لا يزال جنيد هيمو لا يصدق لقاءه قبل عشرة أيام بأحد الجهاديين الشرسين الذين يحاصرون بلدته كوباني، عين العرب، وكيف "توسل إلينا ان نقتله كي يذهب الى الجنة لينال ثوابه".
وعلى رغم المعارك الطاحنة في المدينة، لم يقرر هذا التاجر الكردي المغادرة الى تركيا الا الأسبوع الماضي.
ففي حديقة المركز الثقافي لمدينة سروج الحدودية التركية التي لجأ اليها، روى هيمو بنبرة رزينة شبه باردة، قصة لقائه المفاجئ بأحد "أوغاد" تنظيم "الدولة الاسلامية"، كما وصفه. وروى متذكراً أنه كان "أذرياً في العشرين من العمر، وخاطبنا بالعربية، وقد اعتقلناه في الشارع".
وبخلاف الآخرين، لم يحمل هيمو السلاح في صفوف وحدات الدفاع الشعبي، الميليشيا الكردية المسلحة الرئيسية في سوريا، لمواجهة تقدم مقاتلي التنظيم المتشدد في المدينة. لكنه بقي قريباً من مواقع المواجهات، وزود مجموعة من "المقاومين" بالمياه والغذاء.
في ذاك اليوم، كان معتقلهم الملتحي "نتناً جداً" على ما وصفه هيمو باسماً، وأطال الشرح لمعتقليه أنه أتى الى كوباني "لتخليصهم من الكفر".
سألوه لماذا يهاجمهم مقاتلو "الدولة الإسلامية"، فأجاب :"أنتم كافرون، وتلقينا أمراً بإعادتكم إلى الإسلام الصحيح". وأضاف هيمو :"هم يعتبرون ممتلكاتنا ونساءنا وبناتنا حلالاً لهم"."
لكن المقاتلين الأكراد أرادوا أن يثبتوا له أنهم يشاطرونه دينه، فاصطحبوه الى أحد مساجد المدينة. بدأت حينئذ جلسة مذهلة من النقاش وسط دوي رصاص الكلاشنيكوف وطلقات الهاون في مدينة تمزقها الحرب.
لكن محاولاتهم لم تجد، بحسب هيمو، فقد أصر الجهادي على موقفه وبقي تحت مراقبتهم الدائمة.
ويروي هيمو :"حاولنا عبثاً إعادته إلى المنطق، لكنه لم يرد الأصغاء. أكد لنا تكراراً أننا كفار، وهو يريد الذهاب إلى الجنة حيث سيغنم 40 حورية وُعد بهن".
حتى عندما قدم له المقاتلون الأكراد الطعام والماء، رفض الاذري بعناد، مؤكداً انه إن نجح في الفرار، فسيعود للقتال مثل "إخوانه".
حتى اللحظة لا يفهم هيمو تعنت الرجل. وقد قال لهم مراراً :"أنا سعيد لأن إخواني الذين قتلوا باتوا شهداء، أريد ملاقاتهم في الجنة".
وأكد هيمو ان مقاتلي وحدات الدفاع الشعبية كانوا يريدون في البدء إبقاء الاذري معتقلا لديهم. لكن تعنته وأعمال العنف الانتقامية التي نفذها نظراؤه بحق مدنيين، لم يتركوا لهم خياراً. رصاصات في الرأس قتلته. وفي ما بدا تبريراً قال هيمو :"على كل حال، غسلوا دماغه...ولم يكن يخشى الموت".
[email protected]