أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، اليوم الاثنين، وضع استقالة حكومته تحت تصرف الرئيس محمود عباس.
وكانت مصادر من الحكومة الفلسطينية أكدت، في وقت سابق، أن الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية سوف تضع استقالتها تحت تصرف الرئيس محمود عباس في اجتماعها الأسبوعي اليوم، من أجل تشكيل حكومة تكنوقراط بالمرحلة القادمة.
وأبلغ رئيس الوزراء محمد اشتية عباس قبل أسبوعين بأن يعتبر استقالة حكومته "في جيب الرئيس حال كانت هناك نوايا لتشكيل حكومة جديدة".
وقال اشتية "وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف الرئيس منذ يوم الثلاثاء الماضي وأتقدم بها خطيا اليوم في ظل الحرب على غزة والاوضاع في الضفة الغربية".
وأوضح رئيس الوزراء في مستهل جلسة الحكومة المنعقدة اليوم الاثنين، بمدينة رام الله، "أن هذا القرار يأتي في ضوء المستجدات السياسية، والامنية، والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس".
وأضاف: ويأتي في ظل ما يواجهه شعبنا، وقضيتنا الفلسطينية، ونظامنا السياسي من هجمة شرسة، وغير مسبوقة، ومن إبادة جماعية، ومحاولات التهجير القسري، والتجويع في غزة، وتكثيف الاستعمار، وإرهاب المستعمرين، واجتياحات متكررة في القدس، والضفة، للمخيمات، والقرى، والمدن، وإعادة احتلالها، والخنق المالي غيرُ المسبوق أيضا، ومحاولات تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتنصل من كل الاتفاقيات الموقعة، والضم المتدرج للأراضي الفلسطينية، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية، سلطة إدارية أمنية، وبلا محتوى سياسي.
واستدرك قائلا: سنبقى في مواجهة مع اسرائيل، وستبقى السلطة الوطنية تناضل من أجل تجسيد الدولة على أراضي فلسطين، رغما عنهم.
وأشار إلى أن هذه الحكومة قد عملت في ظروف معقدة، وواجهت معارك فرضت عليها، بدءاً من معركة القرصنة الإسرائيلية لأموالنا، بسبب التزامنا بواجباتنا تجاه أسر الشهداء، والأسرى، والجرحى، ثم معركة "صفقة القرن"، التي أرادت أنهاء قضيتنا، وتلاها جائحة كورونا التي عصفت بالبشرية جمعاء، ثم حرب أوكرانيا، وارتداداتها الاقتصادية على شعبنا، وتنافس الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في الاستعمار، والقتل، والتنكيل بشعبنا، وحاليًا الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق أهلنا في غزة، والتصعيد المتواصل في القدس، والضفة، وجميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.
وتابع: في خضم ذلك كله، تمكنت الحكومة من تحقيق توازن بين تلبية احتياجات شعبنا، ومتطلبات توفير خدمات تليق به، من بنية تحتية، وتشريعات، وبرامج إصلاح، والسلم الأهلي، والانتخابات البلدية، والغرف التجارية، وغير ذلك - وبين الحفاظ على حقوقنا السياسية، والوطنية، وحمايتها ومواجهة الاستيطان، ودعم مناطق المواجهة ومناطق (ج)، وتدويل الصراع مع الاحتلال.
من جانب آخر، مضى على تشكيل الحكومة خمسُ سنوات، وهي حكومة سياسية، ومهنية تضم عددا من الشركاء السياسيين والمستقلين، بمن فيهم خمسة وزراء من غزة.
وعليه، فإنني أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين.
وبين أنه من أجل ذلك، فإنّني أضع استقالة الحكومة تحت تصرّف السيد الرئيس؛ لاتخاذ ما يلزم لخدمة شعبِنا العظيم ووحدة قواه المناضلة، لقد بقينا أوفياء للشهداء والأسرى، ولأهلنا المنكوبين في قطاع غزة، ولمشروعنا الوطني الفلسطيني، ومناهجنا المدرسية، وللقدس، ومقدساتنا، ولشعبنا البطل، رغم الحصار غير المسبوق المفروض علينا، وواجهنا التحديات التي فرضت علينا، والتي لم يكن أيٌ منها من صنع أيدينا، وتحملنا من أجل ذلك المشقة؛ لأن فلسطين تستحق أن نتحمل من أجلها الكثير.
