يرى اختصاصيو علم نفس الطفل أن هناك أسبابًا عدة لا يمكن حصرها تدفع بعض الأطفال إلى التسلل إلى غرفة أهلهم.
1 رؤية الأحلام:
عمومًا يبدأ الطفل في عمر السنتين ونصف السنة برؤية الأحلام، وهو في هذه السن لا يستطيع أن يميّز بين الحلم والواقع، ويشعر بأن ما يحدث خلال الحلم أمور حقيقية، فهو يظن أنه ترك سريره وسافر إلى بلاد بعيدة أو أمكنة غريبة مما يشعره بالخوف والقلق. ومن المعلوم أيضًا أن الطفل في هذه المرحلة يبدأ بقول كلمة «لا» التي تعكس ميله إلى الاستقلالية واتخاذ القرارات. فحين تسأله والدته مثلاً: هل تريد أن تأكل بطاطا؟ يرّد بـ «لا»، فتسأله هل تريد شوكولاته فيجيب أيضًا بـ «لا». ولكن حين تخيّره بين الاثنين يقرر أيهما يريد. وتشير هذه الـ «لا» أيضًا إلى رغبته في الانفصال عن أهله، وتحمّل مسؤولية نفسه، ومواجهة المحيط الاجتماعي خارج إطار المنزل. فحين يذهب إلى الحضانة يبدأ بالتعامل مع أتراب غرباء تنشأ بينه وبينهم علاقة صداقة أو ربما تحدث مشكلات مع طفل لا يروقه، مما يشعره بالقلق لأنه صار عليه أن يحافظ على سلامته ويؤكد قدرته على مواجهة الصعاب، إذًا تنشأ عند الطفل مخاوف من الحياة عمومًا.
2 الخوف من الكوابيس:
يظن معظم الأطفال بوجود الأشباح والسحرة لأنها شخصيات موجودة في القصص الخيالية وفي الأفلام. ومهما أكّد لهم الأهل أنها وهمية، يصرّون على أنهم لا يفهمون مخاوفهم لأنهم لا يرون ما يرونه. وفي عمر الخمس سنوات يخاف بعض الأطفال من اللصوص ويُخيّل إليهم أنهم سوف يأتون ليلاً ليخطفوهم. تظهر كل هذه المخاوف والأمور أثناء النوم على صورة كوابيس توقظ الطفل فيلجأ إلى أهله ليحموه منها.
3 الخوف من تبليل الفراش:
ومن الملاحظ أن الطفل في سنّ السنتين يستيقظ ليلاً حين يبدأ بالتخلّي عن الحفاض. وربما يعود السبب إلى خوفه من التبوّل أو إلى قلق الأم نفسها من هذا الأمر. فبعض الأمهات يعمدن إلى إيقاظ أطفالهن ليذهبوا إلى الحمام فيتعوّد الطفل على ذلك... رغم عدم وجود إجماع بين الأطباء على ما إذا كان من الضروري إيقاظ الطفل أم لا. فبعضهم يرى أنّ في إمكان الأم مرافقة طفلها وهو شبه نائم إلى الحمام، وبعضهم يرى أن في إمكان الطفل الاستيقاظ حين يشعر في لا وعيه بضرورة الذهاب إلى الحمام. وقد ينعكس قلق الأم على الطفل فينشأ عنده خوف من تبليل فراشه ليلاً وهذا سبب آخر لأرق الطفل يحفّزه على التسلل إلى غرفة والديه والنوم بين أحضانهما.
4 الغيرة من الشقيق الأصغر :
وقد تكون الغيرة الأخوية أحد الأسباب أيضًا. فالطفل الذي اعتاد النوم في غرفته يشعر بالغيرة من المولود الجديد الذي ينام في «غرفة الماما والبابا» ويسأل نفسه «لمَ يحوز هذا المخلوق الجديد هذا الامتياز وأنا لا؟ ولمَ يحصل على كل هذا الاهتمام ليلاً ونهارًا؟». ووفق الاختصاصيين، هذه الغيرة منطقية وطبيعية، لأنّ الطفل لا يدرك أنه قد حصل على كل هذه الأمور حين كان رضيعًا.
