موقع الحمرا الثلاثاء 07/10/2025 18:15
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. كلّنا عكا/

كلّنا عكا

جواد بولس
نشر بـ 31/07/2014 11:05

أفقت في ساعة متأخرة لأجد بقايا صبح خالٍ من الندى والأحلام، لا أثر فيه لعصافير قريبة. في الحقيقة لا أتذكر متى كانت آخر مرّة سمعت فيها دوري يغوي صديقته على شرفة شباكي، ولا متى آنستني سنونوة كالتي كانت تستأمن سقف بيت جدّي وتأخذه مأوى لأحلامها ومستقبل بيضها.

حولي صمت صباح عادي ليوم الأحد. في الجو رطوبة ثقيلة ودرجات حرارة تموزية، فعندنا "في تموز بتغلي الميّه في الكوز". أستقل سيّارتي  قاصدًا عكّا، خائفًا من زحام أسواقها الذي قد يحوّل زيارتها إلى رحلة عذاب وندم.

مع تشغيل المحرك استأنفت فيروز غناءها من شريط الأمس: "يا راعي القصب مبحوح/ جاي عبالي شروقي" أعلنت، وعلى بحّة نايها، بسرعة شهقة، نقلتني إلى مدينة "اليود البحري والبهارات"، إلى عكا، المدينة التي تعيش بين موت وموت، وتصمد لأنها خيمة الفقراء وميناء حب البسطاء. فيروز تعرف أنني ذاهب إلى سوقها، أحسّها تبكي بصمت وبصلاة.

في شبابنا كانت عكا "ألمدينة"، وكنا نطير إليها، قرويّين يمارسون عادات المراهقة الحضارية، السرّية أحيانا والعلنية. على شواطئها تكاثرت أحلامنا وفي مينائها اصطدنا الدهشة ورائحة الحب. طيبة أهلها تنسيك القسوة التي عاشوها وبسماتهم تمحو علامات القمع الذي مارسته عليهم مؤسسات الدولة، التي ما زالت تحاول إجبارهم على الرحيل عنها، لتتحوّل إلى مدينة ناصعة اليهودية والبياض.

نحن نعرف لماذا نحب عكا ومن يحبّها مثلنا، ولكنني.. أفكّر.. هل كانت فيروز ستغني لمجدها، وهو  يسحّ، متثاقلًا، من أسوارها وجدران خاناتها؟ وهل ستسهر عند جذع فنارها ليوشوش لها الموج عن حكايا الملح وبحارة أتوها وتاهوا، وهي ما زالت، على شرفتها، تنتظرهم في فقاقيع الزبد؟. فيروز تبكي ولا تُبكي؛ "نازل من صوبن مرسال" هكذا تمضي  وتخبرني: "ومن عيني نزلوا دموعي". 

أمشي بمحاذاة جامع الجزار ولا يمشي معي  في الشارع أحد. يمسك صاحب دكان "سوفينير" بيده خرقةً، ويقضي وقتًا بتقليب البضاعة وماسحًا عنها الغبار. بجواره يجلس شاب في ثلاثينياته يمدّ رجله اليسرى على طولها ويضع كوع يده اليمنى على حافة الكرسي وعلى كفّه المقبوض للأعلى يريح خدّه. يحدّق بي من تحت نظارته التي وقفت على أرنبته، بعدما ساعدها على الانزلاق خيط من عرق تصبب حتى بدا من بعيد كأنه بقايا بكاء، قميصه مفتوح على تي- شيرت أبيض، في وسطه تبرز بالأحمر شطرة من تركة "المحمود" وهو يعلن: "نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا". 

في صحن الجامع شمس والصمت. أمامه تذكّرت ما حكته لنا "سعاد" عن عكا التي كانت تنتفض ضدّ احتلالين: واحد إنجليزي رابض وثان صهيوني زاحف. "كانت جموع العكّاويين تدخل باحة الجزار، تجتمع وتهتف ضد الغاصبين"، هكذا على ما أتذكر، حدثتنا ذات يوم، "كنتُ صغيرةً، يا ولدي، وطلبوا منّي أن ألقي قصيدةَ "المعلم ناصر"، الذي ذاع صيت أشعاره في ذلك الوقت. كتب ابن الرامة هذه القصيدة، عندما هدد الانجليز المعلمين بالفصل من وظائفهم  إذا لم يحلقوا ذقونهم التي أطلقوها احتجاجًا وتضامنًا مع الثوار. وضعوني على طاولة وبحماس ألقيت: "وقفت أمام مرآتي أناجيها/ أأحلق يا مليحة أم أجازفْ؟". ثم رفعتني الجموع على الأكتاف وجابت المظاهرة شوارع عكا القديمة إلى أن انتهت في الميناء"، هكذا روت لنا سعاد عن مدينتها التي كانت.  

