- نظّم المجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني-حيفا بالتعاون مع النادي الثقافي حيفا واتحاد الأدباء الفلسطينيين أمسية أدبية ثقافية وذلك يوم الخميس الماضي الموافق 2/10/2014 حضرها كوكبة من الكتاب والشعراء والعشرات من المهتمين بالأدب والنقد الأدبي المحلي من مدينة حيفا والمدن والقرى العربية المجاورة. في ما يلي نقتطف بعضًا مما ورد من كلمات المشاركين في الندوة.
- افتتح الأمسية الأستاذ المحامي فؤاد نقارة: مرحبًا بالحضور ومتمنيًا للجميع أمسية ناجحة ومفيدة، حيث أكّد على أهمية نشر الثقافة والوعي من خلال الاستمرار في عقد مثل تلك الندوات لما فيها خير وصالح شعبنا كأفراد ومجتمع على حد سواء، ثم قدّم عريف الأمسية الشاعر مفلح طبعوني.
- بدأ الطبعوني كلمته قائلاً: "لم يفلت طرف الخيط من الدكتور محمد خليل فعرض وفكّك في مختبره "أوراق نقدية"، والتي قارب فيها أوراق الأدب لأوراق النقد، ليحلل الانتاجات الأدبية التي تواصل معها خلال فترة ليست بقصيرة بدأها بالتراجم ومن ثم الأدب العربي مرورًا بالمراجعات الأدبية والقراءات الشعرية وصولاً الى الفصل الخامس الأخير، "المقالات الأدبية".
وتابع: "أبحر – د. محمد خليل – في لغة الشعراء بين أفق النص وأفق المتلقي وأكد على أهمية توظيف الموتيفات في النصوص الابداعية بعيدًا عن الغموض المغرق والوضوح المفرط"! ثم قدّم المشاركين في الندوة.
- الشاعرة وفاء بقاعي عياشي: مساء الخير.... مساء يطيب بالحرف والكلمة الراقية. لا بد من كلمة بحق الكاتب: لست من تجامل، بل تقول ما تراه عينُها ويحلّله فكرُها.
تعرفت عليه قبل عشر سنواتٍ ونيّف، كان أستاذي في الكلية، أشاد بحرفي ومنحني الدعم والثقة بما أكتب، متواضعًا محبًا للغير، ولا أنسى قوله لي ذات مرة: "ألا يتفوق الطالب على معلمه" هذا دليل على صدقه ودعمه لطلابه. وأنا أقول لك لا يعلو الحاجب فوق العين أستاذي الفاضل.
وهو الحريص كل الحرص على الإرث الثقافي، يعمل ويبحث ليلاً نهارًا من أجل دعم المسيرة الثقافية وتوثيقها. شكرًا لك أستاذي على ثقتك بي لأتحدث عن كتابك هذا.. الذي تناولت به مسيرة طويلة لكوكبة من أدبائنا منذ ما قبل النكبة وما بعدها .
أوراق نقدية " مقاربات نقدية في الأدب والنقد " كتاب يحتوى على خمسة فصول، وكل فصل يتناول به العديد من الرؤى والقراءات الأدبية والدراسات، التي ستكون المرجع الثّمين الغنّي لطلابنا في الجامعات والكليات، وكان لي الشرف أن أكون في مضامين الفصل الرابع، ضمن دراسة استقرائية لقصيدتي "الطفل الفلسطيني والعيد" من كتابي الأول "ما وراء ديمة " وهذا بدون شك تقدير من جانبكم لما يخطه قلمُنا ونحن من طرفنا نثمن مجهودكم عاليًا.
- المهندس والكاتب نادر سروجي: لست كاتبًا ولكنني سأحدثكم الليلة عن غربال جدتي وعلى ما أظن تعرفون هذا الغربال من جداتكم أيضًا. فكانت تستعمله لتغربل القمح من الزؤان، الحب الحقيقي من الحب المزيّف. هل الكتابة عمل يشترك فيه الجسد كله: لمسًا وسمعًا وبصرًا وشمًا وذوقًا؟ ولذا فهل الولوج إلى فكفكة الكتابة وتذوق نكهتها يحتاج إلى هذه الحواس كلها أم بعضها؟ هل نحن أمام قراءة تعمل على وضع أسس جديدة لا تحدد فيها هوية الإنسان بانتمائه إلى عرق أو دين، إنما بانتمائه إلى الكينونة الإنسانية بوصفه كائنًا إنسانيًا لا إمام له إلا العقل، كما عبّر عن ذلك الشاعر العربي أبو العلاء المعري.
