بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الصديق المقدسيّ رضوان صندوقه: "طالما تمنيت أن أكون محاميا للأسرى! وبعد تجربتين، سمعت وبكيت ورحلت".
وعقّبت الصديقة زهرة من الشتات: "الله يكون معهن / م، ويفرجها عليهم على عجل... يا رب شكراً لنضالك الدؤوب أستاذ على جبهة مقدسة، وأنت تكشف خفايا الوجع والقهر خلف القضبان ...دمت وإياهم بثبات وعزة وشموخ "...
وعقّبت أم رامي السلايمة (والدة الأسير الجريح محمد محمود السلايمة): " أستاذ يعني الكلام الي بيطلع لبره أنه وضعهم هلأ أفضل من ٧ اكتوبر غير صحيح؟ ما زالوا يعانون من الضرب والتعذيب والتجويع والبرد والمرض... هذا الي بنبعت نحكي للمؤسسات والهيئات للأسف دون استجابة حتى ما بستنضفوا يردوا علينا... مؤسسات فاشل".
نشرت يوم 29.11.2023 خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون"... وخاب أملي.
عُدت لزيارة الدامون لأسمع عن انتهاكات بحق أسيراتنا تقشعرّ لها الأبدان؛
وتبيّن لي أن عدد الأسيرات صار 102، (منهن 71 أسيرة من غزة)
الأسيرات بحاجة ماسّة لملابس شتويّة ولغيارات؛
وضع السجن كارثيّ، تجويع وتبريد، وكاميرات مراقبة كلّ الوقت وفي كل مكان، عزل تام عن العالم، التواصل عن طريق زيارة محامٍ لإحداهن أو أسيرة جديدة "تحمل" أخبار الخارج، أسيرات بدون غيارات، يغسلن ملابسهن الداخليّة ويلبسنها مبلولة!
"حبِستي زيادة عدد"
زرت ظهر يوم الأحد 07 كانون الثاني 2024 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة ياسمين عبد الرحمن رشيد أبو سرور من مخيّم عايدة (مواليد 25.03.1998)، وبعد التحيّة أخذت تصوّر لي وضع زميلات الأسر؛ وحدّثتني عن زميلات الزنزانة (زينب وليندا وآمنة وأحلام وهبة)، الاكتظاظ الكبير، ممّا حوّل المكتبة لزنزانة أخرى، وعن الأكل بكميات قليلة ومواصفات رديئة جداً، معفّن وخربان! وتجويع متعمّد (خبزة ناشفة بالليل إن لقينا).
هذا لقاؤها الأول بمحام منذ اعتقالها، على حدّ قولها، حدّثتني عن التعذيب في مرحلة التحقيق؛ (هذا الاعتقال الخامس)، ضرب مبرح وخاصّة على الرأس بالبسطار والبارودة، شتائم ومسبّات بذيئة، وتفتيش عارٍ بالكامل عدّة مرات، "شلّحوني الحجاب وربطوه على رقبتي وشدّوه"، مكلبشة للخلف كل الوقت وممنوعة من رفع الرأس، "مسكتني مجنّدة من شعري الطويل، لفّته بيدها، وزتّتني عن الدرج"، "كلّ إجريّ دم وزراق، وجسمي منفّخ"، "ضربوني على راسي وأغمي عليّ، الدم من ذاني ومناخيري"، واعتبروا تعليم الإسعاف خطراً وإرهاباً.
حدّثتني عن وضع أسيرات غزّة وقلقهن على الأهل، ووصّلت عبرها سلامات الأهل.
أسيرات الدامون ممنوعات من الضحك والحديث بصوت عالٍ، تفتيش غرف في منتصف الليل دون سابق إنذار، وقسم من الأسيرات مع غيار واحد فقط (تضطر لغسله ولبسه مبلول)، وقلم حبر واحد "بالسِرقة" لكلّ القسم، وبدهِن محامين للزيارة للاطمئنان على الأهل والتواصل مع العالم الخارجي.
فجأة تقول: "ما في سبب لاعتقالي، فقط أسيرة حرب وحبستي زيادة عدد".
طلبت إيصال سلاماتها للعائلة، وتقول لوالدتها: "ما تخافيش عليّ، معنوياتي عالية وقويّة".
لك عزيزتي ياسمين أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.
[email protected]