عزت أوساط عراقية مطلعة انقلاب مواقف رجل الدين العراقي مقتدى الصدر من الحراك الشعبي إلى وعود إيرانية بدور ما في مرحلة ما بعد رحيل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في النجف، التي يبدو أنها باتت قريبة وفقا لبعض المؤشرات.
وحتى شهور خلت كان أنصار الصدر صداعا شيعيا عراقيا في الرأس الإيراني، كما ظل زعيم التيار الصدري يسوق لوجود مسافة بينه وبين إيران، لكنه تحول فجأة إلى حليف لها لا يتردد في عقد اجتماعات ويلتقط صورا مع زعماء ميليشيات لطالما عاملهم باحتقار واعتبرهم عملاء بلا قيمة واتهمهم بارتكاب أعمال عنف طائفية وسرقات بحق أموال عامة وخاصة.
فاروق يوسف: إيران أوهمت مقتدى الصدر بأشياء كثيرة حين استقبله خامنئيفاروق يوسف: إيران أوهمت مقتدى الصدر بأشياء كثيرة حين استقبله خامنئي
ولا تستبعد الأوساط أن يكون للأمر صلة بالنقاشات التي تدور منذ مدة، بشأن الشخصية التي يمكن أن تخلف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الطاعن في السن، الذي خضع مؤخرا لعملية جراحية معقدة قد تكون لها بعض المضاعفات على رجل بعمره.
وتلمح مصادر على صلة بهذه النقاشات إلى أن إيران ربما قايضت موقف الصدر بوعد يتعلق بمستقبله السياسي ودوره في الحوزة الشيعية في النجف، كأن تساعده على الصعود إلى مرتبة تسمح له بالتأثير في عملية اختيار المرجع الشيعي الأعلى الذي سيخلف السيستاني.
وبالرغم من أن الصدر هو أحد أول المشاريع التي استثمرت فيها إيران داخل العراق، لاسيما من خلال مد ميليشيا جيش المهدي التي تتبعه بالسلاح والمال خلال حقبة الحرب الطائفية في 2006، إلا أن زعيم التيار الصدري لم يكن حليفا موثوقا به لدى طهران، لكنها وجدت أنها تحتاج له في المرحلة الحالية التي تشهد مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة، لعل العراق أهم ساحاتها حاليا.
ويقول مراقبون إن طهران ربما أغرت الصدر بدور كبير في النجف بعد حقبة السيستاني، وهو ما يفسر انحيازه المفاجئ للمحور الإيراني، وقيادته حملة شعبية مناهضة للوجود العسكري الأميركي في العراق.
ويستند هذا التقدير إلى حقيقة أن شركاء إيران الحاليين في العراق أوشكوا على خسارة كل شيء، لأنهم في الغالب يعتمدون على نفوذ السلاح الذي يمتلكونه، من دون أن تكون لديهم قواعد شعبية واضحة، بخلاف الصدر.
وانتظرت إيران حتى أوشكت التظاهرات العراقية على الإطاحة بجميع حلفائها في العراق، لتباشر عملية سحب الصدر إلى جانبها، بعد أن كرست ماكينتها الإعلامية الكبيرة جهودها لتثبيت فكرة أن الولايات المتحدة هي المتحكم في توجهات حركة الاحتجاج.
ولم يتردد الصدر في تلقف هذه الفكرة ومحاولة استخدامها كغطاء للانقلاب على التظاهرات بعدما كان أحد أبرز داعميها.
وفي إحدى رسائله الأخيرة، طالب الصدر المحتجين بإعلان براءتهم من الارتباط بالولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال، لكنه قال لهم في الوقت نفسه إنه لا تصح الإساءة إلى دول الجوار، في إشارة إلى إيران.
ولم يفعل الصدر أكثر من استنساخ خطاب الميليشيات العراقية التابعة لإيران، التي تتبنى شعارات “إخراج المحتل” وهو الولايات المتحدة، والانفتاح على الشقيق في المذهب وهو إيران.
لكن ردة فعل الشارع العراقي إزاء انقلاب الصدر كانت صامدة، وحطمت فكرة أن التيار الصدري هو الوحيد القادر على تحريك تظاهرات مليونية.
[email protected]