**** آه يا زمن التمني !!!!!
في بداية العام وقفتُ متأمّلاً وصامتاً حدَّ السكينة ، وماذا اكتب عن عام مضى فقد عشناه وجربناه والكل فيه محلل وخبير , وهل ما أكتبُ فيهِ خيرٌ، أم أنّه مجرد كلام ، لن أكتبُ في السياسة فليست لي رغبة بالنقاش ،! إذنْ، سأكتبُ في الأدب، ولكنْ، ليس لديّ من القَصص ما يكفي النصوص والخواطر ، وإنْ كتبتُ في العلم ، فالأمر نخبويّ، ولن يكون الجميع فيه مستبسلا فلكل علمه ومنطقه ، ولا عمقَ لديّ في دروب الفلسفة وان كنت اهواها .
اختلطتْ الأفكار وصارتْ مصدر قلقٍ وإزعاجْ، فقررتُ الشُروعَ بشيءٍ خياليّ وفيه ما فيه من عصف للدماغ.
بدأتُ بالتمنّي، وبدأتُ أجمعُ كلَّ ما يخطر على بالي، ممكنُ الحدوثِ أو مستحيلاً، نافعاً كانَ أو ضارا ، نعم، سأتمنّى، فلم يُصبحْ بعدُ جريمة، سأتمنّى، وإنْ كنتُ في شكٍّ في صدقِ الاسلوب ، وهل هو ناجع ومفيد ام انه اسلوب الضعفاء فالفرق شاسع بين التمني والرجاء والطموح ؟
أتمنّى أنْ لا أرى فقيراً، قلبُه مكسورٌ وطموحه لا يتعدى قوت يومه ، اتمنى ان لا اسمع عن مظلوم ظلمه ابناء جلدته من البشر وان لا يبقى لاجئ يبحث عن مأوى يقيه شر الحروب , أتمنّى , لا حناناً عليه بل رغبة وحبا ان يعيش بكرامة وأمان ، اتمنى ان تزول الحدود والطبقات وان يعيش الانسان حرا بفكره ورأيه , أتمنى ان يحترم الناس معتقدات غيرهم وان لكل اسلوبه ونهجه .
أتمنّى لو ان النكبة لم تحصل وان بلفور لم يكن ، أتمنّى لو أنّ الفلسطيني يستطيع ان يدخل القدس ، ويصلّي الجُمعةَ في الأقصى، والاحد في القيامة ان رغب ومن ثمَّ يجول في أسواقها متمعّناً في بضائعها ، وما فيها من آثارٍ ومَلبَس، ويسكن فيها ان شاء او أي مكان آخر في وطنه ْ،ويجعل بيته الشتوي في بيسان ومصيفه في صفد , وفي طريقه يشرب من عين القسطل في صفورية مارا بالناصرة وكفركنا بلا حواجز , يفطر الزعتر والزيتون في الجاعونه , ويجمع الفطر من الخالصة , أتمنّى لو أنّ الانقسام ضرب من الخيال وكابوس عابر ،! أتمنى فالحُرقةَ أخذتْ مجدها في قلبي، ولا طاقة لي بشيءٍ إلّا في التمنّي، ً.
أتمنّى أنْ أستمرَّ في التمنّي! فمفاهيمُنا امتلأتْ بالعطبْ، والعنف يقضي علينا واحدا بعد الآخر وتشرد سارحا ما قيمة الارض ان لم يبق عليها بشر .أتمنّى ثورةً فكريّة، نغيّرُ فيها أحوالنا الرديّة .
قائمتي تطول، ومن قال أنْ للتمنّي أُفول! فهل لنا بثورة؟ تنسفُ ظلّامنا ومنْ لهم سطوة، فربيعُنا استُغلّ، وثماره ضاعتْ ولم يبقَ لها مَحلّ.
أتمنّى صدقاً بين البشر، وأنْ يكونَ صدقاً في القولِ والعمل، فالحالُ مزرٍ والأمرُ جلل، فالكذبُ صار اعتياديّاً، والصدقُ فينا صار شيئاً اعتباطيّاً، ما الحلُّ وما المخرج؟ وهل نحتاجُ مزيداً من الحقائق والتقصي ؟ لا، فلستُ بصددِ هذا، ودعوني أُكملُ مقالتي بالتمنّي.
تعبتُ من التمنّي، وأسألُ نفسي: هل نسيتُ شيئاً؟ أمْ هل أكثرتُ من التجنّي؟ فإنْ نسيتُ، فعليَّ بعصرِ العقل، وإنْ تجنّيتُ فهذا عاديٌّ، فلم أصلْ بعدُ إلى القتلْ! يقتلون، وببعضهم يُمثّلون، ومن بعدِ ذلك يُكبّرون! وابدا لن تعلمْ إلى أينَ ذاهبون !
آه يا زمن التمني !!!!!
د. سمير خطيب
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]