موقع الحمرا الأثنين 01/12/2025 12:49
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. كلّنا عكا/

كلّنا عكا

جواد بولس
نشر بـ 31/07/2014 11:05

أفقت في ساعة متأخرة لأجد بقايا صبح خالٍ من الندى والأحلام، لا أثر فيه لعصافير قريبة. في الحقيقة لا أتذكر متى كانت آخر مرّة سمعت فيها دوري يغوي صديقته على شرفة شباكي، ولا متى آنستني سنونوة كالتي كانت تستأمن سقف بيت جدّي وتأخذه مأوى لأحلامها ومستقبل بيضها.

حولي صمت صباح عادي ليوم الأحد. في الجو رطوبة ثقيلة ودرجات حرارة تموزية، فعندنا "في تموز بتغلي الميّه في الكوز". أستقل سيّارتي  قاصدًا عكّا، خائفًا من زحام أسواقها الذي قد يحوّل زيارتها إلى رحلة عذاب وندم.

مع تشغيل المحرك استأنفت فيروز غناءها من شريط الأمس: "يا راعي القصب مبحوح/ جاي عبالي شروقي" أعلنت، وعلى بحّة نايها، بسرعة شهقة، نقلتني إلى مدينة "اليود البحري والبهارات"، إلى عكا، المدينة التي تعيش بين موت وموت، وتصمد لأنها خيمة الفقراء وميناء حب البسطاء. فيروز تعرف أنني ذاهب إلى سوقها، أحسّها تبكي بصمت وبصلاة.

في شبابنا كانت عكا "ألمدينة"، وكنا نطير إليها، قرويّين يمارسون عادات المراهقة الحضارية، السرّية أحيانا والعلنية. على شواطئها تكاثرت أحلامنا وفي مينائها اصطدنا الدهشة ورائحة الحب. طيبة أهلها تنسيك القسوة التي عاشوها وبسماتهم تمحو علامات القمع الذي مارسته عليهم مؤسسات الدولة، التي ما زالت تحاول إجبارهم على الرحيل عنها، لتتحوّل إلى مدينة ناصعة اليهودية والبياض.

نحن نعرف لماذا نحب عكا ومن يحبّها مثلنا، ولكنني.. أفكّر.. هل كانت فيروز ستغني لمجدها، وهو  يسحّ، متثاقلًا، من أسوارها وجدران خاناتها؟ وهل ستسهر عند جذع فنارها ليوشوش لها الموج عن حكايا الملح وبحارة أتوها وتاهوا، وهي ما زالت، على شرفتها، تنتظرهم في فقاقيع الزبد؟. فيروز تبكي ولا تُبكي؛ "نازل من صوبن مرسال" هكذا تمضي  وتخبرني: "ومن عيني نزلوا دموعي". 

أمشي بمحاذاة جامع الجزار ولا يمشي معي  في الشارع أحد. يمسك صاحب دكان "سوفينير" بيده خرقةً، ويقضي وقتًا بتقليب البضاعة وماسحًا عنها الغبار. بجواره يجلس شاب في ثلاثينياته يمدّ رجله اليسرى على طولها ويضع كوع يده اليمنى على حافة الكرسي وعلى كفّه المقبوض للأعلى يريح خدّه. يحدّق بي من تحت نظارته التي وقفت على أرنبته، بعدما ساعدها على الانزلاق خيط من عرق تصبب حتى بدا من بعيد كأنه بقايا بكاء، قميصه مفتوح على تي- شيرت أبيض، في وسطه تبرز بالأحمر شطرة من تركة "المحمود" وهو يعلن: "نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا". 

في صحن الجامع شمس والصمت. أمامه تذكّرت ما حكته لنا "سعاد" عن عكا التي كانت تنتفض ضدّ احتلالين: واحد إنجليزي رابض وثان صهيوني زاحف. "كانت جموع العكّاويين تدخل باحة الجزار، تجتمع وتهتف ضد الغاصبين"، هكذا على ما أتذكر، حدثتنا ذات يوم، "كنتُ صغيرةً، يا ولدي، وطلبوا منّي أن ألقي قصيدةَ "المعلم ناصر"، الذي ذاع صيت أشعاره في ذلك الوقت. كتب ابن الرامة هذه القصيدة، عندما هدد الانجليز المعلمين بالفصل من وظائفهم  إذا لم يحلقوا ذقونهم التي أطلقوها احتجاجًا وتضامنًا مع الثوار. وضعوني على طاولة وبحماس ألقيت: "وقفت أمام مرآتي أناجيها/ أأحلق يا مليحة أم أجازفْ؟". ثم رفعتني الجموع على الأكتاف وجابت المظاهرة شوارع عكا القديمة إلى أن انتهت في الميناء"، هكذا روت لنا سعاد عن مدينتها التي كانت.  

