الأهالي في المدارس الأهلية الكنسية يعربون عن استيائهم من مماطلة الوزارة في تنظيم الأقساط المدرسية
هل قايضت إدارات مدارسنا الأهلية حقوق أهلها ومعلميها فتنازلت عن حقها في الحصول على الميزانيات السنوية من الوزارة مقابل الحصول على مصادقة لجباية مبالغ طائلة من الأهل كحل معتمد لأزمتها المالية؟
لا يزال أهالي طلاب المدارس الأهلية الكنسية بانتظار الإفصاح عن نتائج المفاوضات الجارية بين وزارة التربية من جهة وبين الأمانة العامة للمدارس الأهلية من الجهة الأخرى حول تحديد الأقساط المدرسية، حيث يسود الغموض والتعتيم التام على الموضوع بالإضافة إلى تجاهل حق الأهل بالتواجد كطرف أساسي في المفاوضات خاصة أن التفاوض يجري حول طلب المدارس الأهلية مصادقة الوزارة على جباية مبالغ تتعدى بكثير المسموح به وفقا لتعليمات الوزارة ولتعليمات قانون التعليم المجاني الإلزامي.
الغريب في الأمر ان هذه المدارس ما زالت تجبي مبالغ غير قانونية وغير منظمة، متجاهلة واجبها القانوني الذي ينص على تفصيل مبلغ القسط ببنوده الدقيقة وشرح كيفية تحديده ومتابعة صرفه في مكانه الصحيح.
يعرب أهالي الطلاب عن استهجانهم من ممارسات الأمانة العامة، التي تتحدث باسم المدارس الأهلية، والتي تضرب بعرض الحائط جميع أنظمة الوزارة وقوانينها وتعليماتها بهذا الشأن، حيث تقوم بعض المدارس برفع دعوات قضائية لإجبار الأهالي على تسديد دفعات غير قانونية ناهيك عن التهديد، المبطن والصريح، بإبعاد الأبناء عن مقاعد الدراسة اذا ما أصر الأهل على المطالبة بحقوق أساسية وبسيطة، الأمر الذي تعتبره الرابطة القطرية لأهالي الطلاب في المدارس الأهلية انتهاكا واضحا لحقوق الاهالي واستهتاراً صارخاً بالعقول والمنطق والأخلاق.
ومما يثير الدهشة وعلامات الاستفهام أن الأمانة العامة قد تنازلت، كما يبدو، عن مطلبها المعلن إبان الإضراب الكبير بتحمل وزارة التعليم مسؤولياتها تجاه تمويل المدارس وعن ترددها في المطالبة بحقها من ميزانية التعليم في السلطات المحلية عملا بقانون "نهاري" الذي ينص على أن السلطة المحلية ملزمة بتخصيص ميزانيات للمدارس الأهلية توازي 75% من المبالغ التي تخصصها للمدارس الحكومية أو المدارس البلدية، فتلجأ الى جيب الأهالي لتسديد عجزها المالي في تناقض وخرق لأحد أهم أهداف الإضراب الكبير وهو تخفيف عبء الأقساط التعليمية عن كاهل الأهل. وما يزيد الطين بلة إصرار المدارس على مواصلة أسلوب انعدام الشفافية ورفض أي مشاركة للأهل من خلال إقامة لجان أولياء أمور منتخبة.
وكانت الرابطة القطرية للاهالي في المدارس الأهلية الكنسية قد تسائلت إذا كان عدم إدراك بعض إدارات المدارس لحقوقهم التمويلية وامتناعهم عن المطالبة بتلك الأموال من المؤسسات الحكومية والبلدية هو ما يؤدي إلى لجوئهم إلى جيوب الأهالي لتغطية العجز المالي المتراكم في هذه المؤسسات.
وفي مقابلة إذاعية في راديو الشمس، شدد السيد سمير برانسي عضو الرابطة القطرية، على أن الرابطة تدرس منذ فترة إمكانية اللجوء إلى مؤسسات مختلفة من ضمنها "لجنة التعليم" في الكنيست والجهاز القضائي من أجل حث الوزارة على تمويل المدارس الأهلية والعمل على إقامة لجان أولياء أمور منتخبة وتنظيم الأقساط. وأضاف برانسي بأن السنة الدراسية قاربت على الإنتهاء وما زلنا نشهد تصرفات غير مقبولة وغير قانونية من إدارات المدارس مثل توبيخ الطلاب وحرمانهم من الشهادات الفصلية أو من المشاركة بالرحلات المدرسية بسبب عدم تسديد أقساط غير قانونية.
