لم أتناول الطعام طوال الليل، فلماذا يكون مستوى السكر في الدم لديّ مرتفعًا في الصباح؟! هل هذا الوضع طبيعي؟ كيف أتعامل مع الأمر؟ كيف يُعقل أن يكون مستوى السكر لديّ خلال النهار، وبعد تناول الطعام بساعتين، أقلّ من مستوى السكر الذي استيقظت معه في الصباح، مع العلم إنني لم اتناول الطعام طيلة الليل؟! هل هذا يحدث لي فقط؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تتبادر إلى ذهننا كمرضى سكّري، خاصةً إذا حظينا بساعات نوم طويلة وكافيّة باللّيل، ولكننا نستيقظ في الصباح ونسبة السكر في الدم عالية.
لا داعي للتوتّر، يمكننا أن نتنفّس الصعداء: سواء في الجسم السليم أو الجسم غير السليم، في ساعات الصباح الباكر يبدأ ارتفاع الهرمونات، ويليه ارتفاع في مستويات السكر في الجسم. الهدف: تهيئة الجسم ليوم آخر مليء بالطاقة الجيدة. هذه الظاهرة طبيعية أيضًا لدى مرضى السكّري، لكن المشكلة هي أن أجسام مرضى السكري، مقاومة للأنسولين- أي أنها غير قادرة على إدخال السكر الذي ارتفع إلى الخلايا. تم إجراء الكثير من الأبحاث الطبية لتحليل وفهم ظواهر ارتفاع مستوى السكر، مصادرها وأسبابها، طرق العلاج والاستعداد لمثل هذه الحالة، والتي يمكن أن تحدث أحيانًا بوتيرة عالية، والخطوات التي يجب أن نتّخذها لمحاولة تجنّبها.
لننظر الى هذا التقرير على أنه الخطوة الأولى، الذي نحصل من خلاله على جميع المعلومات الضرورية، حتى نكون مستعدّين حقًا لجميع الحالات.
تعرّفوا على "صديقينا" الجديدين: ظاهرة الفجر وتأثير ظاهرة "سوموجي"
هاتان الظاهرتان لهما أسباب منفصلة وعوامل مختلفة، ولكن النتيجة النهائية واحدة هي: ارتفاع نسبيّ لمستويات السكر في الدم في الصباح. سنتحدث أوّلاً عن ظاهرة الفجر: كما ذكرنا آنفًا، قد تنشأ في جميع أنواع مرض السكري، سواء من النوع 2 أو من النوع 1. ما يحدث هو أنه عند اقتراب الجسم من الاستيقاظ يبدأ الكبد بتفكيك مخزونات السكر (الجليكوجين). السبب لهذا الأمر طبيعي تمامًا، وهو على خلفية التغييرات الهرمونية التي تحدث في الجسم. لا ينتبه الأشخاص الأصحّاء لهذا الارتفاع الطفيف في مستويات السكر، ولكن عندما يتعلق الأمر بنا، كمرضى سكّري، فمن الأفضل أن نكون مستعدّين وأن نعرف مسبقًا طرق مواجهة الأمر حتى لا يكون ذلك خطيرًا لنا أو يزيد من حالتنا سوءً. عادة ما تحدث الاضطرابات في الإفرازات الهرمونية المنسوبة إلى ظاهرة الفجر بين الساعة 3 فجرًا و8 صباحًا.
وفي المقابل، إن ارتفاع نسبة السكر في الدم في الصباح بفعل تأثير ظاهرة "سوموجي"، يحدث بعد نقص سكر الدم الليلي، حيث تهبط مستويات السكر في الدم أثناء الليل، وعليه يعوّض الكبد عن نقص السكر بتفكيك مخازن السكر. يتجلّى ذلك في ارتفاع مستويات السكر في الصباح، وقد يؤدّي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تفاقم الحالة الطبية وزيادة خطر إصابة مرضى السكريّ بالمضاعفات المعقّدة التي ترافق مرض السكري، علمًا أن نوبات نقص سكر الدم مصحوبة بمخاطر.
ولذلك، جمعنا لكم عددًا من النصائح لمواجهة "صديقينا" العزيزين:
ظاهرة الفجر:
-
قد يوصي الطبيب المعالج بملاءمة جرعات الأنسولين وأدوية السكّري حسب انعكاس الظاهرة علينا.
-
لمستخدمي الإنسولين- قد يوصي الطبيب المعالج باستخدام مضخة الإنسولين التي يتم توصيلها بالجسم ليلًا أيضًا. في مضخّة الإنسولين، بالإمكان التحكم في حقن الإنسولين على مدار اليوم ببرمجة مسبقة، والتحكم بإجراء تغييرات في إفرازات الإنسولين ليلًا للتعامل مع وضعنا الهرموني الخاص بنا.
-
إذا كانت ظاهرة الفجر ناتجة عن زيادة تدريجية في مستويات السكر في الدم أثناء الليل وحتّى الصباح، دون حدوث نوبة نقص السكر في الدم ليلاً، فقد يوصي الطبيب المعالج بتجنّب تناول الكربوهيدرات ليلاً وقبل النوم- وذلك لمنع زيادتها في الجسم.
تأثير ظاهرة "سوموجي":
إذا نشأ لدينا تأثير ظاهرة "سوموجي"- ووفقًا لبروفيل مستويات السكر في الدم لدينا ليلًا، فقد يوصي الطبيب المعالج بخفض جرعة الإنسولين التي يتم حقنها ليلًا لمنع نوبة نقص السكر الليلي في الدم. يوصى أيضًا بإجراء تعديلات على النظام الغذائي بالتشاور مع اختصاصي التغذية العلاجية أو الطبيب المعالج.
وهكذا، لدينا الآن جميع المعلومات التي نحتاجها لفهم مصدر هذه الظواهر، كيف يتفاعل جسمنا معها ولماذا، والطرق الأساسية لمواجهتها. وهكذا مستقبلًا، حتى لو واجهنا صباحًا فيه نسبة السكر لدينا مرتفعة بعض الشيء، بإمكاننا أن نبقى هادئين ومطمئنّين، أن نتصرّف بطريقة محسوبة ونتعامل مع الأمر دون ضغط، وأن نواصل يومنا بطاقات جيّدة ومتجددة.
*لمزيد من المعلومات حول الظواهر وطرق العلاج الأخرى لمرضى السكري، يرجى التوجّه للطبيب المعالج.
[email protected]