تحل اليوم الثلاثاء 6 سبتمبر/ أيلول الذكرى الأولى لانتزاع ستة أسرى فلسطينيين حريتهم من سجن جلبوع الإسرائيلي بعد حفرهم نفقا من زنزانتهم بأدوات معدنية بسيطة، في عملية وجهت ضربة قاسية لأجهزة الأمن الإسرائيلية وأذهلت العالم.
والأسرى الستة الذين تمكنوا من انتزاع حريتهم عبر النفق هم محمود العارضة ومحمد العارضة وأيهم كممجي ويعقوب قادري وزكريا الزبيدي ومناضل انفيعات، وجميعهم من محافظة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.
واحتفى الفلسطينيون بشكل كبير بالعملية التي عرفت إعلاميا بـ"نفق الحرية" أو "الهروب الكبير" وعمت احتفالات في عدة مناطق ابتهاجا بالإنجاز الذي حققه الأسرى.
لكن قوات الاحتلال أعادت اعتقال الأسرى الستة على فترات متلاحقة في غضون أسبوعين من العملية.
تفاصيل العملية
استغرق الأسرى الستة مدة 9 أشهر في عملية الحفر تحت الأرض بما توفر من أدوات حادة ليصلوا حتى بُعد 25 مترا تحت الأرض من الجانب الآخر لجدار السجن.
وصرّف الأسرى التراب المحفور في دورة المياه والمواسير والتي سُدّت أحيانا وهو الأمر الذي كاد أن يعطّل مواصلة العمل على حفر النفق لئلا ا يُكشف أمرهم.
وحفر الأسرى النفق في ظروف ليست طبيعية في عمق الأرض، بحيث ينخفض مستوى الأكسجين ولا تتوفر الإضاءة والمعدات اللازمة لذلك.
ونجحوا بالخروج من تحت بلاطة مساحتها 60 سم في مراحيض غرفة رقم 2 من القسم 5 في سجن "جلبوع" الذي بني عام 2004 وهو يُصنّف "بالأكثر حصانة".
وتمكّن الأسرى الستة من فجر يوم الإثنين (01:50 فجرًا) 6 أيلول/ سبتمبر 2021، من تنفس الحرية والخروج من الحفرة بعد أسوار السجن الذي لُقّب "بالخزنة" لشدة إحكامه.
ونجحوا بهذا الأمر رغم أن برج المراقبة يتمترس تماما فوق فوّهة الحفرة، إلا أن أحدًا لم يلحظهم، ولم يرصد مراقب الشاشات تحرك الأسرى بمحيط أسوار السجن، والكلاب الشرطوية لم تنبح كذلك.
وعقب اكتشاف أمرهم، شرعت قوات الاحتلال في حملة تمشيط واسعة ، بحثاً عنهم وسعياً لإعادة اعتقالهم، وخلال فشلٍ استخباراتي امتد لأسبوعين كاملين تمكن جنود الاحتلال من العثور على أبطال نفق الحرية.
من هم أسرى نفق الحرية؟
- محمود العارضة (47 عاما) من بلدة عرابة جنوب جنين والمحكوم بالسجن مؤبد و15 عاما، أمضى في سجون الاحتلال (29 عامًا ونصف) فقد سبق أن اعتقل لـ3 أعوام ونصف عام 1992.
- يعقوب قادري (50 عاما) من بير الباشا جنوبي جنين، والمحكوم بمؤبدين و35 عاما، وأمضى في سجون الاحتلال 20 عامًا.
- أيهم كممجي (36 عاما) من كفر دان غرب جنين والمحكوم بمؤبدين، أمضى في سجون الاحتلال 17 عامًا.
- مناضل انفيعات (27 عاما) من يعبد (موقوف منذ 3 سنوات).
- محمد العارضة (40 عاما) من عرابة جنوب جنين، والمحكوم ثلاثة مؤبدات و20 عاما، وأمضى في سجون الاحتلال 20 عاما ونصف.
