لقد فشلت الحركات الموالية لإيران في إدارة الشأن العام في كل من لبنان والعراق، فهذه الحركات التي كان لها تأييد شعبي في أوساط الشيعة، أصبحت تواجه هجومًا شديدًا بسبب فشلها في تصريف شؤون الدولة، ورأينا كيف أن هذه الحركات أخذت تستقوي بالسلاح لوأد الغضب الشعبي ضدها.
يرى البعض أن انتماء هذه الحركات عابر للحدود الوطنية ومعادٍ للنزعة الوطنية داخل القطر العربي، فهي تستقوي بالمرجعيات الدينية والدعم الإيراني، وفي المشهد العراقي على سبيل المثال لم تلتفت الجماهير لاستقالة رئيس الحكومة عبد المهدي، لمعرفة الجماهير أن هذه الاستقالة لن تنهي النفوذ الإيراني ولا مرجعياتها، ولن تقتص للقتلى الذين سقطوا بيد قناصة مجهولي الهوية، كما أنها لن تضع حدًا لمربع الفساد المتمثل برئاسة الحكومة والدولة والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى. وعليه فالجماهير في العراق تطمح إلى تعيين بديل مستقل لرئيس الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة تضمن الإطاحة بهذا المربع الفاسد والمتمسك بالحكم منذ 16 سنة، على أمل إنهاء المحاصصة الطائفية التي أوجدتها هذه الطبقة وإنهاء التغول الإيراني والتحكم بجميع مفاصل الدولة.
هذه الحركات وأتباعها يقدمون المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، ففي الوقت الذي صمتت به الحركات الشيعية اللبنانية المشاركة في السلطة على الفساد الموجود داخل السلطة، استحوذت الحركات الشيعية في العراق على المراكز الحساسة في الدولة واستنزفت ثروات العراق.
إن مشهد الفساد الموجود داخل السلطة في العراق ولبنان هو نموذج مطابق للنموذج الذي يطبقه حكم الملالي في إيران، فمن جانب تضخم الثروات بيد المرجعيات الدينية والساسة الموالين لهم على حساب الشباب حملة الشهادات الذين لا يجدون فرص عمل بسبب انهيار القطاع الخاص وعجز المؤسسات الحكومية في توفير فرص عمل لهم، كل ذلك أدى الى توجيه هؤلاء الشباب جام غضبهم إلى مصدر الفساد الحقيقي ألا وهو هذه الحركات وحلفائها خارج القطر العراقي واللبناني.
المشروع الإيراني في المنطقة العربية يحاول أن يفرض أجندته الإقصائية في المنطقة بقوة السلاح، وهذا لن ينجح لسببين رئيسيين، الأول يكمن في وجود التنوع العرقي والديني في المنطقة، والثاني أن إيران وحلفاءها من الحركات الشيعية هم طائفة تشكل ما لا يزيد عن 10% مقابل أمة إسلامية سنية يصل تعدادها مليار ونصف مليون مسلم سني. المشروع الإيراني لن ينجح في ظل بيئة شعبيه تطمح الى نظام مدني يحقق العدل والمساواة ويتيح الحريات العامة والعيش الكريم.
[email protected]