لم يعد استهداف سلطات الاحتلال لمدينة القدس المحتلة يقتصر على بناء مستوطنات وتوسيعها وعزلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية ، بل انتقل الى غزو منظم ومنهجي لقلب الأحياء الفلسطينية في القدس ، وذلك ضمن مساعي هذه السلطات والجمعيات الاستيطانية تهويد حوض البلدة القديمة والأحياء الفلسطينية المحيطة بها . وتأتي قضية حي بطن الهوى المقدسي لتسلط المزيد من الضوء على سياسة الاحتلال هذه ، حيث يجري التخطيط والعمل على عمليات ترحيل غير مسبوقة تستهدف المدينة المقدسة في هذه الفترة . ويتضح ذلك من تقديم دعاوى إخلاء ضد 81 أسرة فلسطينية تعيش في الحي منذ عشرات السنين . ولا تختلف قضية حي بطن الهوى في بلدة سلوان عن قضية حي الشيخ جراح حيث تبذل الجمعيات الاستيطانية وبدعم من سلطات الاحتلال الاسرائيلية وجهازها القضائي ، للسيطرة على مزيد من العقارات ، ليس فقط في سلوان حيث يقع حي بطن الحي والذي يقطنه أكثر من 800 نسمة من أصل نحو 60 ألف مقدسي يقطنون سلوان وامتدادها في راس العامود ، وصولاً إلى حي الشيخ جراح، بل تمتد مطامع الجمعيات الاستيطانية إلى قلب القدس القديمة ، حيث تسيطر على أكثر من 100 بؤرة استيطانية هناك.
ويواصل أهالي بطن الهوى معركتهم القضائية ضد الاستيطان عبر التماس قدّموه إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس ضد تهجيرهم القسري من منازلهم ومحاولة الاستيلاء عليها لصالح جمعية "عطيرات كوهانيم" الاستيطانية، والتي يعتبرها المقدسيون ذراع الحكومة الإسرائيلية للاستيلاء على عقارات المقدسيين ، وقررت المحكمة في جلسة لها خلال الأسبوع الفائت تأجيل النظر في الالتماس المقدم لها من قبل فريق الدفاع عن حي بطن الهوى . ولا يعوّل أهالي بطن الهوى على المحكمة المركزية الإسرائيلية لإنصافهم في الالتماس المقدّم إليها بقدر ما يعولون على كسب مزيد من الوقت في انتظار تطورات سياسية يمكن ان تقدم لهم حماية من خطر التهجير القسري ، الذي يهدد 86 أسرة في الحي تضم حوالي 750 فرداً، يعيشون في 15 بناية ، ومعروف ان المحاكم الاسرائيلية على اختلاف درجاتها توفّر غطاءً قانونياً لعنف الدولة المنظّم والهادف لتحقيق غاية مخالفة للقانون ، وهي الإزاحة القسريّة لسكان محميّين من منازلهم في أرض محتلة. ومن المعروف ان حي بطن الهوى قد جرى تقسيمه إلى نحو 50 قسماً، تسعة منها نُقلت إلى جمعية "عطرت كوهنيم"، وخمسة أخرى يسكنها المستوطنون بشكل فعليّ، وحتى الآن قدّمت جمعية "عطرت كوهنيم" دعاوى إخلاء ضد 81 أسرة، وعائلتين فلسطينيّتين فرضت عليهما بلدية الاحتلال في القدس غرامات مالية، وأصدرت أوامر هدم لقسم من مساكنهما، بحجّة دخول أراضٍ تملكها الجمعية الاستيطانية.
[email protected]