أتقدم بالتهنئة إلى جميع المسلمين بحلول شهر رمضان آملا لهم صوما هينا وهنيئا أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركة.
اليوم وبسبب انتشار الوعي الصحي بين الجمهور , غالبية الناس تعلم انه يجب ألمحافظه على نظافة الفم والأسنان بشكل دائم وذلك لمنع التسوس والتهابات اللثة المسببين الرئيسيين لفقدان الأسنان, وتبدأ العناية بالفم والأسنان بالتنظيف باستعمال الفرشاة والمعجون مرتين يوميا قبل النوم وبعد الفطور هذا بالإضافة إلى أدوية المضمضة التي ينصح الأطباء مرضاهم إذا دعت الحاجة المرضية للشخص المعالج لذلك..
ولكن ماذا مع الصيام ؟ وكيف يجب العناية في الأسنان في الشهر الفضيل ؟ وهل يمكن معالجة الأسنان أثناء الصيام ؟ وهل هذا يؤدي الى الإفطار؟ هذه الأسئلة وغيرها يطرحها الناس علي وعلى زملائي أطباء الأسنان الآخرين وبحق , فمن جهة الصيام فرض وركن من أركان الإسلام ومن جهة أخرى الأسنان عضو مهم في الجسم ويجب العناية بها وعلاجها .وقبل الإجابة على هذه الأسئلة أود التنويه أنني لست من رجال الدين ولا ممن يفتون بغير علم ولكن بعد مراجعة المصادر الدينية والفتاوى المتعلقة بالأمر ومشاورة رجال الدين وسماع المختصين بالأمر يمكن التأكيد على النقاط التالية:
تنظيف الأسنان
يمكن للصائم بل من الضروري أن ينظف اسنانه بالفرشاة والمعجون بعد السحور ولكن قبل الإمساك ومن غير المحبذ تنظيف الأسنان أثناء النهار أي في وقت الصوم ولو ان بعض الفقهاء سمح ايضا بإستعمال الفرشاة والمعجون حتى أثناء النهار وقد ثبت بسند حسن عن إبن عباس "الأرواء 937" أنه رضي الله عنه لا يرى بأسا أن يتذوق الصائم العسل والسمن ونحوه ثم يمجه ومن هنا لا بأس بإستعمال معجون الأسنان أثناء الصيام ، ولكن يجب لفظ ما تحلل منه في الفم ، وإن ذهب منه شيء إلى حلقه من غير تعمد لم يضره ، وكذلك لا بأس بإستعمال غسيل الفم المشتمل على الأدوية بشرط أن يمجه ولا يذهب إلى حلقه منه شيء متعمداً ، وهكذا ذوق الطعام لا حرج فيه بشرط أن يمجه ولا يبتلعه.
علاج الأسنان والتخدير
علاج الأسنان غالبا ما يكون مصحوبا بإستعمال التخدير وكما هو معلوم فالتخدير يتم عن طريق الابره ولكن وبما ان ابرة " البنج " يتم وخزها بالعضلات وليست بالأوعية الدمويه وهي ليست مغذيه إذا لا يفطر الصائم إذا تم استعمال المخدر عنده بينما الإبر التي يتم وخزها في الأوعية الدموية للتغذية فهي تؤدي إلى الإفطار" الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب ، لأنها بمنزلة الأكل والشرب . الشيخ ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 70 ". وقد ذهب بعض الفقهاء الى :" وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام سواء عن طريق العضلات أو الوريد . فتاوى محمد بن إبراهيم (4/189).
قلع الأسنان والدم
اذا كان استعمال ابر التخدير في علاج الاسنان لا يؤدي الى الافطار فماذا مع قلع الاسنان وسيلان الدم هذا السؤال بالذات يسأله الكثيرون والإجابة عليه مرتبطة بمعرفة مبطلات الصيام فسيلان الدم ليس من مبطلات الصيام خاصة وأن الحديث هنا يدور عن بعض مليمترات من الدماء تسيل أثناء القلع ولا يجري الحديث عن نزيف حيث يفقد الإنسان كميات كبيره من الدماء قد يفقد الوعي بعدها ، اذا من الممكن قلع الاسنان والقيام بعمليات جراحية صغيره بدون ان يفطر الصائم .