من ساحة "اللومان" دخلت إلى السوق وفيه مشيت وحيدًا. بدا أصحاب الدكاكين كالناجين من سفينة غرقت. وجوههم حزينة. من أمام بسطة فواكه مررت كمنبّه أيقظ من كان يبيع النعاس، فصحا صاحبها وصرخ: "المانغا بعشرة، سكّر يا دكتور والله سكّر". كانت المانغا كقمر تموز وأزكى من العسل. بعده سمعت صاحب مسمكة ينادي، بملل، على "سرغوسه" الطازج ولا يكمل نداءه فيسكت.

أكملت سيري، إلى أن سحبني "أبو ألبير" من ذراعي بعذوبة، وأقعدني على كرسي في وجه دكّانه واستقدم، بعفوية آسرة، من جاره العطّار، فنجانين من القهوة الطازجة. عنده سمعت عن أوجاع عكا وعن قصص ضياعها، عن حاله وحال جيرانه من صغار التجار والحرفيين الذين يكدحون من أجل لقمة عيش كريمة ولا يحلمون إلّا بما يتيحه الرمل: سفر على ظهر فرس بيضاء أو انتظار لعرائس البحر.

"سليلة كنعان" كانت في ذلك الصباح مدينة من نسيان وخيبة. لا أسماء لشوارعها التي استوطنها الضنك وصرخ العتب في جنباتها: أين أغنياء العرب؟ أين منهم المستثمرون الغيورون عليها وعلى مصيرها؟ "قاهرة نابليون" ذبحتها الخناجر في مزادات الأقارب المخادعة. وعروس "فينيقيا" أفاقت عارية؛ بلا أشرعة ولا يواطر ولا قبطان.

سرت في اتجاه الميناء وعرّجت على "سعيد". في يوم عادي، كانت تلتقي على موائد حمصه، خلائق، وعلى "حين لقمة "يجتمعون، هناك، عند "حافة الصحن"، لقاءات بالرغم من كونها عرضية، تبقى أحسن من قطيعة وأسلم من العداوة. اليوم، وجدت سعيدًا يعاني كصحبه، ومثلهم يرطن: من هو المستفيد من إعادة الموت إلى عكا؟  

في  الميناء تذكّرت ما روته سعاد على لسان مرآة المعلم التي أجابته حين سألها عن حليقة ذقنه: "... فإنَّ الجبنَ في أهلِ المعارفْ". ولم أتذكّر صدر هذا البيت. 

وصلت الميناء في ساعة الظهيرة. أمامي مركب صيّادين هرم. عليه ثلاثة رجال، واحد منهم يلقي برأسه على ذراعه التي في الهواء. صدورهم مغطاة بآثار شمس. من وسطهم علا صوت صباح فخري وهو يدعو ربّه العالي ويشهده على حاله ويتساءل: "شلون أنام الليل وانت على بالي". فجأةً، رفع أحدهم مسجلًا أثريًا إلى الأعلى وأغمض الثلاثة أعينهم وغابوا.  

وقفت برهةً أمام " كلّنا- عكا"، هكذا كان اسم  المركب. بحارة " كلّنا-عكا" ناموا على فرشة من يود بحري وتوابل، وكانت أيديهم تقشط جلد السماء، أو هكذا شبّه لي.  

كان السوق هادئًا عند عودتي وخاليًا. "أصبر من صيّاد" كتب أحدهم على باب حانوته، وعلى الحيطان لاحظت تعاليم الجوع منثورة حروفها في كل زقاق وزنقة وخلاصتها أكّدت: عندما يُذَلّ قومٌ ويجوع البشر لا تعجبوا، يا عرب، وتتأسوا على تهويد الحجر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها بقلم: رانية مرجية

حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها بقلم: رانية مرجية

الأحد 23/11/2025 20:03

ليس أصعب على الإنسان العربي اليوم من الشعور بأنه حاضرٌ في كل خطاب، وغائبٌ عن كل قرار.

الإدارة المالية في البيت… دعوة د. غزال أبو ريا لترسيخ الوعي الاقتصادي منذ المدرسة

الإدارة المالية في البيت… دعوة د. غزال أبو ريا لترسيخ الوعي الاقتصادي منذ المدرسة

السبت 22/11/2025 15:23

دعا مدير المركز القطري للوساطة، د. غزال أبو ريا، إلى إدراج نشاطات تربوية في مدارسنا تُعنى بموضوع الإدارة المالية في البيت، مؤكدًا أن هذا الوعي يجب أن...

المرحلة التالية من خطّة ترامب في مهبّ الريح بقلم: هاني المصري

المرحلة التالية من خطّة ترامب في مهبّ الريح بقلم: هاني المصري

السبت 15/11/2025 20:11

بعد اقتراب الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من خطّة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تتزايد الشكوك حول إمكانية المضي في المراحل التالية، فبعد تسليم الجث...

