سلمنا ، فلم يرد علينا السلام ، ورفض السلام أن يعود إلينا ولكننا سنبقى أيها الناصري ، يا أبن داوود ، ننفض غبار أرجلنا ، فهم الخاسرون ونحن الرابحون ، فلصوص الليل ، ولصوص الضمائر، ولصوص الارواح ، واللصوص الدموين كلهم تناوبوا على سرقتنا وعلى سرقة وجودنا المتجذر بهذا الشرق ، فبعد أن تكاثرت علينا الذئاب الشرسة المتلاهثة ، وتفننوا في قتلنا ونهشنا وتعذيبنا ، ولم تعد تصلح مع جرائمهم حكمة الحكيم ، ولا بساطة الحمائم ، فها هم يسلموا ابناءنا إلى المجالس ، ويجلدون أخوتنا في المجامع ، ونساق كالنعاج لمسالخهم ، هناك في الشرق قتلت أحلامنا وسرقت اوطاننا وجفت ينابيعنا ويبست أعضاءنا ، وحرق أبناءنا وقطعت رؤوس أخوتنا ودمرت كنائسنا وحتى المساجد ودور العبادة لم تسلم من إرهابهم ، فهم لا يريدون سوى ديمومة بقائهم، قل لهم يا سيد أنه غير مرغوب فيهم أبداً ، قل لهم أن شرقنا قد سئم غيهم ودمويتهم وجورهم ، قل لهم يا سيد أننا نريد منهم أن يرحلوا عن شرقنا الأشم ، وليتركوننا في أوطاننا نعيش في سلام ، قل لهم يا سيد أننا سئمنا احتلالهم ، ودولتهم الفاشية والأصولية ، التي هي صدى لإقطاعاتهم البائدة ، التي عفا عليها الزمن ومضى ، قل لهم أنهم مكشوفون ، فنحن أقوياء بالرغم من أن سلامنا لم يرد علية السلام.
إنها القصة الحقيقية لحالة المسيحيين حيث تحشد فيها الأدلة ، والمسوغات والمبررات،وتهمة التكفير لمجموعة أشخاص أو لشخص في معظم الحالات يكون هو القطب الأضعف في القضية المشرقية ، ليتم تقديمه باعتباره الجاني، والكافر ، وأعتقد أنه قد تم اختيار الكبش لهذه المهمة لطيبته لا لضعفة ، ولانصياعه الكامل لا لاستسلامة ، ولحاقه بباقي القطيع ناسياً تاريخة الحقيقي المسيحي المشرقي مطأطئاً رأسه هائماً على وجهه ، وذلك مما عزز شخصيته، وجنَّده وبجدارة لهذه المهمة ، وفي اعتقادي أنها الطريقة التاريخية والحتمية للتملص من مسؤوليات الأخطاء الجسيمة ووضعها على ظهر هذا الكبش الطيب.
وها هو الشرق المتألم يحكي لنا قصة المسيحيين كبش فداء يحمل على عاتقه كافة تبعات التخلي والإهمال ، فهو الشماعة الجاهزة لوضع الإشكاليات على أكتافها لتدفع ثمن باهظاً أيزاء اي تغير سياسي يعصف بالمنطقة ، ولكن صورة الكبش تطورت في عصرنا هذا وتضخمت وتجاوزت مفهوم "الكبش الواحد" بعد أن عصف الخريف العربي بالعالم الإسلامي للتتحول المسيحية المشرقية إلى كبش فداء لدولة الخلافة الإسلامية ، ولتدفع هذه الفئة فاتورة وجودها في هذا الشرق ، بعد ان لعب المسيحييون دوراً بارزاً وريادياً في تطوير معالم الحضارة المشرقية ، ولكن وبعد ظهور ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية بقيادة تنظيم داعش الإرهابي وللإسف الشديد باتت المسيحية المشرقية والإقليات الاخرى المختلفة كالايزيدين والعلويين والاكراد والشيعة والمسلمين السنة «كبوش وأكباش » قُدمت على موائد العالم العربي والإسلامي بأشكال مختلفة تعبر عن لقطات اللجوء وويلات الحروب والنفي والتشرد والسجن والقتل والحرق وضرب الأعناق ، إنها لوحات مكررة صارت حتمية يربطها خيط وجع مشرقي ، تتلاحق فيه التضحيات وتتوالى فيه النكبات ، إنها اللقطة والمعزوفة والسطور والمعاني المتلاحقة لنزف موجع لا ينقطع ولحزن لا يضاهى ولا ينسى ، لحالة مشرقية لم يعد يكفيها كبش واحد فقط.. ولم يعد بالإمكان أن تحمل كل هذه النكسات والإنكسارات والانهيارات لهذا الكبش، إننا نحتاج إلى ألف كبش فداء ينوب عنا يا يسوع في تحمل تشتتنا واختلافنا وانتظارنا وتخاذلنا ، علينا اليوم أن نتوقف عن تخلينا عن وحدتنا كمشرقيين ، عن وحدة الصف المسيحي الضروري لأجتياز هذة المرحلة العصيبة التي نمر بها والتي باتت تهدد وجودنا ، لنقف ونعترف ونفهم تاريخياً ما جرى في الماضي وما يجري في الحاضر لندير مراكبنا المسيحية مستقبلاً إلى شاطئ الأمان بقوة.