- زكريا الزبيدي (46 عاما) من مخيم جنين موقوف منذ 3 سنوات، وأمضى في سجون الاحتلال 8 سنوات.
وعقب إعادة اعتقالهم، أضاف الاحتلال وبعد عدة جلسات قضائية، لكل أسير من الأسرى الستة، حكمًا بالسجن مدة 5 سنوات، وغرامة مالية 2000 شيكل.
كما فرض الاحتلال على الأسرى الـ5 الذين ساعدوا أسرى نفق الحرية حكمًا بالسجن 4 سنوات إضافية، وغرامة مالية 2000 شيكل، وهم: محمود شريم، وقصي مرعي، وعلي أبو بكر، ومحمد أبو بكر وإياد جرادات.
لا صفقة تبادل بدونهم
وعقب حالة الإحباط التي صاحبت إعادة اعتقال الأسرى الستة، كان لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة "حماس"، كلمة أعادت رفع الروح المعنوية في صفوف الفلسطينيين، عندما تعهدت بعدم إتمام أي صفقة تبادل جديدة مع الاحتلال دون الأسرى الستة.
وقال أبو عبيدة، الناطق باسم الكتائب في كلمة متلفزة حينها: إن "أبطال نفق الحرية سيخرجون مرفوعي الرأس وقرار قيادة القسام بأن صفقة تبادل قادمة لن تتم إلا بتحرير هؤلاء الأبطال".
وأضاف أبو عبيدة "إذا كان أبطال نفق الحرية حرروا أنفسهم هذه المرة من تحت الأرض، فإننا نعدهم ونعد أسرانا الأحرار بأنهم سيتحررون قريباً بإذن الله من فوق الأرض".
وتابع "إعادة اعتقال بعض أبطال نفق الحرية لا يحجب حقيقة عملهم المشرف، ولن يخفي حجم الخزي والعار الذي لحق بالمؤسسة الأمنية الصهيونية".
نادي الأسير الفلسطيني في ذكرى بطولة "نفق الحرية"
هكذا واجه الأسرى في سجون الاحتلال العدوان الذي شنته إدارة السجون عليهم عقب الفشل "الأمني" الذي أصاب منظومة الاحتلال
فرضت عملية "نفق الحرية" تحولات على مستوى المواجهة والأدوات النضالية للأسرى، حيث اتخذ الأسرى من خطوات "العصيان والتّمرد" على قوانين إدارة السّجون، المسار الأهم في مواجهة العدوان التي شرعت به إدارة السجون عليهم بعد عملية "نفق الحرية"، واحتدمت المواجهة في الفترة الأولى مع تصاعد عمليات الاقتحام حيث سُجلت عشرات الاقتحامات في حينه، وفي كافة السّجون، وواجهها الأسرى بحرق الغرف، والذي يعتبر أبرز أدوات الرفض والتّمرد على الإدارة، واضطرت إدارة السّجون لجلب تعزيزات مضاعفة من قوات القمع المدججة بالأسلحة، ووضع إطفائيات أمام كافة السجون.
وبدأ الأسرى بعملية تنظيم الصفوف عبر اتخاذ مسار من المواجهة المفتوحة، وحماية الجبهة الداخلية لهم، وفعليًا لقد تمكّن الأسرى من تعزيز حالة الوحدة، الأمر الذي أفشل فعليًا مخططات إدارة السجون وساهم في نجاحههم على مدار هذه الفترة، فكانت أولى خطوات الأسرى تشكيل لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة ومن كافة الفصائل، وعبرها تمكّن الأسرى من تنفيذ برنامج نضاليّ تصاعديّ، واستمر لمدة أسبوعين، وتمثلت هذه الخطوات برفض الخروج إلى ما يسمى "بالفحص الأمني"، وارتداء الزي الخاص بإدارة السّجون، كإشارة للاستعداد للمواجهة المباشرة.
[email protected]