على ضفاف وادي الصفا  في سخنين. بقلم:غزال ابو ريا

على ضفاف وادي الصفا في سخنين. بقلم:غزال ابو ريا

الأربعاء 05/11/2025 20:17

يا وادي الصفا يا طيب الذكريات

المجلس الأعلى للإعلام الفلسطيني يمنح الكاتب الليبي محمد علي أبورزيزة ، شهادة أفضل شخصية أدبية لعام 2025 "

المجلس الأعلى للإعلام الفلسطيني يمنح الكاتب الليبي محمد علي أبورزيزة ، شهادة أفضل شخصية أدبية لعام 2025 "

الأربعاء 05/11/2025 18:51

ترامب ووقف الحرب في غزة: حسابات المصالح لا الرحمة..  بقلم: "مرعي حيادري"

ترامب ووقف الحرب في غزة: حسابات المصالح لا الرحمة.. بقلم: "مرعي حيادري"

الأثنين 03/11/2025 19:38

في ظلّ الأوضاع الصعبة وبعد توقّف الحرب في غزّة، تتّضح ملامح مشهدٍ سياسيّ جديد تحكمه مصالح ترامب الاستراتيجية أكثر ممّا تحكمه القيم الإنسانية أو التزام...

هل هناك أمل بالوحدة الفلسطينية هذه المرة؟ بقلم: هاني المصري

هل هناك أمل بالوحدة الفلسطينية هذه المرة؟ بقلم: هاني المصري

الثلاثاء 28/10/2025 17:58

من المحتمل أن تشهد القاهرة هذه الأيام حوارات جديدة بين الفصائل الفلسطينية في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول الوحدة الوطنية التي غابت منذ عام 2007، إذا تم...

د. غزال أبو ريا في افتتاح العام الأكاديمي الجديد: التعليم هو الاستثمار الحقيقي وبوابة لتحقيق الذات والمهنة

د. غزال أبو ريا في افتتاح العام الأكاديمي الجديد: التعليم هو الاستثمار الحقيقي وبوابة لتحقيق الذات والمهنة

الأحد 26/10/2025 19:47

مع بداية العام الأكاديمي الجديد، وجّه المركز القطري للوساطة رسالة تربوية مجتمعية دعا فيها إلى تعزيز مكانة التعليم كقيمة إنسانية عليا وكركيزة أساسية لب...

العمل الجماعي عماد النجاح بقلم:د غزال أبو ريا

العمل الجماعي عماد النجاح بقلم:د غزال أبو ريا

الأحد 26/10/2025 19:35

العمل الجماعي هو عماد النجاح في أي مجال من مجالات الحياة، وهو ليس مجرد عمل مجموعة من الأفراد معًا، بل هو تكامل للمهارات والخبرات لتحقيق هدف مشترك.

ثقافة السلام مقابل ثقافة الحرب بقلم: د. غزال أبو ريا

ثقافة السلام مقابل ثقافة الحرب بقلم: د. غزال أبو ريا

الأربعاء 22/10/2025 19:31

متى ستُشرعن ثقافة السلام في عالمنا، مقابل ثقافة الحرب والهدم؟

الأكثر قراءة

الرامة: إصابة شابة (28 عامًا) بجراح جرّاء تعرّضها لحادث طرق وقع بين مركبتين

الأثنين 24/11/2025 13:38

الرامة: إصابة شابة (28 عامًا) بجراح جرّا...
الرامة: مصرع مظهر حرب في حادث دهس قرب المنطقة الصناعية في كرميئيل

الأربعاء 12/11/2025 09:00

الرامة: مصرع مظهر حرب في حادث دهس قرب ال...
اليوم العالمي لرفع الوعي تجاه مرض السكري:"أعلى معدلات الإصابة بالسكري موجودة في منطقة الجولان مرج ابن عامر، الخضيرة وعكا"

السبت 15/11/2025 19:11

اليوم العالمي لرفع الوعي تجاه مرض السكري...
لبنان يقدم شكوى لمجلس الأمن ضد جدار إسرائيلي يتخطى الخط الأزرق

السبت 15/11/2025 20:22

لبنان يقدم شكوى لمجلس الأمن ضد جدار إسرا...
عرابة: مظاهرة قطرية حاشدة ضد تصاعد جرائم القتل وتواطؤ الشرطة وغضب شعبي

السبت 01/11/2025 19:26

عرابة: مظاهرة قطرية حاشدة ضد تصاعد جرائم...

كلمات مفتاحية

الرياضيات مدرسة ابن رشد عرابه القدس ابتزاز فتيات رياضه رياضة عالمية تشيلسي اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه حادث اصابات ايمن عودة خطة اقتصادية لكل مواطن عربي اكرم حسون القرى الدرزية الابراج برج الحمل برج الثور برج الجوزاء برج السرطان برج الأسد برج العذراء برج الميزان برج العقرب برج القوس برج الجدي برج الدلو برج مدارس مدرسه العين سخنين تكريم زفاف التوأم سام وسيم فضل دراوشه عرابه الاحوال الجوية حاله الطقس ارتفاع درجات الحراره
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development