كثيرة هي الظواهر الاجتماعية العديدة التي تصيب مجتمعنا وكثيرا ما تثير التساؤلات للتعمق والبحث بها من عدة جوانب واختلافات وتثير الفضول والمعرفة للنقاشات والجدل ولذلك تفتح جمعية نساء ضد العنف ابوابها لباحثات عربيات فلسطينيات لطرح بحثهن ومشاركته مع الجمهور من مختلف الفئات تحت عنوان "ملتقى الشهر" الذي يتم في مكاتب جمعية نساء ضد العنف مرة كل شهر.
اللقاء لهذا الشهر كان حول ظاهرة منتشرة جدا في مجتمعنا وهي ظاهرة العزوبة بعد جيل 30 عند الفلسطينيات الاكاديميات في الداخل للباحثة فاطمة عمر غانم، الحاصلة على لقب ثاني علم اجتماع التربية من الجامعة العبرية القدس ومن خلال رسالتها للماجستير بحثت عدة تجارب للعزوبة المتأخرة لبعض النساء في مجتمعنا بالإضافة الى الخطاب الاجتماعي الضاغط التي تتعرضن له من المحيط القريب اليها.
خلال اللقاء تطرقت الباحثة للمصطلحات التي تستعمل في المجتمع تجاه المرأة العزباء مع التشديد على المفاهيم العميقة التي ترافق كل مصطلح، ذكر لقب "العنوسة" الذي يستعمل كثيرا لوصف العزوبة المتأخرة والفروقات بين كلمة امرأة و"بنت" بما معناه ان "البنت" هي التي ما زالت عذراء، والمرأة هي التي فقدت عذريتها نسبة للمفاهيم المجتمعية.
تطرقت ايضا الباحثة الى السلطة والقوة النابعة من اللغة التي تتشكل بواسطة المفاهيم والكلمات التي يعرف بها المجتمع النساء والى الصراع النفسي والذاتي والقيم الفردية التي تؤمن بها النساء العزباوات مقابل الصراع المجتمعي المرتبط بالعادات والتقاليد خاصة بان الزواج هو واجب اجتماعي لا جدال فيه ومسؤوليته تقع على الفرد نفسه.
الاستقلالية لعبت دور كبير وشكلت جزء من حلقة النقاش حول نتائج البحث التي اعتمدت على التعليم الاكاديمي بأنه سلاح للمرأة واغلب النساء في عبرن عن اختيارهن للتعليم العالي والاكاديمي من تشجيع من قبل الاهل للانطلاق نحو الاستقلالية وعدم الاعتماد على الزوج في المستقبل. وكان متوقع منهن العودة الى البيت بعد انهاء اللقب ولكن رفض العودة والبعد عن الاهل وتجنب الزواج يعرضهن للعديد من العقبات الصارمة والضغوطات المجتمعية ولكن انكشافهن على الاستقلالية التي انخرطن بها فقط عند خروجهن للتعليم الاكاديمي والعيش في مكان بعيد عن الاهل عزز الارادة الشخصية والرغبة في الاستقلالية الفردية والخصوصية ومفاهيم عديدة
بالنهاية تحدثت فاطمة عن تكييف الاهل مع الاستقلالية والاختيار لبناتهن العزباوات وانهن بالرغم من الضغوطات المجتمعية الا انهن ذات رؤيا واضحة ومراكز مهمة في المجتمع ولديهن دور فعال في تطوير مجتمعهن وذاتهن الذي ينتج من نضال وتحدي.
وفي نهاية اللقاء تم التأكيد على الازدواجية بالمعايير التي تتعامل معها النساء يعني:
نفس المجتمع الذي يهمش العزباوات وينتقض ويخاصم ويخلق المفاهيم ويزرعها في سياقات مختلفة هدفها اعادة بناء الهيكل الاجتماعي التقليدي، هو نفس المجتمع الذي يدعم يحتوي ويشجع ويسمح بازدهارهن وتقدمهن الذاتي والاجتماعي لمراكز مهمة وذات تأثير.
[email protected]