بات من المؤكد، أنّ من أهم القضايا التي تحتل الصّدارة، وتشغل بال العالم بأسره موضوع ما يُسمى الدّولة الإسلامية "داعش" المنتشرة في الشمال السوري، وعلى الحدود العراقية التركية. فكما هو معروف، أخذت تدب الرعب والفزع لمسلكها الذي لا يمكن فهمه ووصفه، وتندد به الأديان السماوية كافّة، وقد تراجعت واندحرت هموم العالم ومشاكله إلى أسفل سلّم الأولويات، رغم عظمتها وانعكاساتها، وفي مقدمتها تراجع اقتصاد وانهيار بعض الدول، المفاعل النّوويّ في إيران، الحروب الدّامية في العراق وسوريا وما تخلفه من سفك دماء، خراب ودمار وتفجير، موت عشرات الآلاف في العالم جوعًا، انقراض مائة نوع من النباتات والحيوانات يوميًا، وازدياد البشرية بنحو ربع مليون شخص يوميًا، خطر تلوث البيئة والمياه، إنفاق أمريكا كل يوم على الأمن والحروب ما يقارب ميزانيتها السّنوية، الأزمة الوزارية في لبنان، الانتخابات للكنيست الإسرائيلي، مشاكل الرشاوى في إسرائيل، تخوّف سيطرة أعضاء الكنيست العرب على الكنيست بعد الإعلان عن خوضهم الانتخابات بقائمة مشتركة، وغير ذلك.
إنها قضيه أشبه بمعادلة مركبة، حلّها معقد، يتطلّب طاقات هائلة وتروّيًا وحكمة، لأنّ نتائجها ستكون وخيمة وسيدفع ثمنها المجتمع الإنسانيّ بأسره، وعليه على المجتمع الدولي العمل بمختلف الوسائل لوضع حد لهذه المهزلة والمسرحية ذات المشاهد المؤلمة قبل فوات الأوان!
من هو داعش؟
تنظيم خطير جدًا، تشكل في نيسان 2013، وقدم في مراحله الاولى على ما يبدو نتيجة اندماج بين ما يُسمى دولة العراق الإسلاميّة التّابع لتنظيم القاعدة المجموعة المُسلحة في ارض الشام جبهة النصرة، وقد رفضته هذه الجبهة بعد أن أعلن عنه أبو بكر البغدادي، وبعد فتره وجيزة أمر زعيم القاعدة أيمن الظواهري بإلغاء الاندماج، لكن الأخير استمر بإكمال العملية لتشكل الدولة الإسلاميّة في العراق والشام.
من خلال دراستي المختصرة لهذا التنظيم، اتضح أنّه عبارة عن مزيج من الأحزاب والكتائب انشقّت بأكملها والتحقت بهذا التنظيم، وهناك اعتقاد أن قيام الدولة الإسلاميّة ذكر في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية قبل 1400 عام، ويبدو أن هناك شخصيّات عشائرية محليّة وخليجيّة، ودولة أو أكثر تدعم هذا التنظيم الذي معظم مقاتليه من سوريا والعراق، تلقَّوا التدريبات في هذه المنطقة ومنطقة الشيشان وأفغانستان وغيرها .
موقف الأُمّة الإسلاميّة
هناك الكثير من التعقيبات، والآراء حول هذا التنظيم من جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، بحيث أجمع علماء الأمّة الإسلاميّة والفقهاء والهيئات الدّينيّة العليا أن الإسلام بريء ممن يتخذون الدين ستارا لهم في قتل الأبرياء، واغتصاب النساء.
هيئة علماء المسلمين العراقية، وهي أعلى هيئه علمية شرعية في العراق، أكدت أن الإعلان عن قيام دوله إسلامية، وخاصّة في الظروف الراهنة لا يخدم العراق ووحدته، ويلحق الأذى بالبلاد والعباد بسبب عدم اكتمال عناصر إقامة الخلافة الإسلامية، وأكدت شخصيات وعلماء إسلامية أنها تنتقد هذا الإعلان وتعارضه بحيث لا تتوفر فيه القاعدة والأرضية المناسبة. أما شيخ الأزهر فقال: إن الإسلام بريء من هذا التنظيم منتقدًا قتل الأبرياء، وانتهاك الأعراض وقصف المساجد. واعتبر مفتي الجمهورية هذا التنظيم تنظيما شيطانيّا، وصرّح وزير الأوقاف قائلا: إن مقاومته واجب شرعي ووطني، وأفاد الشيخ عبد العزيز من العربية السعودية أن أفكارهم وأعمالهم ليست من الإسلام في شيء بل هي عدو الإسلام، والمسلمون هم أول ضحاياه. وأشار وليد البرش، الباحث في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية، إلى أن تنظيم داعش هو تنظيم إرهابي وأفعاله إجرامية، وما زال المجرمون المتظاهرون، زورا وبهتانا، بزي المسلمين يسفكون الدماء البريئة، ويستبيحون إصدار فتاوي ما أنزل الله بها من سلطان، موقعين ومنفّذين الأحكام على خصومهم، والإسلام من أفعالهم بريء، فشوهوا بذلك صورة الإسلام، انتقم الله منهم.
رماح تقول: إنّ أعداء الدين والإنسانية لم يستطيعوا أن يطفئوا نور الباري عزَّ وجلّ ومعركة الحق والباطل كانت وما زالت، ما دام هناك مؤمن وكافر، منصف وظالم رحيم وقاسٍ. وقد جاء في الآية الثانية عشرة بعد المائة من سورة الأنعام قوله تعالى:"وكذلك جعلنا لكلِّ نبيعدوًا شياطينَ الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربّكما فعلوه فذرهم وما يفترون" صدق الله العظيم.
[email protected]