عزيزنا د. محمد: أديبًا وناقدًا ومبدعًا ودكتورًا.. إذا كان الإبداع نقدًا، فإن في كل نقد حقيقي بعدًا إبداعيًا. وهل نقدك إذًا ليس إلا نوعًا من الضوء تشعله أمام الكتّاب والأدباء والشعراء والمفكرين؟
- · الأديب والمربي فتحي فوراني:
جاء في تراث جدنا ابن منظور في "لسان العرب" ما يلي:
ألنقد: هو تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها. وبعبارة أخرى..ألنقد هو الفصل بين القمح والزؤان.
وبين البدايات والنهايات المؤقتة وغير النهائية.. جرت مياه كثيرة في نهر الأردن.. فنشأت مذاهب ومدارس نقدية كثرت أسماؤها وتعددت معانيها حتى وصلت إلى شواطئ النقد الحديث.. وهي أيضًا شواطئ مرحلية متحولة وغير ثابتة وغير نهائية ومتجددة بتجدد الحياة.
والعملية النقدية مَهمّة خطيرة ومسؤولية ذات مرتبة عليا.. يحتاج من يضطلع بها إلى ثقافة واسعة تشمل الاطلاع على الأدب والشعر والمسرح والرسم والموسيقى والفلسفة والفن وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم الإنسانية وألوان المعرفة العديدة..
أمامنا مائدة نقدية تزينها لافتة كتب عليها "أوراق نقدية". يقدمها لنا الدكتور محمد خليل ويكون دليلَنا السياحي في رحلة إلى ربوع الأدب والنقد..
نلتقي في المحطة الأولى بتراجم الأدباء الفلسطينيين..نلتقي إحسان عباس وأبا سلمى وإميل توما وتوفيق فياض..ومن ثَم ننتقل إلى الرواية والقصة القصيرة، فنحضر "عرس الزين" في الريف السوداني..ثم ننزل في أرض البرتقال الحزين..فنركع وننحني ونقبّل تراب يافا وعطر برتقالها الذي يملأ الدنيا.. ثم نتوقف عند غابة "الهذيان" تحاصرها غابات من علامات التعجب والسؤال..
نستريح قليلا تحت شجرة صنوبر..فنشرب جرعة ماء من نبع زمزمي..ثم نواصل المسيرة..ونحطّ عصا الترحال في الجامعة..فنرى أمامنا مشهدًا مثيرًا..وتكون المداهمة!
نداهم عميد الكلية الجامعية ويُضبط المنظر في حالة تلبّس! إنه يراقب الطالبة الجامعية ويضبطها وهي في حالة تلبّس!..إنها تدخن..وتستمتع!!إنه لقاء مع كوكبة من المبدعين الطيب صالح ونجيب محفوظ وغسان كنفاني ويوسف إدريس.
ثم ندخل إلى دائرة القصة القصيرة.. فنلتقي مع محمد علي طه وزكي درويش وناجي ظاهر ومحمد حجيرات ونبيل عودة وفوزي أبو بكر.. ثم ننتقل إلى المراجعات الأدبية فنلتقي أحمد سعد وياسين كتاني وعبد العزيز أبو إصبع وسعيد نبواني..
أما الفصل الرابع والأخير فيكرسه الناقد لقراءات شعرية، نلتقي فيها محمود درويش وفهد أبو خضرة ورشدي الماضي ومنير توما وعطاف مناع ونمر سعدي ووفاء بقاعي عياشي
ويكون مسك الختام الفصل الخامس للمقالات الأدبية التي يقارب فيها الكاتب مواضيع أدبية عامة.
أيها الإخوة
نحن أمام ناقد مثقف ينهل من الينابيع النقدية على مختلف هُويّاتها..ويواكب الإصدارات الأدبية الفلسطينية في هذا الوطن.. ويرصد ما يصدر من إبداعات في العالم العربي..ويتمتع باطلاع واسع على المدارس النقدية وعلى آراء كبار النقاد العرب والغربيين. إنه ناقد موضوعي وعميق التحليل ويتمتع بمسؤولية نقدية وأخلاقية عالية..
