موقع الحمرا الخميس 22/05/2025 10:54
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. كلّنا عكا/

كلّنا عكا

جواد بولس
نشر بـ 31/07/2014 11:05

أفقت في ساعة متأخرة لأجد بقايا صبح خالٍ من الندى والأحلام، لا أثر فيه لعصافير قريبة. في الحقيقة لا أتذكر متى كانت آخر مرّة سمعت فيها دوري يغوي صديقته على شرفة شباكي، ولا متى آنستني سنونوة كالتي كانت تستأمن سقف بيت جدّي وتأخذه مأوى لأحلامها ومستقبل بيضها.

حولي صمت صباح عادي ليوم الأحد. في الجو رطوبة ثقيلة ودرجات حرارة تموزية، فعندنا "في تموز بتغلي الميّه في الكوز". أستقل سيّارتي  قاصدًا عكّا، خائفًا من زحام أسواقها الذي قد يحوّل زيارتها إلى رحلة عذاب وندم.

مع تشغيل المحرك استأنفت فيروز غناءها من شريط الأمس: "يا راعي القصب مبحوح/ جاي عبالي شروقي" أعلنت، وعلى بحّة نايها، بسرعة شهقة، نقلتني إلى مدينة "اليود البحري والبهارات"، إلى عكا، المدينة التي تعيش بين موت وموت، وتصمد لأنها خيمة الفقراء وميناء حب البسطاء. فيروز تعرف أنني ذاهب إلى سوقها، أحسّها تبكي بصمت وبصلاة.

في شبابنا كانت عكا "ألمدينة"، وكنا نطير إليها، قرويّين يمارسون عادات المراهقة الحضارية، السرّية أحيانا والعلنية. على شواطئها تكاثرت أحلامنا وفي مينائها اصطدنا الدهشة ورائحة الحب. طيبة أهلها تنسيك القسوة التي عاشوها وبسماتهم تمحو علامات القمع الذي مارسته عليهم مؤسسات الدولة، التي ما زالت تحاول إجبارهم على الرحيل عنها، لتتحوّل إلى مدينة ناصعة اليهودية والبياض.

نحن نعرف لماذا نحب عكا ومن يحبّها مثلنا، ولكنني.. أفكّر.. هل كانت فيروز ستغني لمجدها، وهو  يسحّ، متثاقلًا، من أسوارها وجدران خاناتها؟ وهل ستسهر عند جذع فنارها ليوشوش لها الموج عن حكايا الملح وبحارة أتوها وتاهوا، وهي ما زالت، على شرفتها، تنتظرهم في فقاقيع الزبد؟. فيروز تبكي ولا تُبكي؛ "نازل من صوبن مرسال" هكذا تمضي  وتخبرني: "ومن عيني نزلوا دموعي". 

أمشي بمحاذاة جامع الجزار ولا يمشي معي  في الشارع أحد. يمسك صاحب دكان "سوفينير" بيده خرقةً، ويقضي وقتًا بتقليب البضاعة وماسحًا عنها الغبار. بجواره يجلس شاب في ثلاثينياته يمدّ رجله اليسرى على طولها ويضع كوع يده اليمنى على حافة الكرسي وعلى كفّه المقبوض للأعلى يريح خدّه. يحدّق بي من تحت نظارته التي وقفت على أرنبته، بعدما ساعدها على الانزلاق خيط من عرق تصبب حتى بدا من بعيد كأنه بقايا بكاء، قميصه مفتوح على تي- شيرت أبيض، في وسطه تبرز بالأحمر شطرة من تركة "المحمود" وهو يعلن: "نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا". 

في صحن الجامع شمس والصمت. أمامه تذكّرت ما حكته لنا "سعاد" عن عكا التي كانت تنتفض ضدّ احتلالين: واحد إنجليزي رابض وثان صهيوني زاحف. "كانت جموع العكّاويين تدخل باحة الجزار، تجتمع وتهتف ضد الغاصبين"، هكذا على ما أتذكر، حدثتنا ذات يوم، "كنتُ صغيرةً، يا ولدي، وطلبوا منّي أن ألقي قصيدةَ "المعلم ناصر"، الذي ذاع صيت أشعاره في ذلك الوقت. كتب ابن الرامة هذه القصيدة، عندما هدد الانجليز المعلمين بالفصل من وظائفهم  إذا لم يحلقوا ذقونهم التي أطلقوها احتجاجًا وتضامنًا مع الثوار. وضعوني على طاولة وبحماس ألقيت: "وقفت أمام مرآتي أناجيها/ أأحلق يا مليحة أم أجازفْ؟". ثم رفعتني الجموع على الأكتاف وجابت المظاهرة شوارع عكا القديمة إلى أن انتهت في الميناء"، هكذا روت لنا سعاد عن مدينتها التي كانت.  