من ساحة "اللومان" دخلت إلى السوق وفيه مشيت وحيدًا. بدا أصحاب الدكاكين كالناجين من سفينة غرقت. وجوههم حزينة. من أمام بسطة فواكه مررت كمنبّه أيقظ من كان يبيع النعاس، فصحا صاحبها وصرخ: "المانغا بعشرة، سكّر يا دكتور والله سكّر". كانت المانغا كقمر تموز وأزكى من العسل. بعده سمعت صاحب مسمكة ينادي، بملل، على "سرغوسه" الطازج ولا يكمل نداءه فيسكت.

أكملت سيري، إلى أن سحبني "أبو ألبير" من ذراعي بعذوبة، وأقعدني على كرسي في وجه دكّانه واستقدم، بعفوية آسرة، من جاره العطّار، فنجانين من القهوة الطازجة. عنده سمعت عن أوجاع عكا وعن قصص ضياعها، عن حاله وحال جيرانه من صغار التجار والحرفيين الذين يكدحون من أجل لقمة عيش كريمة ولا يحلمون إلّا بما يتيحه الرمل: سفر على ظهر فرس بيضاء أو انتظار لعرائس البحر.

"سليلة كنعان" كانت في ذلك الصباح مدينة من نسيان وخيبة. لا أسماء لشوارعها التي استوطنها الضنك وصرخ العتب في جنباتها: أين أغنياء العرب؟ أين منهم المستثمرون الغيورون عليها وعلى مصيرها؟ "قاهرة نابليون" ذبحتها الخناجر في مزادات الأقارب المخادعة. وعروس "فينيقيا" أفاقت عارية؛ بلا أشرعة ولا يواطر ولا قبطان.

سرت في اتجاه الميناء وعرّجت على "سعيد". في يوم عادي، كانت تلتقي على موائد حمصه، خلائق، وعلى "حين لقمة "يجتمعون، هناك، عند "حافة الصحن"، لقاءات بالرغم من كونها عرضية، تبقى أحسن من قطيعة وأسلم من العداوة. اليوم، وجدت سعيدًا يعاني كصحبه، ومثلهم يرطن: من هو المستفيد من إعادة الموت إلى عكا؟  

في  الميناء تذكّرت ما روته سعاد على لسان مرآة المعلم التي أجابته حين سألها عن حليقة ذقنه: "... فإنَّ الجبنَ في أهلِ المعارفْ". ولم أتذكّر صدر هذا البيت. 

وصلت الميناء في ساعة الظهيرة. أمامي مركب صيّادين هرم. عليه ثلاثة رجال، واحد منهم يلقي برأسه على ذراعه التي في الهواء. صدورهم مغطاة بآثار شمس. من وسطهم علا صوت صباح فخري وهو يدعو ربّه العالي ويشهده على حاله ويتساءل: "شلون أنام الليل وانت على بالي". فجأةً، رفع أحدهم مسجلًا أثريًا إلى الأعلى وأغمض الثلاثة أعينهم وغابوا.  

وقفت برهةً أمام " كلّنا- عكا"، هكذا كان اسم  المركب. بحارة " كلّنا-عكا" ناموا على فرشة من يود بحري وتوابل، وكانت أيديهم تقشط جلد السماء، أو هكذا شبّه لي.  

كان السوق هادئًا عند عودتي وخاليًا. "أصبر من صيّاد" كتب أحدهم على باب حانوته، وعلى الحيطان لاحظت تعاليم الجوع منثورة حروفها في كل زقاق وزنقة وخلاصتها أكّدت: عندما يُذَلّ قومٌ ويجوع البشر لا تعجبوا، يا عرب، وتتأسوا على تهويد الحجر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


مقدمة الشاعر الكاتب الإعلامي فهيم أبو ركن في كتاب السماء الخضراء والطبيعة الزرقاء.

مقدمة الشاعر الكاتب الإعلامي فهيم أبو ركن في كتاب السماء الخضراء والطبيعة الزرقاء.

الأثنين 06/10/2025 18:23

هذا ما كتبه الشاعر الراقي الكاتب الإعلامي فهيم أبو ركن عن كتاب: السماء الخضراء والطبيعة الزرقاء، من تأليف الشاعر الكاتب الدكتور الشيخ رافع حلبي ابن دا...

رد ذكي ومسؤول ... ما السيناريوهات المطروحة؟ بقلم: هاني المصري

رد ذكي ومسؤول ... ما السيناريوهات المطروحة؟ بقلم: هاني المصري

الأحد 05/10/2025 21:15

جاء ردّ حماس على خطة ترامب ذكياً ومسؤولاً وإيجابياً؛ إذ رحّبت بالجهود الأمريكية وقالت "نعم" واضحة، خصوصاً فيما يتعلق بالإفراج عن جميع الأسرى ضمن صفقة...

اللاعب الأجنبي في فريق كرة القدم بقلم:غزال أبو ريا.

اللاعب الأجنبي في فريق كرة القدم بقلم:غزال أبو ريا.