ماء التبريد أثناء العلاج
اثناء علاج الاسنان يتم استعمال المقادح والتي يستعمل معها الماء للتبريد وقد يخشى البعض دخول بعض هذه المياه الى الحلق وبالتالي الى المعدة مما يبطل الصيام ولا يمكنني ان انكر وجود هذا الامر واذا حدث يكون بكميات قليله جدا جدا لا تؤدي الى التغذيه وهي بغير قصد ولكن هذا صحيحا في المعدات التي لا تحوي جهاز الشفاط " السكشن" واجهزة اطباء الاسنان اليوم متطورة جدا وهذا الجهاز موجود في كل العيادات حيث يشفط كل هذه المياه وحتى الريق ايضا أي انه على الارجح ان يفقد الصائم بعض السوائل من ان يدخل الى جسمه سوائل.
المواد المستعملة في العلاج
يستخدم طبيب الأسنان بعض المواد التي قد يجد المريض طعمها أو رائحتها فهل وجود طعمها أو رائحتها في الحلق يؤثر على الصيام الجواب : إذا احتاج الصائم إلى علاج أسنانه في أثناء الصيام فلا بأس بذلك مع التحفظ التام من وصول شيء إلى حلقه من الأدوية أو آثار العلاج ، وإن وصل شيء إليه بغير اختيار فلا حرج عليه .
إستعمال السواك
اما الاشخاص الذين يستعملون السواك ينصح أطباء الأسنان بقص الجزء المستعمل من السواك كل 24 ساعة وذلك من أجل استمرار وجود المادة الفعّالة في السواك أثناء تنظيف الأسنان ، فهل يؤثر على الصيام استعمال سواك جديد أو جزء منه خاصة وأنه قد يصاحبه تكسر وتفتت بعض أجزائه في الفم مما قد يؤدي إلى بلعها ؟ الجواب : لا بأس باستعمال السواك الجديد أو المجدد في حالة الصيام ، وما تفتت من المسواك وجب لفظه وإخراجه من فمه .
رائحة الفم الكريهة أثناء الصيام
يقول الرسول الكريم: ( ان خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك)
يؤدي عدم الأكل أو الشرب أثناء الصيام إلى تكون طبقة بيضاء على اللسان. وهذه الطبقة عبارة عن طبقة من اللعاب الهلامي الثقيل. يمكن للبكتيريا اللاهوائية أن تعيش وتتكاثر تحت هذه الطبقة البيضاء على اللسان مفرزة مادة الكبريت ذات الرائحة المقززة
ليس هذا و حسب لكن من العوامل التي تؤدي إلي تفاقم مشكلة الرائحة الكريهة أثناء الصيام هو العطش. فإمتناعنا عن الشراب أثناء الصيام يؤدي إلى تقليل إفراز اللعاب في الفم و بالتالي إلى خسارة منافع اللعاب. يؤدي توفر كميات كبيرة من اللعاب إلى الحد من نمو و تكاثر البكتيريا، و يقوم بإذابة المخلفات الكبريتية و بالتالي الى تقليل او إخفاء الرائحة الكريهة وللتفليل من رائحة الفم اثناء الصيام يمكن استخدام ثلاث طرق أ- إزالة الطبقة البيضاء المتكونة على اللسان بإستعمال فرشاة الاسنان على اللسان او استعمال فرشاة خاصة ب- زيادة إفراز اللعاب وذلك بتناول كميات كبيرة من السوائل قبل الامساك ج- المضمضة بغسول الفم.
ان علاج الأسنان المريضة حاجة ضرورية ولا يمكن التهاون بها او إهمالها لما فيها من الم وضرر وضرر قد يصيب الانسان نتيجة اهماله لها ولهذا يجب المحافظة على الاسنان بصيام او غير صيام والمحافظة على الاسنان وعلاجها ليست مطلوبة طبيا واجتماعيا فقط بل دينيا ايضا فقد حث الرسول المسلمين على إستعمال السواك في اكثر من حديث مثل لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة لما في السواك من فوائد للفم والاسنان وصحتها ونظافة الاسنان هي جزء من نظافة الجسم فحافظوا عليها. وكل عام وانتم بخير.
د. سمير خطيب- كفركنا
[email protected]