من ساحة "اللومان" دخلت إلى السوق وفيه مشيت وحيدًا. بدا أصحاب الدكاكين كالناجين من سفينة غرقت. وجوههم حزينة. من أمام بسطة فواكه مررت كمنبّه أيقظ من كان يبيع النعاس، فصحا صاحبها وصرخ: "المانغا بعشرة، سكّر يا دكتور والله سكّر". كانت المانغا كقمر تموز وأزكى من العسل. بعده سمعت صاحب مسمكة ينادي، بملل، على "سرغوسه" الطازج ولا يكمل نداءه فيسكت.

أكملت سيري، إلى أن سحبني "أبو ألبير" من ذراعي بعذوبة، وأقعدني على كرسي في وجه دكّانه واستقدم، بعفوية آسرة، من جاره العطّار، فنجانين من القهوة الطازجة. عنده سمعت عن أوجاع عكا وعن قصص ضياعها، عن حاله وحال جيرانه من صغار التجار والحرفيين الذين يكدحون من أجل لقمة عيش كريمة ولا يحلمون إلّا بما يتيحه الرمل: سفر على ظهر فرس بيضاء أو انتظار لعرائس البحر.

"سليلة كنعان" كانت في ذلك الصباح مدينة من نسيان وخيبة. لا أسماء لشوارعها التي استوطنها الضنك وصرخ العتب في جنباتها: أين أغنياء العرب؟ أين منهم المستثمرون الغيورون عليها وعلى مصيرها؟ "قاهرة نابليون" ذبحتها الخناجر في مزادات الأقارب المخادعة. وعروس "فينيقيا" أفاقت عارية؛ بلا أشرعة ولا يواطر ولا قبطان.

سرت في اتجاه الميناء وعرّجت على "سعيد". في يوم عادي، كانت تلتقي على موائد حمصه، خلائق، وعلى "حين لقمة "يجتمعون، هناك، عند "حافة الصحن"، لقاءات بالرغم من كونها عرضية، تبقى أحسن من قطيعة وأسلم من العداوة. اليوم، وجدت سعيدًا يعاني كصحبه، ومثلهم يرطن: من هو المستفيد من إعادة الموت إلى عكا؟  

في  الميناء تذكّرت ما روته سعاد على لسان مرآة المعلم التي أجابته حين سألها عن حليقة ذقنه: "... فإنَّ الجبنَ في أهلِ المعارفْ". ولم أتذكّر صدر هذا البيت. 

وصلت الميناء في ساعة الظهيرة. أمامي مركب صيّادين هرم. عليه ثلاثة رجال، واحد منهم يلقي برأسه على ذراعه التي في الهواء. صدورهم مغطاة بآثار شمس. من وسطهم علا صوت صباح فخري وهو يدعو ربّه العالي ويشهده على حاله ويتساءل: "شلون أنام الليل وانت على بالي". فجأةً، رفع أحدهم مسجلًا أثريًا إلى الأعلى وأغمض الثلاثة أعينهم وغابوا.  

وقفت برهةً أمام " كلّنا- عكا"، هكذا كان اسم  المركب. بحارة " كلّنا-عكا" ناموا على فرشة من يود بحري وتوابل، وكانت أيديهم تقشط جلد السماء، أو هكذا شبّه لي.  

كان السوق هادئًا عند عودتي وخاليًا. "أصبر من صيّاد" كتب أحدهم على باب حانوته، وعلى الحيطان لاحظت تعاليم الجوع منثورة حروفها في كل زقاق وزنقة وخلاصتها أكّدت: عندما يُذَلّ قومٌ ويجوع البشر لا تعجبوا، يا عرب، وتتأسوا على تهويد الحجر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


تجربتي في تعليم اللغة الإنجليزية كتب:د غزال أبو ريا

تجربتي في تعليم اللغة الإنجليزية كتب:د غزال أبو ريا

الثلاثاء 20/05/2025 11:14

عملت معلماً للغة الإنجليزية في مدرسة الحكمة الثانوية -سخنين -واللغة الإنجليزية جواز سفرنا للعالم وللأكاديميا ولكل من يريد أن يندمج في الأبحاث في مجالا...

ترامب في المنطقة... صفقات ضخمة وخلافات محسوبة بقلم: هاني المصري

ترامب في المنطقة... صفقات ضخمة وخلافات محسوبة بقلم: هاني المصري

الأحد 18/05/2025 20:14

تكتسب زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المنطقة العربية أهمية كبيرة، لأنها أوّل زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه، ولطبيعة الملفّات التي ستُبحث خلا...

أمن إسرائيل لا يضمنه إلا السلام العادل - بقلم: فهيم أبو ركن

أمن إسرائيل لا يضمنه إلا السلام العادل - بقلم: فهيم أبو ركن

الأثنين 12/05/2025 19:07

يمر رئيس وزراء حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو في أصعب مراحل حكمه، إذ خاض ويخوض حروبا ومواجهات في عدة جبهات منها الجبهة الحمساوية في غ...