هجرة المسيحيين وإسرائيل الأختيار الاخير ،
الوجود المسيحي في الشرق، حيث أرض البشارة الأولى، مهدد بالأفول والزوال ، أذ يتعرض الشرق لنزيف بشري واجتماعي وثقافي وسياسي على جانب كبير من الخطورة وهو هجرة المسيحيين ، حيث تؤكد الإحصائيات إن المسيحيين في المنطقة العربية كانوا يشكّلون قبل قرن نحو 20% من سكان المنطقة، فيما لا يمثّلون اليوم سوى 5% تقريباً ، وهي نسبة مرشحة لمزيد من التناقص بسبب عوامل الهجرة المستمرة ، فأن الشرق بات مهدداً بأن يصبح بفعل الهجرات المسيحية الى منطقة أثرية وذلك يعود بشكل أتوماتيكي للأوضاع المزرية التي يعيشها المسيحيين في البلدان العربية حيث كانوا أبرز ضحايا الإرهاب والقتل والتشريد من قبل المنظمات الإرهابية وعلى رأسها دولة الخلافة ، إن المسيحيين موجودون في منطقة الشرق الاوسط منذ القرن الأول الميلادي ،وشكل هذا الحضور جزءاً مؤثرا في النسيج الاجتماعي والحضاري للمنطقة ومكوناً أساسياً من مكوناته . وخروجهم من المنطقة هو وغياب حضورهم هو تصحر فكري وثقافي وحضاري للمنطقة وغياب لتنوع ديني هام ، ولكن الحكومات العربية والإسلامية "ما عدا الأردن " تنازلت عن الوجود المسيحي في الشرق ولم تقم بأي تحرك حقيقي لحمايتهم وها هم اليوم شاهدون على اخر حقبة في التاريخ المسيحي ويسطرون نهايتة ، أما إسرائيل الدولة التي كانت بمثابة شبح يلاحق العرب والمسلمين منذ عام 1948 ، تلك الدولة التي نعتت بالعنصرية والفاشية ومعاداتها للعرب والاقليات ، ها هي اليوم تعتبر من أحدى الدول الأكثر ديمقراطية الحرة في العالم والوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي استطاعت أن تفرض احترام الانسان في بقعة جغرافية لم تعرف الإنسانية فيها يوما اي معنى ، والتى حافظت على الوجود المسيحي داخل حدودها وعلى باقي الأقليات الآخرى ومنحتهم حقوقاً كاملة ، وفي هذا الصدد أذ يمنح القانون الإسرائيلي أعضاء جميع المجموعات العرقية كامل الحقوق المدنية ، حيث أن وثيقة الأستقلال في دولة اسرائيل تضمن قدرا كبيرا من الأستقلال الثقافي للأفراد والمجموعات ، فأن دولة إسرائيل هي الدولة الوحيدة في قلب الشرق التي تحافظ على حقوق الأقليات وتضمن لهم الأمن والأمان وتمنحهم حرية العبادة ، تلك الحرية المفقودة في كل الدول العربية والإسلامية..
قتلوا أجسادنا يا سيد، ، داسوا أحلامنا ، تاجروا بدمائنا ، فلم نخف ، صرخنا في الأعالي ، عويل أطفال هز السماء ، من على السطوح صرخنا ، هؤلاء سارقون، هؤلاء قتلة، هؤلاء مجرمون، هؤلاء إرهابيون ، هؤلاء داعش واخواتها ، ولم يسمعنا أحد ، اسمعنا أنت يا طفل المغارة يا يسوع وارحمنا ، فإننا نستعديك على مستعبدينا وعلى من اهاننا وسلب كرامتنا ، نستقوي بك على قاتلينا ، إنهض بنا يوم صعودك وقيامتك من الأموات ، فنحن نحبك يا يسوع ونشهد لقيامتك ولكننا نرفض الموت لأننا أبناء الحياة ، لأننا نحب الحياة ، فلا تتركنا في قبورهم ، إنشلنا من بين الموتى ، موتى القلوب وموتى العقول وموتى الضمائر ، وأنت بدورك يا يسوع شاهد على ما يرتكب بحق خرافك من الذئاب الخاطفة الشرسة التي جعلت وكدها إفناء الحملان الطاهرة والوديعة ، لتهجيرها وقتلها وسلبها وطردها من مسقط رأسها ومن أوطانها ومن جبالها ووديانها ، فابسط أيها السيد عدلك وحبك وقوتك ، وارع خرافك وانصرهم ، واسمع ثغائها الحزين يهز الأرض من مشارقها إلى مغاربها ، أسمع صوت أجراس كنائس الشام ، أحمي أهلنا في سهل نينوى و أبسط رحمتك على الموصل الحزين فأنها تجأر بظلم رعاتها لها ، فأنت الراعي الصالح.
يا رب القوات كن معنا فليس لنا في الضيقات معين سواك ، يا رب القوات أرحمنا
[email protected]