وتقدم بالشكر الجزيل للسيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" على حكمته ودعمه، وللإخوة الوزراء؛ على عملهم الاستثنائي في ظروف استثنائية، وللشركاء من الفصائل المشاركة في الحكومة، على دعمهم أيضا، والشكر موصول لموظفي دولة فلسطين بكل درجاتهم، ورتبهم، على تفانيهم في خدمة شعبنا وتحمُّلهم وصبرهم.
كما تقدم مع اخوانه الوزراء بالاحترام والتقدير لشعبنا العظيم ولتضحياته، ولصموده في الوطن، وتحمله عذابات المنافي والشتات، وإصراره على نيل حقه في الحرية والاستقلال، والدولة ذات السيادة، متواصلة الأطراف، القابلة للحياة وعاصمتها القدس؛ بعد كنس الاحتلال من أرضنا وعودة اللاجئين.
وأكد أن هذه حكومة السيد الرئيس، وله الحق في وضع الأمور في نصابها القانوني، وبما يتيح له النظام السياسي.
واختتم قائلا: فإنَّ عهدي من أجل فلسطين، وحركتنا العظيمة، سيبقى ما بقيت، والنصر لشعبنا، "عشتم، وعاشت فلسطين".
كُلف محمد اشتية بتشكيل حكومته رسميًا في 10 مارس/آذار 2019 بعد استقالة حكومة رامي الحمد الله. وأدت اليمين الدستورية في 13 أبريل/نيسان 2019 أمام رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
واضطرت الحكومة إلى أداء اليمين مرتين، وذلك بعد أن كشف المحامي الفلسطيني نائل الحوح، عن أن اليمين الذي أقسمته الحكومة لم يكن قانونيًا، حسب القانون الأساسي الفلسطيني.
واعتبر أداء الحكومة لليمين مرتين أمام الرئيس سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحكومات الفلسطينية، وكشفت وقتها مصادر خاصة لموقع العربي الجديد، إلى أن الخطأ قد يكون مقصودًا حتى يتم الطعن بقانونية ودستورية أية قرارات تصدرها الحكومة، بما أنها استندت إلى يمين غير قانونية وغير كاملة,
ويرأس الحكومة محمد ابراهيم محمد اشتية كرئيس للوزراء، ونائبه زياد أبو عمرو، وأمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم. وتكونت الحكومة عند تشكيلها من 18 وزيرًا منهم 5 وزراء سابقين وثلاث سيدات، وضمت في أعضائها أغلبية من حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وتولى محمد اشتية مهام وزير الداخلية ووزير الأوقاف والشؤون الدينية منذ تشكيل حكومته، وحتى التعديل الوزاري المحدود في 1 يناير 2022، إذ أدى كل من اللواء زياد هب الريح، والشيخ حاتم البكري، اليمين القانونية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس كوزيرين للداخلية والأوقاف.
وترأس اشتية المجلس الاقتصادي الفلسطيني "بكدار"، وشغل منصب وزير الأشغال العامة والإسكان، كما عمل محاضرًا في جامعة بيرزيت، وساهم في تأسيس صندوق التنمية الفلسطيني ومجلس الإسكان الفلسطيني، والمركز الفلسطيني للدراسات الإقليمية، والمعهد الوطني للإدارة.
وكان اشتية عضوًا في وفد منظمة التحرير إلى مفاوضات مدريد ومباحثات واشنطن، كما ترأس اجتماعات المؤتمر الاقتصادي والاجتماعي لمجموعة الـ77 + الصين عام 2019.
أصدر اشتية عدة كتب ودراسات في الشأن الاقتصادي والسياسي والتنموي، منها "فلسطين من منظور تنموي"، و"موسوعة المصطلحات الفلسطينية"، و"المختصر في تاريخ فلسطين"، و"تآكل حل الدولتين"، والمجموعة القصصية "إكليل من شوك".
[email protected]