ليس سهلاً أن نشجع اطفالنا على اعتماد العادات الغذائية الصحية التي نراها الأفضللهم . إلا أن مشكلة السمنة تتفشى أكثر فأكثر في ايامنا هذه، مما يدعو إلى البحثعن شتى الوسائل لتجنب انتشار هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد حياة كل طفل،خصوصاً أن العادات الغذائية الخاطئة والأطعمة السريعة التحضير تعتبر من الأسباب المهمة لذلك، إلا انها ليست وحدها المسؤولة بوجود الألعاب الألكترونية وانتشارهاوالتي تشجع الأطفال على الكسل والركود بحيث صارت رؤية طفل يلعب خارج المنزل استثناءً .
متى يعتبر الطفل سميناً؟
تختلف طريقة حساب وزن الطفل عن تلك المعتمدة في قياس مؤشر كتلة الجسم لدى الراشد. إذ تتبع طريقة حساب محددة تستند إلى الجنس والعمر، لأن تركيبة جسم الطفل تختلف وفق الجنس ومع تقدمه في السن.
ويعتبر الطفل سميناً عندما تتراوح نسبة مؤشر كتلة الجسم لديه بين 85 في المئة و95 في المئة مقارنةً بالمعدل لدى الأطفال في مثل سنّه ومن جنسه.
من الواضح أن ظاهرة السمنة لدى الأطفال تنتشر أكثر فأكثر في أيامنا هذه، ما سببتزايدها بهذا الشكل؟
تتنوع الاسباب وراء تفاقم ظاهرة السمنة بين الأطفال في أيامنا هذه. ومما لا شك فيه أن انتشار المطاعم التي تقدم الأطعمة السريعة التحضير يلعب دوراً في ذلك، حيث يفضل الأطفال غالباً تناول هذا النوع من الاطعمة غير الصحية الغنية بالدهون والسكر، بدلاً من تناول الطهو المنزلي الصحي. وفي هذه الحالة، يرتكز النظام الغذائي الخاص بالطفل على المقليات والنشويات.
انطلاقاً من هذا، تؤدي العادات الغذائية غير الصحية التي يعتمدها الطفل إلى زيادة وزنه. هذا إضافةً إلى قلة ممارسة الرياضة التي تعتبر أيضاً من المشكلات التي نواجهها بكثرة في مجتمعاتنا حالياً، ومن الأسباب الرئيسة لارتفاع معدل السمنة لدى الأطفال. فالركود يساهم في تراجع عملية الأيض، مما يؤدي إلى تكدس الدهون. هذا بالإضافة الى العامل الجيني، فإذا كانت مشكلة زيادة الوزن موجودة في العائلة، من الطبيعي أن يكون الأطفال أكثر عرضة للسمنة.
كيف تعرف الأم أن طفلها سيكون سميناً في المستقبل؟ وهل صحيح ما يقال أنالأطفال يبدون بدينين في سن مبكرة، لكن سرعان ما يخسرون الوزن تلقائياً مع النمو؟
لا تعتبر السمنة من المشكلات التي يمكن الاستهانة بها أو المزاح في شأنها كما يفعل البعض. فنرى في مجتمعاتنا أن الأمهات يفرحن ببدانة أطفالهن وكأنها مسألة إيجابية. علماً أن في امكان الأم توقع طبيعة جسم طفلها ابتداءً من سن 5 سنوات. فإذا كان الطفل سميناً في هذه السن، من الطبيعي أن يثير الأمر قلقها وتتصور أنه سيعاني مشكلة لاحقاً في حياته.
فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون السمنة في سن 5 سنوات هم أكثر عرضة ليكونوا سمينين مع التقدم في السن مقارنةً بغيرهم من الأطفال.
ما المضاعفات التي تنتج من السمنة لدى الأطفال، وهل تظهر مباشرةً أم في المدىالبعيد؟
تنتج من السمنة لدى الطفل مضاعفات عدة وتترك آثارها السلبية في الجسم من نواحٍ عدة. ففي المدى القصير يمكن أن يواجه الطفل البدين مشكلة في عضلة القلب بسبب الجهد الزائد الذي يحتاجه في ضخ الدم. من جهة أخرى، تواجه أجسام الأطفال الذين يعانون السمنة صعوبة في مقاومة الانسولين والسكري من النوع الثاني.
إضافة الى مشكلات في المفاصل والعضلات وتكدّس الدهون في الكبد والحصى في الكلى وارتداد الطعام في المعدة.
هل صحيح أن خطر الإصابة بالسرطان يزيد في حال وجود مشكلة السمنة؟
ترتبط السمنة بالإصابة بالسرطان حيث يرتفع خطر الإصابة بأنواع عدة منه في حال وجود مشكلة السمنة كسرطانات الثدي والقولون والمريء والكلى والبنكرياس والغدة والمبيض والبروستاتة... وغيرها.