الدكتور غزال سيرة ومسيرة حياة  مشرفة. بقلم: المربي شفيق كيال.

الدكتور غزال سيرة ومسيرة حياة مشرفة. بقلم: المربي شفيق كيال.

الأحد 11/05/2025 20:56

كلمتي هذه ، تحمل من المعاني ما يفوق الكلمات، لنكرّم إنسانًا أعطى من وقته وجهده وفكره الكثير، وترك بصمة لا تُنسى في كل موقعٍ خدم فيه، فكان المعلم، والم...

ألف باقة ورد” – لمسة وفاء في يوم الممرض العالمي

ألف باقة ورد” – لمسة وفاء في يوم الممرض العالمي

السبت 10/05/2025 19:56

في مبادرة إنسانية، إجتماعية قيمية وتربوية مميزة، نظّمت جمعية “المبادر ”  فعالية احتفالية ليوم الاثنين الموافق 12/5/2025 بمناسبة يوم الممرض العالمي

ماذا وراء تسريب التسجيل الصوتي للرئيس عبد الناصر في هذا الوقت ومن المستفيد؟ زياد شليوط

ماذا وراء تسريب التسجيل الصوتي للرئيس عبد الناصر في هذا الوقت ومن المستفيد؟ زياد شليوط

الخميس 01/05/2025 20:21

ضجت العديد من وسائل الاعلام وصفحات التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية وانشغلت بشكل يدعو للدهشة بتسجيل صوتي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أثن...

عاش الرئيس ممسكًا بكل مفاتيح السلطة - بقلم: هاني المصري

عاش الرئيس ممسكًا بكل مفاتيح السلطة - بقلم: هاني المصري

الخميس 01/05/2025 19:57

انفض اجتماع المجلس المركزي وخرج ليوحي للوهلة الأولى، بما كان متوقعًا ومطلوبًا منه، وهو استحداث منصب نائب الرئيس

مصطلح التفكير خارج الصندوق كتب:غزال أبو ريا

مصطلح التفكير خارج الصندوق كتب:غزال أبو ريا

الثلاثاء 15/04/2025 15:10

في  محطاتي المهنية قدمت وأقدم ورشات لمجموعات عمل  وطواقم مختلفة في موضوع "التفكير خارج الصندوق".

استمرار الإبادة أو التهدئة؟ والوحدة الفلسطينية ونائب الرئيس بقلم: هاني المصري

استمرار الإبادة أو التهدئة؟ والوحدة الفلسطينية ونائب الرئيس بقلم: هاني المصري

الأثنين 14/04/2025 17:49

بعد أن حصلت حكومة بنيامين نتنياهو على فرصة ذهبية مكّنتها من استئناف جريمة الإبادة الجماعية بدءًا بفرض الحصار الخانق على قطاع غزة،

التفكير الإبداعي في التنظيم ...كتب:غزال أبو ريا.

التفكير الإبداعي في التنظيم ...كتب:غزال أبو ريا.

الأثنين 14/04/2025 16:53

كيف يمكن تطوير التفكير الإبداعي في المؤسسة،التنظيم ،التفكير خارج الصندوق؟.

الأكثر قراءة

المشهد: تشييع جثمان الشابة جنان سليمان يوم غد الجمعة بعد مصرعها بحادث تلفريك في إيطاليا

الخميس 24/04/2025 21:35

المشهد: تشييع جثمان الشابة جنان سليمان ي...
محمود عباس يهاجم حماس ويطالبها بتسليم السلاح والرهائن

الأربعاء 23/04/2025 21:55

محمود عباس يهاجم حماس ويطالبها بتسليم ال...
الحكومة تصادق على  تعيين المحامي فراس فرّاج مفوضًا للمساواة في فرص العمل في وزارة الاقتصاد والصناعة

الأثنين 05/05/2025 14:46

الحكومة تصادق على تعيين المحامي فراس فر...
بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها - بقلم: جواد بولس

السبت 03/05/2025 12:44

بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس...
فاجعة في دير الأسد: اقرار وفاة الطفلة راحل أسدي بعد مصرع والدتها وشقيقها بالحريق

السبت 17/05/2025 07:52

فاجعة في دير الأسد: اقرار وفاة الطفلة را...

كلمات مفتاحية

حالة الطقس، الجو، ماطر، رياح برشلونة يوفنيتوس اخبار محلية محليه اعتقال اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه مسرح سخنين مهرجان ريال مدريد فالكاو ماكدونلدز مضادات حيوية وجبات سريعة توقعات الابراج اليوم الجيش الاسرائيلي حدود سوريا مدرسة الزهراء عرابة تعايد اطفال الحضانات المسنين
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development