بحلة تراثية ونكهة قصصيّة بعيدًا عن الرفاهية والقاعات، وفي الهواء الطّلق بين الأزقة والحارات العتيقة التي تلبس حلّة تراثية وسط مدينتي العريقة شفاعمرو، مدينة المحبة والتسامح والتاريخ الحافل،استضاف ملتقى مجاز الثقافي، د. محمد صفوري في أمسية مميزة لإشهار كتابه "شرفات سردية" بحضور عدد من الكُتّاب والأدباء، الأصدقاء والأهل.
كان الوصول إلى الملتقى الثقافي، عندما بدأت الشمس تجر أذيالها نحو المغيب، وبدأ اللّيل وسكونه متعة بحدّ ذاته، حيث تسير بين الأروقة القديمة التي تحكي قصصًا وتروي حكايات.
تولّت عرافة الأمسية، المربيّة رشا سعدة بمهنية وموضوعية، جاء فيها ما يلي؛
"شرفات سرديّةٌ، وعوالمٌ خفيّة، وأخرى مكشوفةُ العورةِ والجنسيّة..
مضامين ثائرة، أساليب متنوّعة، قصصٌ وحكايات، ومضاتٌ وروايات، ثيماتٌ وموضوعات..
تنوّعٌ في الخطابات، جمالياتٌ أُسلوبيّة، وتقنيّاتٌ فنيّة،
مضامين ثائرة، أحلامٌ بائدة انهزاميّة..
صرخاتٌ أُنثويّة، وخطاباتٌ ذكوريّة
وما بينَ تشريحٍ وتسريح، تلميحٍ وتصريح، احتجاب وانكشاف، فردٌ وجمعٌ، جهرٌ وقمعٌ، ورحلة شاقة بين الدّروب، وشتاتٌ ووطن مسلوب،
سردٌ زاخر بالألغام، لجرأة الكلام، ويقظة الأنام، وكشف المستور، ونبشٌ لقبور الحلال والحرام...
اختراقٌ لأسلاك شائكة مجتمعيّة، وطابوهات سلطوية، دينيّة كانت أم جنسيّة..
وثورة ما بعدها ثورة، لغضبٍ جامح، وفكرٍ طامح، وأنفاسٍ مسعّرة، ولغات تارةً مشفّرة وتارةً معياريّة ومحكيّة...
وضمائر غائبة، وأفعالٌ مجهولة، وأحوالٌ منصوبة، وأفئدة محروقة، وأفكارٌ مؤرّقة، شهقات وزفرات...
خوفٌ وجرأة، إقبالٌ وإدبار، تشظٍّ وانشطار..
وكتابٌ يفضحُ الأسرار، ليكشف اللّثامَ في أرضٍ عربيّة، نكهتها فلسطينية، فيفجّر القنابلَ الموقوتة، وينكُثَ العهود الموثوقة، فتتّقدُ النّار، وتعبقُ الصّفحاتِ بالدّخان، فتتأرجح ما بينَ الحقيقةِ والخيال..
بين واقعٍ مأساويّ، ومُتخيّلٍ غرائبيّ، وتحذيرٍ استثنائي، وترحالٍ في شواطئ الأحلام..
ويسكنك السؤال ولا جواب ما بين وطن ضائع وغربة وشتات فتقبض عليه كالجمرات في أزمنة الظلم والطغيان حتى تفض بكارة الأقلام فيسيل الكلام. ثمّ أضافت قائلة:
"وزع الكتاب على خمس شرفات، وتم طرح أسئلة متنوعة وعلى مستوى رفيع حول فصل
الكاتب السرد النسوي عن الرسمي، وعن النقاد حول نظرية الأدب النسوي وإمكانية كتابة الرجل أدبا نسويا، دور المرأة وقدرتها على التمييز بين الهم الفردي والجماعي، الفروقات بين آليات السرد ومضامينه، بين المرأة الكاتبة في الداخل الفلسطيني وخارجه، معاناة الكاتبة الفلسطينية سواء في الداخل أو في الشتات من حالة اغتراب مزدوجة، موقف الكاتب من النكبة والنحسة، الخيط الذي يجمع بين جميع الروايات والنصوص المختارة والمطروحة".
بدوري، أشبه الكاتب د. محمد صفوري ببركان صامت، الذي يخفي في جوفه الكنوز الدفينة والقيّمة، نعتز ونفتخر به، كيف لا، وله بصمات واضحة وأكيدة في إثراء الحركة الثقافية والتربوية. أجاب الكاتب عن كلّ ما سئل عنه بأسلوب قصصي راقٍ وحضور مميز، نال محبة وإعجاب الحضور ، وكان مسك الختام كلمة ابنته أطلال بلغة معبّرة هذا نصّها؛
"يا من قدّرْتَ أن أكون أطلالك علّك تبقى أطلالي! ماذا يمكن أن أكتب فيك وقد كتبتني والنساءَ أجمع في سجلّاتك الأدبيّة؟!
رائعة هي كتاباتك أبتي! ولكنّك أروع منها لأنّها الحقيقة التي لا تخلو من العيوب. أمّا كتاباتك فتتجلّى فيها مثاليّة اللا واقع مهما جسّدَتْ حقائق واقعيّة.
فخر واعتزاز أن أكون ابنة الدكتور محمّد صفّوري الذي يُتوِّج الأنثى فرسًا أصيلة لا كابح لها إلّا نفسها، ولكنّ الأروع أن أكون ابنة الأب محمّد صفّوري الذي يسند هذه الأنثى في كلّ حالاتها ويغار عليها كأيّ رجل شرقيّ تجذّرت فيه عروق الشرقيّة!
ليس كلّ ما يُكْتَب يُطبَّق، والرجل العربيّ دائما يعود إلى مرساة عاداته وتقاليده الشرقيّة، وهذه نقطة اختلافاتنا، أمّا جدالاتنا ونقاشاتنا فما هي إلّا شؤون صغيرة أمام لحظة مشاعر صادقة بين أب وابنته.
مهما كتبتُ لن أوفيك حقّك من الكلام.. يا ليت المشاعر تستطيع أن تتلفّظ نفسها لتعرف ما أكنّه لك من أحاسيس... وجودك وأمّي في حياتي هو كلّ حياتي... أدامك الله لي سندا وأبًا وحبيبًا.. أحبّكَ"
للزميل كاتبنا د محمد صفوري صدق مشاعري ونبع أحاسيسي، دام مداد قلمك وفكرك النير
[email protected]