هذا وقد وصلت للرابطة معلومات من مصادر مطّلعة أن الوزارة قد توافق مبدئيا على شرعنة الجباية، ما يعني أنها قد تسمح بجباية مبلغ قد يصل إلى 4400 شاقل سنويا عن المرحلة الابتدائية. وكانت مدرسة المخلص في الناصرة أول من بادر إلى توزيع رسالة على طلابها عارضة فيها الأقساط السنوية، حيث أشارت إدارة المدرسة إلى أن القسط السنوي عن المرحلة الابتدائية للسنة الحالية هو 4400 شاقل وحددت أنها لن تجبي رسوم تسجيل "هذه السنة" (والتي تسميها أيضا رسوم خدمات)، وهي مبالغ إضافية تتراوح ما بين 500-700 شاقل (تختلف من مدرسة لأخرى) كانت المدارس الأهلية تجبيها سنويا من الأهالي بغير حق.
وذكرت الإدارة في تلك الرسالة أن المبالغ المذكورة تشمل تأمين الحوادث، السلة الثقافية، الحصص التي لا تمولها الوزارة، مواضيع التخصص في المرحلة الثانوية، وأمور أخرى مثل أخصائية نفسية، معالجة بالتشغيل، تشغيل تربوي وما شابه.
وفي هذا السياق اكد برانسي ان هذا التفصيل غير كاف ولا يغطي المدرسة من الناحية القانونية، بالإضافة إلى أن الرسالة تشمل أيضا المراحل الثانوية والحضانات على الرغم من أن تلك المرحلتين ممولتين بالكامل من الوزارة (بنسبة 100%) باعتراف إدارات المدارس. وشدد على أن هناك قانون يلزم المدارس الأهلية بالحصول على موافقة خطية من الأهالي مقابل أي مبلغ يتعدى المنهاج العام والذي تنوي جبايته، وأنه لا يمكن لأحد التأكد من الخدمات المذكورة في ظل غياب لجان أولياء أمور منتخبة.
وفي نفس السياق قامت مدرسة راهبات الناصرة في حيفا بتوزيع نظام داخلي مُصغر باللغة العبرية تجبر الأهالي على توقيعه عند التسجيل يلتزم الأهالي في إطاره بتسديد الدفعات غير القانونية وفق ما تحدده ادارة المدرسة ودفع مبلغ 900 شاقل للتسجيل تعتبر دفعة على حساب الدفعة السنوية للسنة التعليمية 2017/2018، وتعتبر هذه الورقة غير قانونية وغير اخلاقية حيث يتوجب على الأهالي الدفع دون أن يكون لديهم حق الاستفسار أو المسائلة.
وفي نفس السياق، تتساءل الرابطة القطرية لأهالي الطلاب في المدارس الأهلية إن كانت الأمانة العامة قد فاوضت الوزارة أيضا للوصول إلى اتفاق يضمن حقوق المعلمين في المدارس الأهلية حيث أدرج هذا الموضوع كمطلب أساسي خلال الإضراب الكبير. فالمعلمون هم الحلقة الأضعف في هذا الصراع في العديد من المجالات وخاصة دورات الاستكمال التي حُرموا منها خلال السنوات الماضية وحقهم في التنظم في أطر نقابية.
ويبق السؤال الأهم: هل قايضت إدارات مدارسنا الأهلية حقوق أهلها ومعلميها فتنازلت عن حقها في الحصول على الميزانيات السنوية من الوزارة مقابل الحصول على مصادقة لجباية مبالغ طائلة من الأهل كحل معتمد لأزمتها المالية؟ فاللجوء الى جيب الأهل "أسهل" من مواجهة وزارة ظالمة ما لبثت تهدد إدارات المدارس ب"كشف المستور" كما جاء في بيان الوزارة الذي سبق توقيع الإتفاق الذي أنهى الإضراب الكبير وهو تهديد اعتبره الاهالي ممارسة مافيوية مرفوضة وجب التصدي لها برؤوس مرفوعة.
تحمّل الرابطة القطرية لأهالي الطلاب في المدارس الأهلية الأمانة العامة ومدير مكتبها المسؤولية عن عدم فتح باب الحوار الجاد والصريح مع الأهالي حيث تجاهلت مئات التوجهات الخطية والشفوية من أجل ترتيب لقاء يجمع أفراد البيت الواحد ويوحد الجهود من أجل الانتصار لحقوقنا أمام وزارة ظالمة تتعامل معنا بأساليب التهديد والابتزاز.
تعلن الرابطة القطرية لأهالي الطلاب في المدارس الأهلية أنها تتابع موضوع المدارس الأهلية وتعمل على نيل مطالبها الشرعية التي تتلخص بإقامة لجان أولياء أمور منتخبة وبتنظيم الأقساط وتفصيلها وفقا للقوانين والعمل بمبدأ الشفافية التامة. وأن استمرار تجاهل مطالب الأهالي واقصائهم لن يترك للرابطة وأهاليها أي مجال آخر سوى التوجه للقضاء من أجل وضع النقاط على الحروف.
[email protected]