عاد بنيامين نتنياهو لتصدر المشهد السياسي الإسرائيلي ورئاسة الحكومة وسط تفاقم ما يعرف بأزمة القيادة و غياب جيل التأسيس منذ موت أرئيل شارون عام 2014 وشيمون بيريز عام 2016، وقد وصف نتيناهو من قبل مؤيديه بأنه آخر الملوك مع إعتبار فوزه وعدة أحزاب من أقصى اليمين المتطرف مؤشراً على إحتمال إشعال حرب في المنطقة مع مقدمات من التحشيد النفسي والعسكري والدعائي يمارس ضد الفلسطينيين وحلفائهم من دول وشعوب المنطقة.
وفي هذا التحشيد يقدم نتنياهو نفسه كرأس حربة رغم فشله خاصة في ثلاث حروب على قطاع غزة عام 2009 وعام 2012 وعام 2014، إضافة لمعركة سيف القدس ووحدة الساحات والعمليات المستمرة في القدس وعموم الضفة الغربية وهذا فشل يطوق نتنياهو أكثر من تهم الفساد التي تلاحقه دون أن تمنعه من تحقيق فوز أكثر مما كان متوقعاً في الإنتخابات التي جرت في الأول من شهر تشرين الثاني وحصل فيها على العدد الأكبر من الأصوات، رغم سيرته المليئة بتهم الفساد والرشاوى وخيانة الأمانة، ومع ذلك عاد إلى الحكم مقدماً نفسه بأنه الأكثر عدائية للشعب الفلسطيني وبشخصية مركبة من أساسين: الأول السيطرة على الحكم دون منافس والثاني العمل على تثبيت أغلبية يهودية من النهر إلى البحر.
كما أنه يسعى لتقديم نفسه بأنه الشخصية الأبرز بعد بن غوريون متحدثاً عن إنجازاته وأبرزها إقامة علاقات تطبيع علنية مع أنظمة عربية وأنه الأكثر حفاظاً على البيئة الصهيونية المؤدلجة وإمتلاكه لخبرات تجارية وإعلامية وسياسية، ومع ذلك يجد المقربون منه صعوبة بالفصل بين تطلعاته الشخصية والسياسية كونه شخص متعلق بالمال والسلطة أكثر من تعلقه بأفكار و سياسة جيل المؤسسين ويتعلق بالمال والسلطة أيضاً أكثر من تعلقه بزوجته سارة المتعلقة جداً بالعطور الفاخرة والسيجار العالمي والشمبانيا والمجوهرات الثمينة.
وتترافق أزمة القيادة وغياب جيل المؤسسين بسوء إدارة الجيل الثاني مثل أيهود باراك وأيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو الذين عاشوا زمن الهزائم منذ العام 2000 ومتهمين بالضعف والتردد والسمعة السيئة وقلة الخبرة، ولكنهم أكثر تطرفاً من جيل المؤسسين، وخاصة نتنياهو الذي رغم امتلاكه القدرة على اقناع الإسرائيليين بأهليته للحكم و تجاوز أزمة القيادة و غياب جيل المؤسسين فانه يواجه تحديات تزداد صعوبة في الداخل وعلى كافة الجبهات وسط ارتفاع منسوب المخاوف من الانهيار ووقوع حرب أهلية بدأت مقدماتها منذ مرحلة ما بعد بن غوريون وموشيه دايان وغولدا مائير وإسحاق رابين وشيمون بيريز وإسحاق شامير وصولاً إلى بنيامين نتنياهو الذي لم يعاصر الحروب التأسيسية التي خاضتها العصابات الصهيونية و التي لم تصنع هوية واحدة ومتجانسة في المجتمع الاسرائيلي مما أوجد صراعات عميقة ارتفعت وتيرتها بعد انتهاء مرحلة جيل المؤسسين وحديث الجيل الثاني عن المخاوف الداخلية والخارجية وعقدة الثمانين عام وبداية انتهاء الحلم الصهيوني على أرض فلسطين.
[email protected]