طرح الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، ثلاثة سيناريوهات للحرب على غزة: السيناريو الأول، نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها عبر إطالة أمد الحرب؛ السيناريو الثاني، استمرار الحرب على غزة لأسابيع عدة تُستنزف فيها إسرائيل، وتوقف القتال، وعقد صفقة تبادل للأسرى انتظارًا لجولة حاسمة أخرى؛ السيناريو الثالث: تطور الحرب إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، وربما عالمية، من خلال دخول حزب الله بكامل قوته، وربما أطراف من محور المقاومة، وإيران.
وتطرق نافعة إلى السيناريوهات الثلاثة بالتحليل، وتداعياتها على الإقليم والعالم، وكذلك على مستقبل السلطة والمقاومة، موضحًا أنه يستبعد السيناريو الأول، وهو نجاح إسرائيل في القضاء على حركة حماس وحكمها، وذلك بسبب صمود أهل غزة على الرغم مما خلفته الحرب من أكثر من 10 آلاف شهيد و26 ألف جريح، مشيرًا إلى أن تحقق هذا السيناريو سيؤدي إلى انكسار المقاومة الفلسطينية، وتراجع نفوذ إيران ومحور الممانعة، وتمدد نفوذ الولايات المتحدة، التي ستعطي إسرائيل أدوارًا إقليمية أكبر؛ حيث تكون ضابط الإيقاع في المنطقة، فضلًا عن تمدد نفوذ تركيا، وفرض التطبيع على الدول العربية.
وأوضح نافعة أن سيناريو توقف القتال بعد أسابيع، سيعزز المقاومة، ويعطيها دفعة قوية، لا سيما أنه يتضمن صفقة تبادل للأسرى وإخلاء الأسرى الفلسطينيين من كافة السجون، إضافة إلى تعزيز دور إيران ومحور المقاومة، وانتعاش نفوذ الصين وروسيا، وتراجع نفوذ الولايات المتحدة، فضلًا عن سقوط بنيامين نتنياهو.
ورجح نافعة سيناريو تحول الحرب إلى إقليمية، عبر دخول حزب الله بكامل قوته، لا سيما في ظل معادلة حزب الله بأنه لن يسمح بخسارة "حماس" للحرب ولا الاعتداء على لبنان، مع أنه استبعد دخول إيران، موضحًا أنه في هذا السيناريو ربما تحاول إسرائيل توجيه ضربة إلى المفاعل النووي الإيراني، ومؤكدًا أن الحرب في غزة جزء من التحولات في النظام الدولي، وهذا بدوره ينعكس على دور كل من الصين وروسيا.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بعنوان "التداعيات الإقليمية والدولية للحرب على غزة"، بمشاركة أكثر من 60 مشاركًا/ ة من السياسيين والأكاديميين والباحثين الفلسطينيين والعرب. وقد أدار الحوار هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات.
وقال نافعة إن عملية طوفان الأقصى غير مسبوقة وتؤسس لحقبة جديدة، فهي ألحقت بإسرائيل هزيمة ساحقة، وهي تختلف عن كل الحروب التي خِيضَت في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، موضحًا أنها عملية مذهلة انطلقت من أرض فلسطينية نحو أراضٍ محتلة في العام 1948، واستخدمت فيها المقاومة خطة الخداع، ونجحت فيها كما حصل في حرب أكتوبر 1973، مشيدًا بأداء المقاومة وحرفيتها وقدراتها الفائقة وأدائها العسكري.
وأوضح أن رد الفعل الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى كان عنيفًا وذا وحشية ضخمة، مشيرًا إلى أن إسرائيل وضعت أهدافًا سقفها مرتفع، وهو استئصال "حماس" وإسقاط حكمها، وبالتالي إنهاء المقاومة بالكامل، مع سيطرة أمنية على القطاع بغض النظر عمن يحكم القطاع بعد الحرب.
وانتقد نافعة موقف الدول العربية الضعيف والمخزي؛ إذ من العار انتظار 5-6 أسابيع لعقد القمة العربية، موضحًا أن الدول العربية مشتبكة أو متواطئة مع إسرائيل، وهي بإمكانها أن تستخدم وسائل ضغط كثيرة، مثل قطع العلاقات عبر سحب السفراء العرب وطرد السفراء الإسرائيليين، وقطع العلاقات التجارية، واستخدام سلاح النفط، مشيرًا إلى أن الدول العربية في غاية الحرج إذا لم تتخذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل، فلا بد من ضغط شعبي على الأنظمة حتى تتحرك.
وتطرق نافعة إلى التهجير، مشيرًا إلى أن إسرائيل لديها خطط جاهزة للتهجير، وهي تريد الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية وطرد السكان، وهذا ليس في قطاع غزة، بل في الضفة الغربية كذلك، موضحًا أن هناك مشروعات جاهزة لتسكين المهاجرين في سيناء.
وفي سؤال عن مستقبل السلطة، أوضح أن مستقبلها يتوقف على نتيجة الحرب.
وطرح الحضور مجموعة من الأسئلة حول تداعيات كل سيناريو من السيناريوهات على مستقبل السلطة الفلسطينية وحل الدولتين والتهجير، وكذلك على النظام الدولي، والمشاريع الكبرى كالحزام والطريق، والطريق التجاري الذي يربط الهند بأميركا مرورًا بدول الخليج وإسرائيل، إضافة إلى حقوق الإنسان والقانون الدولي، ودور الجمعية العامة للأمم المتحدة.
[email protected]