حيفا- أطلق مدى الكرمل - المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية سلسلة إصدارات جديدة بعنوان "دراسات عن إسرائيل" بدأها بكراسة الكترونية رقم 1 عنوانها "طوق أوسلو: تعزيز السيطرة الكولونياليّة الإسرائيليّة!" تضم قراءة في السجال الإسرائيليّ حول "مسار أوسلو"، من تأليف الكاتب أنطوان شلحت.
وأشار شلحت، في تقديم مؤلفه الجديد هذا، إلى أن الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينيّة (في 15 أيّار 2018) سبقت ذكرى أخرى هي مرور ربع قرن على اتّفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة (التي جرى توقيعها في الـ 13 من أيلول عام 1993). وعلى أعتاب هاتين الذكْرَيَيْن، تواترت في إسرائيل ووسائل إعلامها دراسات وتحليلات عدّة تؤكّد أنّ تلك الاتّفاقات مُنِيتْ بالفشل الذريع، ولم تعد حاليًّا ذات صلة بالواقع السياسيّ والميدانيّ المتشكّل، هنا والآن، وأنّ المصطلح "حلّ الدولتين" اختفى من القاموس الإسرائيليّ الرسميّ.
وأضاف أن الكراسة تقدّم عرضًا وتحليلًا لأبرز الوقائع والإحداثيّات المرتبطة بتلك الاتّفاقات ومنطلقاتها وصيرورتها، من خلال الاستناد إلى وسائط المقاربة الإسرائيليّة بهذا الصدد، سواء أكانت متعلّقة بصوغ الأهداف الكامنة وراءها، أو باستخلاص مآلاتها، التي تحيل إلى ماهيّة المفترق الراهن لقضيّة فلسطين، وتحديدًا في سياق العلاقة بدولة الاحتلال والصراع معها.
وقال إن ما تجادل به هذه القراءة بالأساس هو الطرح القائل إن إسرائيل حوّلت "روح أوسلو"، التي جرى تسويقها من جانبها على أنّها سلميّة وتصالحيّة، إلى وسيلة جديدة أكثر إحكامًا لمواصلة الاحتلال في أراضي عام 1967 بُغية ترسيخه. وهي وسيلة ترمي، في العمق، إلى تعزيز السيطرة الكولونياليّة الإسرائيليّة على فلسطين، سعيًا لشَرْعنة هذه السيطرة، وإلى ترسيخ خطاب يَعتبر حلّ قضيّة فلسطين محصورًا في إزالة آثار احتلال أراضي عام 1967 ولا يمتّ بأيّ صلة إلى ما سبق هذا الاحتلال وكان مرتبطًا بالحالة الإسرائيليّة عمومًا وبالصهيونيّة باعتبارها حركة كولونياليّة عنصريّة.
وتابع: تتركّز هذه القراءة في تحليل الغاية الإسرائيليّة الجوهريّة من وراء مسار أوسلو، والجذور اليمينيّة لهذا المسار، وما اصطُلِح على تسميته "إرث رابين" المتعلّق بالمسار المذكور، وكيفيّة ترجمة هذا "الإرث" من طرف الزعماء الإسرائيليّين الذين خلفوا رابين في رئاسة الحكومة الإسرائيليّة، وفي مقدّمهم شريكه في المسار شمعون پيرس، بالإضافة إلى كلّ من بنيامين نتنياهو، وإيهود باراك، وأريئيل شارون، وإيهود أولمرت.
وداخل هذا تتوقّف عند "السلام" الذي جرى ويجري تناوله ارتباطًا بمسار أوسلو ومترتّباته، وأبرز التوصيفات التي تلازمه، ومن بينها "السلام المكسور" وَ "السلام المتخيَّل" وغيرهما، وتفعل ذلك بتوسّع حيال قمّة كامپ ديڤيد التي عُقِدت في الولايات المتّحدة في صيف عام 2000، وانتهت بفشل ذريع حمل أوّلَ نُذُر نهاية ذلك المسار، وحيال ما استتبع تلك القمّة من أكاذيب إسرائيليّة لاتنتهي بشأن ذلك "السلام".
وتشدّد القراءة على أنه كما الآن، فإنّه في مجرى تقويم "مسار أوسلو"، بعد مرور عَقدين عليه قبل خمسة أعوام، رأى بعض الدارسين الإسرائيليّين أنّ إحدى نقاط الضعف الرئيسيّة في العمليّة التي أطلقها تمثّلت في البيئة المساعدة على توسيع المستوطنات، التي خلقها الاتّفاق المرحليّ، وبالأساس من خلال تقسيم الأراضي المحتلّة منذ عام 1967 إلى مناطق (أ)، وَ (ب)، وَ (ج). فالمنطقة (ج)التي تمثّل أكثر من ستّين بالمئة من مساحة الضفّة الغربيّة، تقع تحت سيطرة إسرائيل، المدنيّة والأمنيّة، الكاملة. وهذا التحديد خلق وهمًا استغلّه أيضًا أنصار المشروع الاستيطانيّ، بأنّ هذهالأرض هي مُلك إسرائيل، وأنّ لإسرائيل الحرّيّة الكاملة في أن تفعل فيها ما تشاء. ومن الناحية الفعليّة، حرّيّة العمل التي حوفظ عليها تمثّلت في توسيع المشروع الاستيطانيّ، وفي وضع عراقيلإضافيّة في طريق التسوية. ويعبّر معسكر اليمين الإسرائيليّ، في الحاضر أيضًا، عن هذه الرؤية باقتراحات تدعو إلى ضمّ المنطقة (ج) إلى إسرائيل. وبات من الواضح أكثر فأكثر أنّه لا فرصةللوصول إلى اتّفاق يقبل الفلسطينيّون بموجبه أن يقيموا دولتهم على أربعين بالمئة (40%) فقط من أراضي الضفّة.
[email protected]