أمثالنا في الانتخابات
زياد شليوط
غيداء ريناوي: الآخرة يا فاخرة
أطلت علينا غيداء ريناوي – زعبي، المرشحة الرابعة على لائحة حزب "ميرتس" لهذه الدورة، الأسبوع الماضي بتصريحات صحفية في عدة صحف ومواقع الكترونية، ويبدو أن قيادة "ميرتس" دفعتها إلى ذلك أمام الاستطلاعات التي لا تتوقع الخير للقائمة وخاصة في المجتمع العربي، الذي يتناوم عشية الانتخابات الوشيكة.
في تلك المقابلات تستعرض المرشحة الجديدة إنجازاتها التي قامت بها من خلال "مركز انجاز"، الذي قامت بادارته لسنوات طويلة، ومن يستمع إليها يظن أن السيدة غيداء قامت بعملها تطوعا وخدمة للمجتمع، دون أن تطلعنا على المقابل المادي الذي كانت تتقاضاه ومدى دسامته، وهذا لا يهمني كثيرا في حقيقة الأمر، لكن ما يهمني حقا تلك التصريحات والادعاءات التي جاءت بها، وتصويرها لخطوتها بالترشح ضمن قائمة "ميرتس" وكأنها ستحقق الخلاص للمجتمع العربي من المستنقع الغارق فيه.
وإذا ما نظرنا في تصريحات غيداء والتي سبق وأعلنتها في لقاء سابق مع صحيفة "ذي ماركر"، يوم الجمعة 15/1/2021، حول مسألة ترشيحها للكنيست، وحاولنا التدقيق والتمحيص في الجديد الذي تأتي به، فإننا نقرأ ما يلي: "إني أومن بالتأثير من الداخل"، وهذه المقولة باتت ممجوجة ومملّة من كثرة تكرارها واعادتها، ولم توضح لنا أي داخل تقصد. لكنها سارعت إلى القول "اني أومن أنه بعد خمس سنوات يوجد احتمال بان اليسار الإسرائيلي، بتأثير ميرتس، يمكن أن يكون عاملا مؤثرا في الحكومة". وهنا نقول لها عيش يا كديش، هذا اذا نجحت "ميرتس" في عبور نسبة الحسم والدخول للكنيست القادمة فما بالك بالتي بعدها!
أما الأجندة التي ستعمل عليها غيداء في حال وصولها للكنيست كما صرحت:
" الأولى عامة دولة رفاهية، ديمقراطية ومساواة. الثانية عربية – داخلية تشغيل للنساء، موازنة تفضيلية في التعليم العربي، دعم المستشفيات في الأطراف". والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك جديد فعلا في أقوال غيداء؟ وهل سيكون بمقدورها في قائمة صغيرة معرضة أن تحقق ما لم يستطع نواب المشتركة من تحقيقه. لذا وقبل أن تتفاخر علينا غيداء وحزبها، عليها أن تنتظر خواتم الأمور ونتائج الانتخابات.
القائمة المشتركة: مأَمّن ومخوّن ما بصير
تناقلت وسائل اعلام خبرا يفيد بأن القائمة المشتركة توجهت للقائمة الموحدة (الحركة الإسلامية) لتوقيع اتفاقية فائض أصوات، واذا صح ذلك تكون القائمة المشتركة قد وجهت هدفا ذاتيا في شباكها، لأن هذا الاقتراح يتعارض ويتناقض مع تصريحاتها العلنية، واتهامها للقائمة الموحدة بفض الشراكة داخل المشتركة، وتنسيقها مع نتنياهو ورغبتها بدعم نتنياهو بتشكيل حكومته القادمة. ما دام الأمر على ذاك النحو الذي وصفته المشتركة، كيف تسمح لنفسها بالتقدم باقتراح لتوقيع اتفاق فائض أصوات مع الموحدة؟ هل ترغب المشتركة بتوجيه أصوات العرب لنتنياهو وهي التي وضعته عدوا أولًا للمواطنين العرب؟ هل تعمل المشتركة على عدم قطع "شعرة معاوية" مع نتنياهو؟ ماذا تعني خطوة المشتركة غير أن تحول أصواتنا التي ستذهب للموحدة نتيجة اتفاق فائض الأصوات، إلى نتنياهو فعلا وعمليا؟
لا يمكن للمشتركة أن تتعامل مع الموحدة وفق المثل الشعبي "نفسي فيه وتفوه عليه"، وعليها أن تحدد موقفها علانية وبوضوح وإلا ستبقى مواقفها المعلنة مجرد شعارات، وبالتالي لا يجوز للمشتركة أن تتعامل بضبابية فإما أن تأمن جانب الموحدة وتتعامل معها، وإما أن تنظر إليها كمن خان طريق المشتركة وشق الصف العربي وتسلك وفق هذا الوضع.
الأحزاب الصهيونية: حِلس مِلس ناعم نجس
لم يكن أحد يتصور في أحلام اليقظة في الانتخابات الأخيرة للكنيست الـ23 التي جرت قبل نحو العام، أن يصحو على غزل ناعم ومراودة الأحزاب الصهيونية للناخب العربي ومحاولة استمالته إلى جانبها، كما يحدث اليوم. لقد انقلبت الصورة رأسا على عقب، وما كان محرما بات محللا، وما كان عيبا أضحى مباركا، وما كان مستترا أمسى مكشوفا. كل ذلك حصل بكلمة من نتنياهو "ملك إسرائيل"، الذي إذا تفوه أصغى له القوم، وإذا أمر أطاعوا وإذا نادى لبوا وإذا أعطى الإشارة تحركوا. وضع نتنياهو إصبعه على الانتماء المشوّه لعرب البلاد، الذين تاهوا بين هوياتهم وغاصوا في مشاكلهم وتورطّوا في شعاراتهم، وسلّموا أمرهم لولي نعمتهم واتبعوا سياسة حط راسك بين هالروس. ودخلت الأحزاب الصهيونية فيما بينها في سباق ماراتوني نحو الصوت العربي، وكل يصطاد فريسة سهلة ودسمة في آن ليزين بها قائمته الانتخابية، والفرائس تتسابق فيما بينها في مدى ولائها وانصياعها لصائدها، وتسير وراء "الضبع" مغمضة العينين نحو مصيرها المجهول.
لم تعد الأحزاب الصهيونية حتى اليمينية منها، ترى في العربي "مخربا، متطرفا، عدوا، متآمرا على دولة اليهود"، بل تراه اليوم: مواطنا، شرعيا، مؤثرا، متفاعلا مع دولته العبرية. والمحزن في الأمر أن كثيرا من العرب انتابهم الفرح وأصيبوا بموجة من الضحك الهستيري، وصدقوا أنهم باتوا "مؤثرين" وأنهم طلقوا المعارضة وسيصبحون جزءا من الائتلاف وشركاء في الحكومة، دون أن ينتبهوا إلى حقيقة الأحزاب الصهيونية التي لم تغير جلدها بل شبّه لهم، لأنها بقيت على حالها كما جاء في مثلنا الشعبي "حِلس مِلس ناعم نجس" ويضرب للذي يحاول الوصول بطرق الخداع والتحايل إلى مبتغاه، فهل يصحو بعض العرب قبل فوات الأوان؟
[email protected]