يعمد الناقد إلى الآراء المختلفة ويحللها فيثبت ما يرى ويرفض ما يرى..كما نلمس في تحليله لقصة "الهذيان" لنجيب محفوظ..ثم يخلص إلى رأيه الخاص بعد الغوص في التحليل والمقارنة ومناقشة الرأي والرأي الآخر.
ناقدنا ذواقة يتمتع بذائقة فنية تجيد تسليط الضوء على مَواطن الجمال في النص الإبداعي.. وهذا ما تحفل به النصوص النقدية في "أوراق نقدية".
يلتزم المؤلف النقد الموضوعي بعيدًا عن الهوى.. وينحو منحى التقييم الموضوعي موصلا إلى التقويم الذي يضيء الطريق أمام النص لإيصاله إلى شاطئ الأمان الفني.
أما همّ الإبداع الفلسطيني فهو ما يشغل بال ناقدنا..وهو ما يغطي القسم الأكبر من "الأوراق النقدية".. وإذا نظرنا إلى خارطة المبدعين في هذا الوطن.. نرى أن القنديل النقدي الذي يحمله أبو إياد.. لم يكتف بالإضاءة على الأقلام البارزة التي تحتل مركز الخارطة الأدبية.. بل أولى اهتمامه بالأقلام الموهوبة والواعدة التي تعيش في الظل وعلى هامش الخارطة الإبداعية.. ولا تجيد المزاحمة لشقّ طريقها وسط الزحام الأدبي وصولا إلى دائرة الضوء..
وفي هذا وذاك يلتزم أسلوبًا رزينًا متواضعًا بعيدًا عن الأستاذية والاستعلائية التي يبرع فيها بعض الطامحين إلى التزيّي بزيّ النقاد..ويكون نصيبهم لا يسمن ولا يغني من جوع
عزيزنا الدكتور محمد خليل.. شكرًا لك على هذا العمل القيّم الذي يثري خارطة النقد الأدبي في هذا الوطن..
- د. محمد خليل: بداية أنوِّهُ بضرورةِ أن يتسع صدرُنا جميعًا بالاستماع لآراء بعضنا البعض بروح ديمقراطية ورويةٍ عقلانية وأناةٍ معرفية، فاختلاف الرأي يجب أن لا يفسدَ للود قضيةً كما يُقال. يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير المعروف بمحاربته للتعصب بكل أشكاله: إنّي أخالفُك رأيَك ولكنّي سأدافعُ حتى الموتِ عن حقك في إبدائه! وكان الإمامُ الشافعي سبقه إلى القول: رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأيُ غيري خطأ يحتملُ الصواب! أما أرسطو فكان يقول: من النقاش يخرج النور! فالمسألةُ لا تعدو كونَها وجهاتِ نظر، أو زوايا رؤية قد تختلف من واحدٍ إلى آخر ليس أكثر! فالنقاش والحوار مطلوبان، لكن تحت سماء روح الديمقراطية والاحترام المتبادل! فذاك وحدَهُ كفيلٌ بصقلِ المفاهيمِ والوعي وشرطِ الترقي في مدارجِ العلمِ والمعرفة.
معنى كلمةِ نقدٍ لغةً: تمييز المزيّف من الدراهم من غير المزيف. واصطلاحيًا: قراءةُ النصِ الأدبيِّ قراءةً منتجةً لا مستهلكة بُغية الكشفِ عن أسس هذا النّص ومرتكزاتِهِ المعرفيةِ والمنهجيةِ والجمالية، في ضوءِ أساليبَ أو مناهجَ معينةٍ، ومن ثَمَّ الوقوفُ على مواطن النواحي الفنية التي فيه، إيجابًا وسلبًا.
- ثم فتح المجال أمام الحضور للنقاش والإدلاء بمداخلاتهم وأسئلتهم المتنوعة، مما أثرى اللقاء وزاده حيوية وأهمية.
- في ختام اللقاء تمّ توقيع كتاب "أوراق نقدية" من قبل المؤلف.
[email protected]