يكاد لا يمر يومًا بدون تسجيل وقوع حوادث عمل تؤدي إلى إصابات متنوعة وتختلف بمدى خطورتها، فمنها الإصابات الخفيفة والتي تتجمع على مدار السنوات حتى تتحول إلى إصابات أكثر صعوبة، ويعرِّفها القانون بألصدمة الصغيرة والتي تعترف بها مؤسسة التأمين الوطني في حالات معينة على انها اصابة عمل.
هذا ما يحدث احيانًا ومثالًا على ذلك ما حدث مع شخص يعمل حدادًا وباللحام ايضًا، حيث يتطلب عمله تحريك الرأس نحو الأعلى ونحو الأسفل بحركات التوائية وقوية كي يتمكن من رفع او خلع خوذة العمل التي تستعمل للوقاية على وجهه أثناء قيامه بأعمال اللحام.
هل تؤدي هذه الحركة المتكررة لاصابة الرقبة؟. هذا السؤال كان محور البحث والنظر في القضية التي وضعت على طاولة محكمة العمل في حيفا.
وكان هذا الحداد-اللحام، والذي يعمل في هذه المهنة منذ حوالي اربعين عامًا، وهو في منتصف الستينات من العمر، قد توجه لمؤسسة التأمين الوطني مطالبًا الاعتراف بحالته كمصاب بالعمل، بعد إصابته بالعمود الفقري في الرقبة، إلا أن طلبه قوبل بالرفض بحجة عدم وجود أي علاقة بين عمله وبين الإصابة في أعلى العامود الفقري أي بالرقبة. الأمر الذي جعله يتوجه للمحكمة بواسطة المحامي سامي ابو وردة، المختص بقضايا التأمين والإضرار الجسدية، الذي قدم الدعوى وادعى فيها أن عملية تحريك الخوذة المتكررة بهدف حماية العينين، تنفذ بشكل تلقائي بدون استعمال اليدين وإنما بواسطة تحريك الراس بشكل حاد مرات كثيرة خلال يوم العمل.
" كل حركة من هذا القبيل تسببت بضرر ضئيل لا يمكن تشخيصه في حينه، ولكن الضرر يتكدس على مر السنين الكثيرة نتيجة الحركات المتكررة التي يقوم بها المدعي خلال عمله، مما أدى إلى خلل في الرقبة". هذا بعض ما جاء بالدعوة حسب ادعاء المحامي سامي ابو وردة.
ووفق أقوال المحامي سامي ابو وردة، فإنه يتوجب الاعتراف بهذه الحالة كأصابة عمل حسب تصنيف مرض المهنة أو حسب علم الصدمة الصغيرة الأمر الذي يعني وجود أضرار صغيرة تعود وتتكرر حيث كل الحقت كل واحدة منها ضررًا تكدس مع مرور وأدى إلى ضرر جدي.
هذا وقدم طبيب اختصاصي كانت محكمة العمل، قد قامت بتعيينه، تقريرًا جاء فيه أن إصابة المدعي بمنطقة الرقبة تسببت نتيجة حركات الرقبة المتكررة.
وهنا وبعد البحث بالدعوى والنظر في تقرير الاختصاصي الطبي، تراجعت مؤسسة التأمين الوطني عن قرارها السابق، واعترفت بمعاناة المدعي في منطقة الرقبة على أنها إصابة عمل، ومنح قاضي المحكمة، القاضي الكس كوجن، هذا الاعتراف صيغة قرار محكمة ساري المفعول.
المحامي سامي أبو وردة
[email protected]