-
وكيف ذلك، وما هو دليلك؟
-
عد معي إلى لقاء أجراه الصحفي نير غونتج، في ملحق "هآرتس" الأسبوعي مع منصور، ونشر بتاريخ يوم 30/10/2020 أي قبل خمسة أشهر من الانتخابات، حيث وجه له سؤالا خبيثا "هل تتعهد أن لا تصل الى وضع تحل فيه المشتركة؟" وهذا قبل حل المشتركة وقبل أن تستفحل الأزمة ويحتد النقاش، فرد عليه عباس: أيّ سياسي يمكنه أن يلتزم أمامك بخصوص المستقبل؟
-
هل تريد أن تقول لي أن عباس كان قد اتخذ القرار بفك المشتركة، أو الانفصال عنها على أقل تقدير؟
-
أجل اذا لم يكفك هذا اسمع ما قاله في نفس اللقاء: " في المواضيع الدينية أنا يميني، لدي لغة مشتركة أكثر مع شاس ويهدوت هتوراة مما مع ميرتس وكاحول لفان".
-
وهذا يفسّر عدم رغبته في التوصية على لبيد، المعروف بآرائه المعارضة للأحزاب الدينية وطروحاتها الغيبية؟
-
بالضبط وهناك الكثير يمكن أن يقال، لكن مراعاة لظروفك فلن أثقل عليك، ودعني أنتقل لرئيس القائمة المشتركة؟
-
تقصد أيمن عودة، ماذا أخطأ هو الآخر؟
-
للأسف لقد باعنا الأوهام، وبقي حتى اللحظة الأخيرة يوهمنا أن نتنياهو لن ينجح بتقسيم المشتركة كما فعل مع باقي القوائم، وأبرز مثال على ذلك كان "كاحول لفان".
-
وكيف ذلك يا صديقي؟
-
لقد أعلن مرارا وتكرارا أن نتنياهو سيفشل في هدفه وستبقى المشتركة موحدة ومتماسكة، وعندما بدا انفصال منصور وجماعته أكيدا، قام عودة بزيارات مكوكية لقيادات الحركة الإسلامية متباكيا على أبوابهم في محاولة لاستدرار عواطفهم، لكنه فشل دون أن يكاشف الجماهير بالحقيقة، بل استمر في زرع الأوهام واطلاق التصريحات المطمئنة حتى الأسبوع الأخير، ألا يحق لنا مساءلته على نهجه؟ بل مساءلة القائمين على الحملة الانتخابية الإعلامية في المشتركة؟
-
بماذا أخطأوا هم أيضا؟
-
لن أعدد لك الأخطاء لكن أكتفي باشارة واحدة، حيث ملأوا صفحات التواصل الاجتماعي بصور من لقاءات لنواب المشتركة في حلقات بيتية وكتبوا تحت الصور اسم البلدة موصولا بشعار ".... دائما مشتركة". بربك هل هذا كلام مسؤول، متى رأيت بلدة أو مدينة تؤيد قائمة واحدة وتصوت لها بشكل مطلق؟ لماذا هذا الاستغباء والتضليل، والذي جعل كثيرا من الكوادر لا تعمل ولا تنشط في يوم الانتخابات، أضف الى ذلك الكلام البائس عن تحول الحلقات البيتية إلى اجتماعات جماهيرية وشعبية، والجميع يعرف مدى الكذب والتمويه في ذلك الكلام.
-
ومن أخطأ من قادة المشتركة بعد؟
-
خذ د. جمال زحالقة رئيس حزب التجمع، والذي تباهى دائما أنه من بناة المشتركة؟
-
ما به هو الآخر، هو ليس نائبا؟
-
لكنه رئيس حزب ويتحمل مسؤولية تصريحاته وأذكرك أنه قال أكثر من مرة، بأن أي طرف ينفصل عن المشتركة ويعمل على انقسامها، فان الجماهير ستعاقبه، أي ستحجب عنه الأصوات ويفشل عندما يخوض الانتخابات منفردا. وكلما سمعته انتابتني الحيرة، هل يعقل ذلك؟ من المعروف أن لكل حزب أعضاؤه وجمهوره الذين لا يتخلون ببساطة عن حزبهم وتوجهاته، ويؤيدونه أينما توجهت مراكبه!
-
أي أنه ساهم في تضليل الجمهور العام برأيك، وساهم في التمويه.
-
نعم. وأظن أنه علينا الاكتفاء بذلك اليوم.
وهنا استوقفته قائلا:
-
أراك لم تأت على ذكر أحمد طيبي؟
-
وماذا تريدني أن أقول، يكفي أن أذكرك بأنه منذ أكثر من عشرين عاما وهو على رأس حركته يمثلها في الكنيست، ألا يكفي هذا لمحاسبته ومساءلته؟
[email protected]