الخميس 02/10/2025 20:29

في السنوات الأخيرة أصبح من المألوف أن نرى لاعبين أجانب ينضمون إلى فرق كرة القدم، بعيدين عن أهلهم ووطنهم، طلبًا للرزق والتقدّم المهني، في عالمٍ تحوّل إ...

سخنين في مرآة الشعر: منيب مخول وخازن عبود بين الحنين والبناء ... بقلم: غزال أبو ريا

سخنين في مرآة الشعر: منيب مخول وخازن عبود بين الحنين والبناء ... بقلم: غزال أبو ريا

الثلاثاء 23/09/2025 21:05

سخنين، البلدة الجليلية التي احتضنت التاريخ، وقدّمت الشهداء، وحملت الهوية الفلسطينية في قلبها، لم تكن يومًا مجرد اسم على خارطة. لقد أصبحت رمزًا، وجسرًا...

تطورات خطيرة تنتظر ردّاً فلسطينياً بمستواها بقلم: هاني المصري

تطورات خطيرة تنتظر ردّاً فلسطينياً بمستواها بقلم: هاني المصري

الثلاثاء 02/09/2025 15:20

أعلنت الإدارة الأميركية رفض منح تأشيرات دخول للرئيس محمود عبّاس والوفد المرافق له لحضور الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، عقاباً على سلسلة...

إخوة وأكثر  إلى إخوتنا الدروز في فلسطين والجولان… أنتم الهوية والقصيدة  بقلم: رانية مرجية

إخوة وأكثر إلى إخوتنا الدروز في فلسطين والجولان… أنتم الهوية والقصيدة بقلم: رانية مرجية

الأثنين 01/09/2025 20:38

يا دروزَ الجبل، يا قممًا تعانقُ السماء،

على خطى سير أعلام النبلاء-(1) إعداد: الشيخ أمير نفار

على خطى سير أعلام النبلاء-(1) إعداد: الشيخ أمير نفار

الخميس 28/08/2025 21:19

"وكان من أجلاد الرجال وألباء القضاة، ذا ذكاء وفطنة، وعزيمة ماضية، وبلاغة وهيبة".... "وكانت عالمة فقيهة حجة،  كثيرة العلم"،  أوصاف تواترت في كتب السابق...

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

الأربعاء 27/08/2025 17:45

يُقال إنّ الكلمة هي الجسر الأول الذي يعبره الإنسان نحو العالم. ومن دونها، يبقى العقل أسيرًا لصمته الداخلي، يختزن الأفكار والمشاعر دون أن يجد لها منفذً...

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

الأثنين 25/08/2025 20:43

كلنا نعيش على شاطئ واحد، نتشارك نفس الرمل ونواجه ذات البحر، لكن كل واحد منا يبني مركبه في زاوية منعزلة، يظن أن الريح ستدفعه وحده نحو برّ النجاة.

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

الأحد 24/08/2025 21:12

لم يعِ وحيد نفسه، كيف فزّ من سريره مهرولا نحو مكان الاختباء، الذي صممه لنفسه بحيث لا يتسع لغيره، ولماذا يتسع لآخرين طالما أنه يعيش لوحده في البيت.

الأكثر قراءة

الشابة الطموحة د. دعاء سعد، ابنة شفاعمرو، صنعت مجدها بالعزيمة رحلة طموح لا تعرف المستحيل- بقلم معين أبو عبيد

الأثنين 08/09/2025 20:24

الشابة الطموحة د. دعاء سعد، ابنة شفاعمرو...
إسرائيل تعلن استهداف قادة حماس في الدوحة والحركة تعلن نجاة قادتها من عملية الاغتيال

الثلاثاء 09/09/2025 21:29

إسرائيل تعلن استهداف قادة حماس في الدوحة...
تقرير خاص لمراقب الدولة حول شكاوى الجمهور خلال عملية "الأسد الصاعد"

الأربعاء 10/09/2025 17:37

تقرير خاص لمراقب الدولة حول شكاوى الجمهو...
تقرير سلطة الابتكار حول قطاع الهايتك في إسرائيل لعام 2025 يعرض اتجاهات مختلفة

الأربعاء 17/09/2025 15:09

تقرير سلطة الابتكار حول قطاع الهايتك في...
النائب أكرم حسون والجنرال حسون حسون يزورون مستشفى رمبام: "عمل إنساني يستحق الدعم"

الأحد 07/09/2025 20:20

النائب أكرم حسون والجنرال حسون حسون يزور...

كلمات مفتاحية

مانشستر سيتي باتريك روبرتس افيغدور ليبرمان شارلي ايبدو اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه اقتصاد باطون جورج قرداحي برنامج من سيربح المليون المشتركة ايمن عودة النقاب خالد مشعل ما يجري انتفاضة يجب على كل فلسطيني الانخراط بها اشدود العثور جثة رجل بالستينات ظروف غامضه إعتقال كراج المكر سرقة مولد كهرباء شاقل سارة نتنياهو وجبات رئيسية اطباق اكلات مأكولات البطاطس البطاطا
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development