جنون نتنياهو ... وجنون إسرائيل
أوضح الاستنتاج الذي توصل إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في إعادة قراءته لتاريخ "الهلوكوست" "محرقة اليهود"، بأن الحاج أمين الحسيني هو صاحب فكرة إعدام اليهود وذبحهم وتبرئة النازية وزعيمها هتلر، أنه وصل حد الجنون وليس الكذب فقط لتحريفه التاريخ للوصول إلى فكرة أن الفلسطينيين يكرهون اليهود كأتباع ديانة.
وهو يريد بهذا الوصول إلى الاستنتاج التالي؛ أن زعيم الفلسطينيين الحالي الرئيس محمود عباس هو كأسلافه يحرض على قتل اليهود، وذلك من خلال الاستهداف المتكرر في تصريحاته للرئيس الفلسطيني محمود عباس واتهامه بالتحريض على العنف والإرهاب. هذا الأمر محاولة لإعادة إنتاج، ما تم في العام 2000 من استهداف شخصي للرئيس ياسر عرفات، للهروب الدائم من أسباب تفجر المواجهة الكامن في الاحتلال ذاته.
هذه المرة من كُثر ما أوغل نتنياهو في فاشيته وقع في المحظور وهو المساس في جوهر الرواية الإسرائيلية حول "الهلوكوست" ذاته وتزييف التاريخ وتحريفه لغايات سياسية ضيقة ينم عن وصول نتنياهو إلى حد الجنون ما أفقد صواب ليس فقط ساسة إسرائيل بل أصحاب المحرقة ذاتهم.
هستيريا رئيس الحكومة الإسرائيلية في الحكم والسيطرة والأمن أوْدَتْ بمؤسسات الحكم ومجتمعه إلى حد الجنون، وارتكاب أجهزة أمنه ومستوطنيه إعدامات بحق الفلسطينيين "إعدمات خارج نطاق القانون" على أساس عنصري في شوارع المدن، دون تحقق من وجود تهديد أو استخدام تدابير الحماية الكفيلة بعدم القتل من قبل شرطة الاحتلال وجنوده. فشعار الموت للعرب العنصري الذي رفعه غلاة اليمين الإسرائيلي تحول إلى سياسة حكومية رسمية ومنهجا للمجتمع الإسرائيلي ما أوقع خلال هذا الشهر قتيلين إسرائيليين على أيادي الاسرائيليين أنفسهم لكون لون بشرتهم أقرب إلى الفلسطينيين أو لكونهم يحملون سكين مطبخ في أيديهم.
(2) بان كي... without moon
قلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "Ban Ki-moon"، الذي صرح به خلال اليوميين الفارطين من استمرار المواجهة الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعدم القدرة على الوصول إلى تهدئة في مشاوراته، أضحك الفلسطينيين وباتوا يتندرون عليه عبر شبكات التواصل الاجتماعي بإنتاج دواء لقلق بانكي مون. كما أن بان كي لا يحمل من اسمه شيئا على ما يبدو؛ فهو لم يقدم ضوءا لهذا النفق "المواجهة الحالية"، ولم يستطع إلى اليوم أن يرى "يكشع" بالضوء الذي يحمله في اسمه "moon" أن المشكلة الحقيقة في الاحتلال وإجراءاته، وليس في ردة الفعل ذاتها على الاحتلال وممارساته القمعية عند مساواته ما بين الضحية والجلاد في مطالبته لوقف التحريض والعنف من الطرفين غير المتكافئين.
(3) تنظيم الحراك الشعبي
بعد ثلاثة أسابيع من الحراك الشعبي وموجة المواجهة العنيفة مع الاحتلال الإسرائيلي، بات على المنتفضين في الميدان النظر إلى تطوير أسلوب قيادة هذا الحراك والتأسيس لمرحلة جديدة من النضال والفعل الفلسطيني، بهدف الحفاظ على الحالة "الثورية" الكامنة في هذا الحراك من ناحية، واستثمار القدرات الفلسطينية المختلفة من ناحية ثانية، ودمج أكبر ليس فقط للشباب بل لأطياف المجتمع وشرائحه المختلفة من ناحية ثالثة.
فالمقاومة الشعبية لا يوجد لها شكل واحد أو أسلوب واحد بل هي بالضرورة لديها القدرة على استثمار قدرات كل فلسطيني وإمكانياته في حال توفرت قيادة قادرة على توجية وتنظيم وتأطير الجماهير، هذه القيادة سمتها طليعية بعملها الميداني، وتفكيرها وإبداعها لأشكال المقاومة، وقدرتها على تحشيد الجماهير في الفعل المقاوم، ولن تكون كذلك إلا إذا كانت شابة.
كما المقاومة لا يوجد شكلا واحدا أو أسلوبا واحدا لقيادة الحراك الشعبي أو المقاومة الشعبية؛ فالقيادة الموحدة للانتفاضة الأولى مصدر قوتها هي الفصائل الفلسطينية الثورية آنذاك، وهيئة القوى الوطنية والإسلامية في الانتفاضة الثانية جاءت كحل وسط ما بين مؤسسة الحكم والفصائل الفلسطينية.
لا يدعي صاحب هذا المقال أن لديه وصفة جاهزة لإنتاج شكل قيادة للحراك الشعبي الحالي، لكنه يظن أن إنشاء تنسيقيات محلية فوق حزبية تتمتع باللامركزية قد تكون أكثر قدرة على الحركة وإبداع أشكال المقاومة في مواجهة جنود الاحتلال ومستوطنيه وفقا لمتطلبات وإمكانيات كل موقع وطبيعة المواجهة فيه، وأقل خضوعا لضغوط قيادة الفصائل التي باتت غير قادرة على مواكبة حركة الجماهير.
[email protected]