ما العادات الغذائية السيئة التي يعتمدها الاهل مع أطفالهم فتساهم في زيادة أوزانهملاحقاً؟
على الأهل أن يكونوا في غاية الحرص في العادات الغذائية التي ينقلونها إلى أطفالهم من سنوات مبكرة. كما يجب أن يحرصوا على تشجيعهم على ممارسة الرياضة والنشاطات الجسدية المتنوعة حتى لا يميلوا إلى حياة الركود والكسل.
لذلك يجب أن يشجعوهم على اللعب في الهواء الطلق والركض وممارسة الرياضة ككرة القدم أو غيرهاً، بدلاً من التركيز على الألعاب الالكترونية لإلهاء الطفل كما يفعل الأهل غالباً في أيامنا هذه. فالتشجيع على ممارسة الرياضة وأي نشاط جسدي هو الطريق الأسلم ليكون وزنه صحياً.
ما الأطعمة الشائعة التي تساهم في سمنة الأطفال؟
صرنا نعرف أن الأطعمة السريعة التحضير والتي تنتشر بكثرة في أيامنا هذه، من الأسباب الرئيسة لزيادة الوزن بين الأطفال، خصوصاً أن تناولها يصبح عادة لأنها في متناول الجميع، وهي في الواقع تؤدي إلى زيادة الوزن من دون أن نشعر بذلك لغناها بالوحدات الحرارية والدهون والسكريات، وهي من الأطعمة التي يُحظر على الأطفال تناولها، فيما نراها تنتشر بكثرة.
ومن أهم الاطعمة التي يجب أن يحدد تناولها بين الأطفال إلى ما لا يزيد عن مرة أو اثنتين في الاسبوع كحد أقصى في مقابل التشجيع الدائم على تناول الطهو المنزلي الصحي:
- المقليات
- التشيبس
- الشوكولا
فهذه الاطعمة يتناولها الأطفال بكثرة في أيامنا هذه على الرغم من غناها بالوحداتالحرارية والدهون والسكر .
هل وجود العامل الوراثي يعني حكماً الإصابة بالسمنة بحيث لا يمكن مكافحتها أبداً؟
يجعل العامل الوراثي الطفل أكثر عرضة للسمنة، لكن هذا لا يعني أنه سيواجه حكماً هذه المشكلة. والحل يكون باتباع نمط حياة صحي وعادات سليمة تسمح له بالتصدي لزيادة الوزن لاعتباره أكثر عرضة للإصابة به.
هل يمكن إخضاع الطفل لحمية؟
يكون الطفل في مرحلة نمو ولا يمكن إخضاعه لحمية بالمعنى المتعارف عليه حتى لا تنقصه المكونات الغذائية الاساسية لنموه. في المقابل، يمكن العمل على الحفاظ على وزنه بدلاً من خفضه.
بهذه الطريقة يستمر نمو الطفل فيما يحافظ على وزنه الحالي. فخفض الوحدات الحرارية التي يحصل عليها الطفل لا يعتبر من الخطوات الجيدة التي يمكن اتباعها في مرحلة دقيقة ينمو فيها الطفل.
من هنا أهمية استشارة اختصاصي في التغذية أو في الغدد بهدف السيطرة على وزن الطفل. ويمكن طبيب الأطفال أن يوجه الأهل ليتخذوا الإجراءات اللازمة استناداً إلى مراقبته الدقيقة والروتينية في ما يخص وزنه وطوله.
هل من إجراءات يمكن أن يتخذها الأهل لدفع الطفل إلى تناول أطعمة صحية؟
ثمة خطوات عدة يمكن أن يعتمدها الأهل في سبيل مواجهة السمنة. فمساعدة الطفل في الحفاظ على وزن صحي تتطلب جهوداً من الأهل وتغييرات مهمة في نمط الحياة. على سبيل المثال، قد تحتاج الأم إلى إلغاء أنواع معينة من الأطعمة في النظام الغذائي الذي تعتمده في العائلة، كالمشروبات الغنية بالسكر، والوجبات الغنية بالوحدات الحرارية كالتشيبس والحلويات.
يجب أن تعلم كل أم أن قنينة واحدة من المشروبات الغازية تحتوي على حوالى 10 ملاعق من السكر، وبالتالي يمكن تصور كمية الوحدات الحرارية الفارغة والخالية من أي قيمة غذائية التي قد يحصل عليها الطفل في اليوم.
