أمرت المحكمة المركزية في مدينة حيفا وبموجب اتفاق تسوية، بتعويض شاب من سكان بلدة الجديدة-المكر بمبلغ فاق المليون شيكل، من قبل صندوق مرضى ومستشفى كبير في الشمال، وذلك في اعقاب فشل في تشخيص الحالة المرضية لدى الشاب، وعدم منحه العلاج اللازم في الوقت المحدد، الامر الذي أدى الى تدهور خطير في حالته الصحية، كادت ان تتسبب بفقدانه حياته.
وتعود تفاصيل القضية لمطلع شهر يناير/كانون الثاني من العام 2009، عندما توجه الشاب ب.ب (الأسم الكامل محفوظ في ملف التحرير) وهو لاعب كرة قدم محلي مشهور، يلعب كمهاجم في احدى الفرق، الى عيادة صندوق المرضى التي يتبع اليها في قريته الجديدة، وهو يعاني من اوجاع في منطقة البطن والمعدة، بحيث تم تحويله للقيام بصورة الأشعة المقطعية المحوسبة المعروفة بأسم صورة (CT) ، التي قرر طبيب العائلة من معطياتها ان الأوجاع لدى مريضه ليست سوى بسبب وجود "حصى" في المرارة، والتي غالبًا ما تكون مشكلة عرضية، سرعان ما يمكن التخلص منها ليعود المريض الى حالته الطبيعية، ولكن، على الرغم من ذلك تواصلت الأوجاع وباتت تزداد يومًا بعد يوم، حتى وصلت ذروتها وأضطرت عائلة المريض الى نقله الى المستشفى بواسطة سيارة الإسعاف، ليتبين هناك ان الطبيب في صندوق المرضى فشل في تشخيص الحالة المرضية الحقيقية التي يعاني منها، والتي كانت عبارة عن التهاب في الزائدة الدودية وليس حصى في المرارة، ونتيجة لهذا الخطأ في التشخيص وصل المريض الى حالة "انفجار الزائدة الدودية"، وعندما وصل الى المستشفى تم نقله الى احد الأقسام المختصة هناك من اجل القيام بعملية ما تعرف بأسم "الصرف" لكل الإفرازات التي نتجت عن انفجار الزائدة، إلا ان أنبوب الصرف كان مغلقًا، دون ان ينتبه الأطباء لذلك!، وبالتالي استمرت معاناة المريض لوقت طويل في المستشفى، وبقيت الإفرازات داخل الجسم، لحين بدأ يخرجها بصورة قيح/ صديد (عمل)، إضطرت حالته لإجراء عمليات جراحية عديدة له من اجل انقاذه، كما جاء في ملفه الطبي وعلى لسان ممثله قضائيًا المحامي وسيم طنوس الذي شرح بإسهاب حالته منذ البداية.
وفي هذه المرحلة، دخل المحامي وسيم طنوس من مكتب طنّوس للمحاماة في مدينة نهاريا الى الصورة، بحيث وصل الى المستشفى، وطلب سيارة إسعاف بشكل فوري ونقل المريض الى مستشفى هداسا عين كارم في القدس لتلقي العلاج، بحيث خضع هناك لعمليات جراحية عدة، وتمّكن الأطباء والجراحون من إنقاذ حياته، ومنع تدهور حالته الصحية أكثر، على الرغم من انه وصل بحالة يرثى لها، بعد اجرائهم عمليات جراحية اخرى، وعمليات صرف لما تبقى من افرازات في الجسم التي سبق وان تسببت في تلويث خطير في جسمه خاصة في المصران، فيما اضطر الأطباء لإستئصال الجلد من مناطق مختلفة من اجل زرعها مكان العمليات.
وقال المحامي وسيم طنّوس:"ان اكتشاف وجود الإلتهاب في الزائدة الدودية في جسم موكلي جاء متأخرًا، على الرغم من ان ذلك كان يحتاج الى فحص فيزيائي اضافي وعدم الإكتفاء بنتائج صورة السي تي المحسوبة، فبمجرد لمس منطقة اسفل البطن من جهة الزائدة، كان سيمكن الطبيب في عيادة صندوق المرضى من اكتشاف مصدر الألم، وتفادي ما تعرض له موكلي ومنع معاناته هذه، بمنحه العلاجات اللازمة في الوقت المحدد دون تعريض حياته للخطر".
واضاف المحامي طنّوس:"في نطاق القضية وفي اعقاب ما تعرض له موكلي من عمليات جراحية، منحه التأمين الوطني نسبة عجز بلغت 20% طوال الحياة، وبمساعدة مكتبنا وطاقم المحامين فيه، أقنعنا القاضي ان نسبة عجر 20% طبيًا توازي نسبة 30% وظيفيًا، وعلى الرغم من محاولات المشتكى عليهم بالتنكر للقضية، محاولين اثبات عدم وجود اهمال وخطأ طبي في القضية، ولكن المحكمة آمنت بصدق توجهنا نتيجة للإثباتات الملموسة التي جمعناها، بالاضافة الى التقارير من أطباء ومختصين كبار في المجال، ما جعل القاضي يقترح التوصل الى اتفاقية تسوية بين الأطراف وانهاء القضية، وعليه تم الإتفاق على تعويض كلي يشمل مخصصات التأمين الوطني فاق المليون شيكل".
وذكر المحامي وسيم طنوس خلال حديثه:"ان التأمين الوطني منح المصاب نسبة عجز 20% وهي تساوي في المحكمة اليوم مبلغ قدره نصف مليون شيكل، ولكننا تمكننا من مضاعفة التعويضات، وعليه ننصح كل مواطن مهما كانت قضيته وحالته، إن كان لديه شك ولو قليل جدًا حول وجود خطأ طبي، عليه بالتوجه لمحامي مختص، الذي يدوره يساعد على منح كل صاحب حق حقه، وعدم السكوت على ذلك، علمًا ان القانون الاسرائيلي يمنح مدى سبع الى عشر سنوات كحد أقصى من يوم العملية او اكتشاف الخطأ الطبي لتقديم دعاوى قضائية".
[email protected]