الخلافات حقيقة واقعة, كانت وستبقى إلى الأبد, مع وجود الأشرار والمفسدين ومرضى النفوس والطماعين أو الجهل, وقد تحدث اعتداءات وعنف بشتى أنواعه المرفوضة, والقضاء على هذه الآفة كلية ضرب من الخيال, ولا حاجة للمثاليات, ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ) ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما...), ولكنّ واجب الأخيار وهم أكثر, ومنهم المصلحون , أن يفضوا النزاعات بالتي هي أحسن ويمنعوا قدر المستطاع حدوث العنف وتخفيفه إن حدث.
لقد أُمرنا برد الحقوق وحرّم علينا أكل أموال الناس بالباطل حتى لا نفتح باب الشر, فإن لم يستطع المتخاصمان حل الخلاف فيما بينهما فعليهم بالصلح ( والصلح خير ) , فيجب الاحتكام الى المصلحين من أهل الثقة والاختصاص (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ), وذلك منعا لاستمرار الخلاف وتطوره.
إن دور المصلح التوفيق بين المتخاصمين والاجتهاد في رد الحقوق لما فيه خير الطرفين والمجتمع , فلا تفرطوا في الإصلاح وقبول نتيجته, وإن ظن البعض أنه مظلوم , فالخير كل الخير في الإصلاح , فكل مال الدنيا لا يساوي قطرة دم , بالإصلاح كلنا رابحون في الدنيا والاخرة.
ألا وإن الاحتكام واستعمال لغة التهديد وترويع الناس واستخدام السلاح وسفك الدماء لن يجلب لصاحبه أولا ثم المجتمع كافة إلا الدمار والخراب, وسيبوء بغضب رب العالمين والناس أجمعين, وسيتحمل وزر أفعاله في الدنيا والآخرة , ولن يربح بالتالي إلا أعداؤنا.
أيها العقلاء, يا أبناء شعبنا, الوطن أمانة, واستقرار مجتمعنا أمانة, ومواجهة التحديات بوحدتنا أمانة, أرواحنا ودماؤنا وأموالنا ومستقبل أبنائنا أمانة, فلا تقرطوا فيها, لا يسجل التاريخ اسمك في سجل المفسدين.
غلّبوا لغة الحوار وردّوا الحقوق إلى أهلها ورسخوا مبدأ الإصلاح , وليكتب التاريخ أسماءكم في سجل المصلحين ليفخر بكم ابناؤكم ومجتمعكم.
[email protected]