لذلك يجب أن يعمل الاهل على تأمين الاطعمة الصحية لأطفالهم بالدرجة الأولى لتلبية حاجاتهم الغذائية وضمان نموهم الصحي. فالفاكهة والخضر والحبوب يجب أن تكون الأطعمة الاساسية التي يرتكز عليها النظام الغذائي الخاص بالطفل.
ولكي يضبط الأهل الأمور ويسيطروا على الوضع، يجب البدء بالطهو الصحي في المنزل والتقليل من تناول الطعام في المطاعم. بهذه الطريقة يتجه الأطفال تلقائياً وأكثر فأكثر إلى الطعام الصحي. أيضاً ولتشجعي طفلك على اعتماد العادات الصحية، اتبعي الخطوات الآتية:
- استبدلي الاطعمة غير الصحية بتلك المفيدة.
- إذا كان طفلك يعاني زيادة في الوزن ويرفض الأطعمة الصحية، لا تطلبي منه ان يتناولها بل كوني صبورة واستمري بتقديمها اليه. فقد أظهرت الدراسات ان الطفل يحتاج إلى تذوّق الأطعمة الجديدة مرات عدة قبل أن يرغب في تناولها.
- تذكري أن حزن طفلك الآن عند منعه من تناول طعام معين وغير صحي يعني في المقابل حزناً أقل مع تقدمه في السن عندما ينمو بوزن صحي.
- تشجيع الطفل على تحديد أحجام الحصص التي يتناولها.
- التركيز على تناول الطفل الأطعمة الغنية بالألياف بما فيها الخبز الكامل الغذاء والرز الاسمر والمعكرونة الكاملة الغذاء والشوفان والحبوب والعدس والفاصوليا والبقوليات والخضر والفاكهة. كما أن هذه الاطعمة الغنية بالألياف تمنح الطفل إحساساً بالشبع.
- التركيز على تناول الطفل 5 حصص على الأقل من الفاكهة والخضر.
يصعب حرمان الطفل من أطعمة يحبها قد تكون غنية بالدهون والوحدات الحرارية، كيفيمكن التعامل مع هذه المسألة؟
تبرز هنا مسؤولية الأهل في اعتماد العادات السليمة في سن مبكرة. فالخطأ الاكبر الذي يرتكبه الاهل مثلاً هو مكافأة الطفل بالشوكولا أو غيرها من الوجبات غير الصحية. وهذا يشجع الطفل على التوجه إلى الطعام غير الصحي، مما يساهم في زيادة وزنه لاحقاً. بدلاً من ذلك، يمكن التركيز على الأطعمة الصحية في غذائه فيعتاد عليها بدلاً من ان يتوجه إلى الأطعمة الغنية بالدهون والوحدات الحرارية.
هل الإصابة بالسمنة في الطفولة تعني استمرارها لاحقاً؟
مما لا شك فيه أن الأطفال والمراهقين الذين يعانون السمنة يواجهون هذه المشكلة مع التقدم في السن. وغالباً ما تستمر لديهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات الصحية المرتبطة بها مع التقدم في السن كأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والجلطات وأنواع عدة من السرطان والتكلس.
كيف يمكن تشجيع الطفل على تناول الخضر؟
ثمة أفكار عدة لتشجيع الطفل على تناول الخضر التي يجب أن تشكل نصف كمية الطعام في طبقه:
- يجب اصطحابه إلى السوبرماركت ليختارها بنفسه. بعدها يمكن أن تدعه أمه يغسلها بنفسه ويقشرها ويقطعها ويختار طريقة طهوها.
- يمكن تشجيع الطفل على تزيين الخضر بطريقة مرحة وتقطيعها على طريقته في الطبق.
- يمكن إطلاق تسميات مرحة على الخضر
- كـ«الشجر» للبروكولي و«الدماغ» للملفوف، فهذا يجعلها محببة أكثر لدى الطفل.
- يمكن تقطيع الخضر بأحجام صغيرة فتصبح مرغوبة أكثر لدى الأطفال.
- عدم تأنيب الطفل في حال لم يرغب في تناول الخضر، إذ يؤكد الاختصاصيون أن إجباره على تناولها يدفعه إلى تجنبها أكثر فأكثر بحيث يرفضها تماماً حتى مع تقدمه في السن.
- ننصح الأم بتحضير صلصة شهية يمكن أن يتناولها طفلها مع الخضر فتصبح شهية أكثر بالنسبة اليه، شرط ألا تحتوي الصلصة على المايونيز والدهون والوحدات الحرارية. يمكن تقديم الجزر مثلاً مع صلصة شهية، خصوصاً أن الأطفال يعشقون تناول أي طعام يمسكونه بأصابعهم ويغمسونه في الصلصة قبل تناوله.
[email protected]