في المصرع التراجيدي للمربي الصديق محمد الشيخ
زياد شليوط
أبا المنازلِ يا عُبرَ الفوارسِ مَن يُفجع بمثلكَ في الدّنيا فقد فُجعا
أجل.. انها فاجعة وأي فاجعة حلّت بشفاعمرو ظهيرة يوم الثلاثاء الأسود 24 كانون ثان من العام 2017، كما أجمع على ذلك الشفاعمريون، حين لقي المربي والشخصية المجتمعية الأستاذ محمد حبيب الشيخ ( أبو ساهر) مصرعه في حادث طرق مأساوي. كانت الفاجعة كبيرة وأكبر مما كنا نتوقعها. وعندما وصل الخبر عن حادث طرق ذهب ضحيته شاب، أسفنا جدا كما أسفنا وحزنا قبل يوم واحد فقط لمصرع أربعة ضحايا عرب في حادث مأساوي آخر في أعالي الشمال، أودى بحياة ثلاثة شبان وسيدة في الخمسينات.. لم نستفق من الحادث الأول واذ يصل الى مسامعنا خبر حادث آخر قريب منا. وما هي الا لحظات حتى تم تناقل الاسم، وحصلت بلبلة في اسم الضحية والعائلة، ودارت مكالمات واتصالات سريعة، ودخلنا في حرب أعصاب.. ولما طلب مني التأكد من اسم الضحية، وكانت المعلومات تتوارد وجدتني أصرخ في داخلي "ربي.. أبعد عني هذه الكأس"! لكن المصيبة كانت قد وقعت والمأساة حصلت.
كيف لا وقد عرفت المرحوم (يا لسخرية القدر!) منذ سنوات حياته المبكرة، وعرفت العائلة عن قرب من خلال علاقتي الأخوية بشقيقه المرحوم نبيل، الذي شغل فيما بعد منصب مهندس بلدية شفاعمرو، وكنا رفيقين على مقاعد الدراسة وكثيرا ما تزاورنا ودرسنا معا، وبات اخوته اخوة لي ولأترابي. عرفت عائلة حبيب الشيخ بأصالتها وانتمائها لشعبها ووطنها، ونشأ الأبناء على حب الوطن وحب الانسان، لم ينظروا الى الآخر الا نظرتهم للأخ، ولم يتعاملوا مع الانسان الا بالانسانية، فكانت نعم التربية ونعم القيم التي ترعرعوا عليها ورضعوها منذ طفولتهم.
والتقينا في سنوات الشباب في مسيرة النشاط السياسي، حيث كان هذا البيت يعشق زعيما عربيا شكل لنا ولجيلنا القاعدة والاستثناء، انه القائد والمعلم جمال عبد الناصر، فلم يكن هو الاطار الذي يجمعنا بقدر ما كان يجمعنا عشقنا لعبد الناصر ولنهجه القومي العروبي، ولهذا لم يكن الاطار السياسي همنا بقدر ما كان النهج والطريق والرؤية.
وثم التقينا في رسالة التدريس في مدرستين متجاورتين تارة مدرسة واحدة وتارة منفصلتين، وكأن التربية والتعليم أصابه ما يصيب الأطر السياسية. لكن القيم بقيت معنا والبوصلة توجهنا. ومع أن لقاءاتنا كانت قليلة ومتباعدة، الا أنها كانت دائما حميمية وتنشد المشترك وتتطلع الى المستقبل كما نتمناه ونرغب به، وكلما رغبنا بمستقبل أفضل كلما ابتعد.. واليوم بغيابك المفاجيء أخي محمد نكون قد فقدنا المستقبل المشترك الذي يوغل في الابتعاد في عوالم المجهول.
التعازي الحارة لأولادك وزوجتك واخوتك، ونحملك السلام للغالي نبيل.. والى لقاء.
[email protected]