5 القلق المدرسي:
من المعروف أن الطفل في سن ما بين الخمس والسبع سنوات يبدأ القراءة والكتابة، وهذا تحدٍ جديد بالنسبة إليه يسبب له قلقًا مرتبطًا بأدائه المدرسي، يتبلور من خلال الأحلام والكوابيس فيلجأ إلى أهله ليلاً باحثًا عن الأمان العاطفي والنفسي.
6 رغبة الأم في حاجة الطفل إليها:
وقد يكون الوالدان سببًا في تحفيز الطفل على النوم ليلاً بينهما. فبعض الأهل يشتاقون إلى ضم طفلهم، والتعبير عن عاطفتهم نحوه، والإحساس بأنه لا يزال في حاجة إليهم، خصوصًا في المرحلة التي يبدأ فيها الطفل الكلام والمشي وتناول الطعام وحده أو غسل أسنانه... أي حين يبدأ بالاستقلالية، ولم يعد يحتاج إلى هذه الأمور المادية. لذا يسمحون له بالنوم في سريرهم لأنهم مشتاقون إلى هذه الأمور.
عمومًا، تختلف طريقة كل طفل عن الآخر في التسلل إلى سرير أهله. فهناك بعض الأطفال يشرعون في البكاء والصراخ لحظة استيقاظهم فتتوجه الأم إلى سرير الطفل وتطمئنه فيعود إلى النوم. وهناك من يستيقظ بهدوء ويتسلل إلى سرير أهله، وبعضهم من يقصد إحداث ضجة ليوقظهم، وهناك من يكون في حاجة إلى جرعة من الحنان والعاطفة ليلاً رغم أنه يشاكس أهله خلال النهار.
7 الدمى الموجودة في الغرفة:
قد تسبب الدمى الموجودة في غرفة الطفل الخوف منها، خصوصًا تلك التي ترمز إلى الشر، فيتوهم أنها تتحرّك ليلاً. فمثلاً يقول لأمه: «رأيتها ترمقني بنظرة مرعبة»، عندها يمكن الأم أن تقول: «ما رأيك بأن نسجنها في الدرج؟ أو تضع دميتك المفضّلة إلى جانبك وتضمّها، فهي سوف تحميك».
8 ممارسات الأهل خاطئة:
يشير الاختصاصيون إلى بعض الممارسات الخاطئة التي يقوم بها الأهل عن غير قصد. فمن الخطأ أن ينام الرضيع في غرفة الأهل بحجة أنهم يخشون أن يُقلق شقيقه بسبب بكائه. في حين أنه يجب وضع المولود الجديد في مهده وفي غرفة شقيقه، وإذا استفاق وأيقظ أخاه، فإن الأخير سوف يشعر بالطمأنينة لمجرّد إدراكه أنه لا يزال معه، ويعود للنوم ثانية.
وهناك بعض الأهل يسمحون لطفلهم بأن ينام بداية المساء في سريرهم ثم ينقلونه إلى غرفته عندما يغط في سبات عميق. وكأنهم يقولون له إن سريرك غير مريح، في الوقت الذي يجب أن يعتاد على غرفته، ويتأقلم مع ألوانها والأشياء الموجودة فيها.
ويشدّد الاختصاصيون على الأهل بألا يتهاونوا أحيانًا في السماح لطفلهم بالتسلل إلى سريرهم، فهذا قد يسبب له إرباكًا ويتساءل: «لمَ سمحوا لي هذه المرّة»؟ بل عليهم الالتزام بالقوانين التي وضعوها مهما كان رد فعل الطفل الذي يحاول دائمًا اختبار قدراتهم على تنفيذها. ومن الضروري أيضًا أن يشرحوا له أن لهم حياتهم الخاصة المستقلّة عنه، خصوصًا ساعات النوم، فهو في حاجة إلى أن يفهم لمَ ينفصلون عنه ليلاً
[email protected]