يطل ويطرق العيد أبوابه علينا، والقلائل الذين يستقبلونه كما كانوا في الماضي، يترقبون قدومه على أحر من الجمر والتمتع بأجوائه الرائعة والشعور بالتعالي والانتماء، أمّا اليوم فيستقبلونه وكأنه عبء ومصيبة ينثر الدموع ويجدد الجراح والآهات، المعاتبات وتصفية الحسابات.
فقدنا معانيه الدينية، الاجتماعية، والتربوية، وعليه أسمح لنفسي القول: إن العيد لم يعد كما عرفناه، فكلما اقترب العيد زاد قلق البعض وخوفه وكأنه عزرائيل! ينفرد غارقا بالتفكير والتكفير كيف وأين يقضي أيام الكارثة "بنظره" ليصبح وللأسف في عداد المفقودين، بعد أن تمت إصابته إصابة مباشرة بسهام الجهل، الحقد والكراهية والهروب من مواجهة الحقيقة والواقع ليرقد صامتا خارج محيطنا، يلتقط أنفاسه الأخيرة. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نكابر ونتهرب ولا نعترف أن اللامبالاة والفتور سيطرت علينا ونتهرب من العيد رغم أبعاده وكونه شعيرة من شعائر الله سبحانه وتعالى، رغم كلّ الآلام والمشاكل والأوضاع؟
في هذا المقام، أود أن أؤكد؛ رغم أن الأيام بكل تقلباتها من آهات وأفراح، مآسٍ وحروب تمر لتطوي صفحات، فقدوم العيد بأجوائه ومعانيه تطوي هذه الصفحات والمشاهد، إلّا أن الواقع عكس كل هذا، فهناك من يحلو لهم الانتقام من العيد بقتل أجوائه وسلب فرحة الأطفال، وكأنه المسبب والمسؤول عن مشاكلهم وأوضاعهم، يفتح ويتذكر صفحات الماضي وما ألمّ به من مآسٍ وأحزان وهموم وكأن هذا اليوم الأمثل! وهذه بلا شك محطة خطيرة يجب علينا الوقوف عندها مطولا ومعالجتها والاعتراف أننا بحاجة للعيد، وليس العكس كونه يبعث الأمل ويجدّد الآمال ويدب الرحمة في القلوب الحزينة التي أحبطها وأحاط بها اليأس، بل ولمواصلة الحياة كما هي لأن العيد يغير من مجرى حياتنا وتفكيرنا، ويعيد البسمة المسلوبة ويعمل على توطيد العلاقات الاجتماعية والتماسك والترابط الأسري.
أسأله تعالى أن يعيده على العباد وكل من ينبذ مظاهر وأشكال التعصب والتطرف والعنف ويساند المظلوم وأصحاب الحالات الخاصّة بكل سلام وخير.
وأنهي بهذه الآية التي تدلّ على فريضة الحج وفوائده بقوله تعالى:
"ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهية الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير".
[email protected]