تعد حرية التعبير عن الرأي حقا من حقوق الانسان الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية والنظم الديمقراطية المتنوّرة، الا أنه شبه مغيّب في النظم الدكتاتورية والفردية في العالم.
انّ حرية التعبير وابداء الرأي بكل شفافية أمر ضروري في المجتمعات، فذاك يساعد على التنمية الاجتماعية والسياسية، لا بل وسيلة مساعدة للمستوى السياسي الحاكم، لتدارك بعض مخرجات سياسات الدولة العامة، وخارطة طريق أصلا لرسم هذه السياسات. لكن هذا الحق على أهميّته وثبوته في النصوص الدستورية لكثير من دول العالم، بخاصة ما يسمى دول العالم الثالث، تحرم منه شعوب هذه الدول، حيث تصادر حرية التعبير، ويعاقب كل من يحاول مخالفة سياسات السلطة وبرامجها، ما يمثّل تعديا صارخا على حق من حقوق الانسان الأساسية والطبيعية.
انّ التاريخ والواقع زاخران بمشاهد كثيرة لمصادرة حرية أصحاب الفكر والكلمة والراي، والزج بهم في المعتقلات، والتعدي عليهم في مشهد لا يمكن وصفه بأقل من وأد للحرية والرأي، بل يصل إلى التصفية بأبشع الطرق فكم من هؤلاء النخب غيّبوا وحرموا من التعبير عن آرائهم لانعدام البيئة المناسبة والحاضنة لهم.
تعود مصادرة حرية التعبير عن الرأي هذه من أنظمة مارقة وغير دستورية ولا شرعية، بل متسلّقة لا تعبّر عن إرادة شعوبها، بل تسخّر ثروات ومقدرات هذه الشعوب لصالحها الخاص، مما يعطّل عجلة التنمية فيها، ويزيد من معدلات الفقر والبطالة والافلاس الاستراتيجي، واحتلال أدنى المراتب في بورصة الشعوب.
صحيح انّ الحرية لها ضوابط وحدود بحيث لا تهدّد أمن البلاد وكشف أسرارها الاستراتيجية ودون المساس بخصوصية وكرامة الغير، إلاّ أنّ ذلك لا يعني أبدا تكميم الافواه، ومنع النخب الثقافية والسياسية والفكرية والدينية من التعبير عن آرائهم حول قضايا أخرى يقدّرها أصحاب الرأي بالمهمة والحيوية.
انّ هذا النمط من التعبير عن الراي يدخل في باب النصح للحاكم أصلا، وبيان للحقائق كيلا يقع مسؤول في المحظور، ومن باب الحرص على المصلحة العامة، وغيرة على الوطن، ودفاع عن الحقوق. فحرية التعبير عن الرأي اذن حق ثابت للفرد والجماعة، لا يجوز التعدي عليه أو تجاهله.
[email protected]