تسلّم الحراك الفحماوي الشبابي الموحّد زمام المبادرة لقيادة حركة التظاهرات والاحتجاجات ضد آفة العنف والجريمة التي عصفت بأم الفحم مؤخرًا، فنجح أيمّا نجاح وأبدع أيمّا إبداع، ووصلت قمة فعالياته ونشاطاته في صلاة يوم الجمعة الماضي والتي أعقبتها المظاهرة القطرية الجبارة الكبرى التي نظمت في بلدنا وشارك بها عشرات الآلاف من كافة البلدان، من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه.
وذاع صيت حِراكنا الفحماوي الشبابي الموحّد أصقاع الدنيا قاطبةً، وتحدثت عنه الصحافة المحلية والقطرية والعالمية والأجنبية، في مشهد قلّ حضوره ورؤيته في الكثير من البلدان، حتى أصبح يشار إلينا بالبنان، فخرًا وعزًا وتقديرًا وإكبارًا لصنيع حراكنا الشبابي الفحماوي.
وإنه لمن دواعي سرورنا وفرحنا أن يكون هذا التحرك وهذا النشاط وهذا العمل في بلدنا ام الفحم، وهو ليس غريبًا عن ام الفحم، فأم الفحم هي أم الفحم، كانت وستبقى أم الفحم، الاسم الحركي لفلسطين، أم السياسيين والقياديين، هكذا عهدناها وهكذا ستبقى بإذن الله.
وهي مناسبة أن نقول أيضا، أن البلدان الأخرى بغالبيتها حذت حذوَ ام الفحم بهذا المضمار وحركت المظاهرات والمسيرات والحراكات الشبابية، ونخصّ بالذكر ما حدث هذا الأسبوع في جلجولية، ومقتل الفتى، طالب الصف العاشر المتفوق والمؤدب والخلوق، محمد عبدالرازق عدس، فقلوبنا معكم يا أهلنا في جلجولية، ونتمنى الشفاء العاجل للطفل المصاب مصطفى أسامة حامد.
لكن، وأمام هذا المشهد الرائع لما حصل في بلدنا ام الفحم حتى الآن، وأمام الإنجازات الكبيرة التي حققها هذا الحراك، لا بد لنا وأن نؤكد على أن هدفنا ورسالتنا وصلت إلى مسامع أهلنا في أم الفحم، ووصلت إلى مسامع مجتمعنا العربي وقياداته، في اللجان التمثيلية، المتابعة والقطرية، ووصلت إلى مسامع المسؤولين السياسيين ومسؤولي أجهزة الشرطة والقانون في الدولة، حتى باتت الصحافة العبرية والسياسيون يتحدثون جميعًا عمّا يحدث في ام الفحم، مع تأكيدنا على أن المظاهرات ليست هي هدفًا بحد ذاتها، وإنما كانت إحدى آليات الكفاح والنضال ضد استمرار مسلسل العنف في بلدنا والمجتمع العربي، وتقديم الشكوى هذا الأسبوع في وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحش)، هو جزء من النضال، فهناك الآن خطة شرطية تعدّ لمكافحة العنف في المجتمع العربي، والحكومة نفسها الآن تعكف على تحضير خطة خاصة للنهوض بمدينة ام الفحم، مع تأكيدنا على مطلبنا أن تأخذ الحكومة والشرطة مسؤوليتها عما حصل في بلدنا خلال الاعتداء الشرطي على المتظاهرين السلميين.
ولذلك، يا أهلنا، علينا أنْ نقيّمَ خطواتنا ونشاطاتنا الاحتجاجية طوال الوقت، أنْ ننظرَ فيما أصبنا وفيما أخطنا خلال هذه المسيرة، ولا بأس من تعلم الأخطاء وتصويبها، والانطلاق من جديد، وبتنسيق كامل للخطوات مع بلدية ام الفحم واللجنة الشعبية وكافة القوى والحركات والأحزاب، فهكذا هي معارك الحياة جميعها، فيها النهوض والإقدام، وفيها استراحة المحارب وإعادة النظر والتفكير فيما عملنا ونعمل، من أجل تجديد النشاط وتجديد الهمة وبعثُ الروحَ من جديد، والنظر في اتجاهات وميادين أخرى للعمل فيها من أجل حفظ أبنائنا وبناتنا، ومن أجل بث روح الأمن والأمان بين أهلنا، ومن أجل تنشئة جيل جديد يعرف ويذوت معنى الأخوة والمحبة والتسامح والعفو وإشاعة السلام بين الجميع، عبر آفاق وقنوات عمل متعددة تشمل فعاليات ونشاطات، سواءً سياسية، تربوية، اجتماعية، ثقافية وغيرها من مجالات العمل والنضال المشروع.
وأمام هذا كله علينا التأكيد أيضا أن حياتنا يجب أن تستمر، فهناك مشاغل كثيرة وهموم كبيرة أخرى تحيط بنا، علينا أن نعطيَها حقها أيضا، خاصة فيما يخص العمل البلدي، فهناك جائحة الكورونا التي ما زالت تخيّم على بلدنا باللون الأحمر، وهناك المشاريع البلدية الكبيرة التي ننفذها الآن، او التي نخطط لها، وكلها تصب في خدمة المواطن وخدمة بلدنا جميعًا ام الفحم.
مرة أخرى، نؤكّدُ حبَنا وتقديرنا لكم يا شبابنا الفحماوي البطل، ونؤكدُ أنكم علمتمُ الدنيا كيف تكون السياسة وكيف تكون القيادة، وكيف يكون العمل الجماعي المتعاون والمشترك كخلية النحل، ونسألُ الله لكم التوفيقَ والسدادَ في كل خطواتكم ومسيرتكم، ونحن معكم، قلبًا وقالبًا، منكم وإليكم، وسنكون الجنود الأوفياء دائما وأبدًا لبلدنا جميعًا، ام الفحم.
وليس بعيدًا عما يحدث في بلدنا ام الفحم، فما يحدث مع أهلنا في النقب، هو العنف بعينه والذي تمارسه الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المختلفة ضد إخواننا في قرى وبلدات النقب المختلفة، المعترف بها وغير المعترف بها. فماذا نسمي هدم قرية العراقيب لأكثر من 184 مرة (أمس الخميس كانت المرة الأخيرة)؟! ماذا نسمي حرث محاصيل المزروعات لأهلنا في النقب في كل موسم زراعي؟! ماذا نسمي أوامر ترحيل ومصادرة لأهالي القرى منزوعة الاعتراف؟ ماذا نسمي مديرية سلطة "تطوير النقب" التي لم تبقِ شيئًا عنيفًا ضد أهلنا في النقب إلا مارسته ضدهم؟! ماذا نسمي المخالفات الكثيرة التي تقوم بها وحدة يوآف لشرطة السير ضد أهالينا في النقب؟!
كخطوة احتجاجية لهذا العنف المؤسساتي، وكجزء من نضالهم وكفاحهم، فقد أقام أهلنا في النقب خيمة اعتصام واحتجاج، أمام المكاتب الحكومية في القدس، حيث قمت هذا الأسبوع بزيارة تضامن لهم في الخيمة في القدس، كأقل ما يمكن تقديمه للأهل الصامدين في النقب.
[email protected]