سادت هذه الأيام موجةً من الطنطنة والفلسفة الفارغة فى حوارات المشايخ على الفضائيات ،فقد ذهبوا للتفلسف فى الفروع ناسينَ متناسينَ الجوهر والأصول فأزدادَ التدليس والتغفيل لشعوبنا التى إبتُليت بهؤلاء المشايخ الذين إستمرءوا وتمروحوا وتفلطحو بالحفظ على الفهم ، وكى نوضح الصورة لكم أعزائى القراء ، نذكر لكم بعض من هذه الحوارات والمنابذات التى حدثت مؤخراً على الفضائيات معنا ومع غيرنا ---- ، فأولها ماحدث معنا يوم 12122014 فى برنامج صح النوم على قناة التحرير عندما إتصل الأخ خالد الجندى ليناظرنى وهو مختبىء خلف ميكريفون يقرأ لنا من ورقة بصوت غير واضح لى ، وعندما سألته أين هى مخطوطة صحيح البخارى المذعومة فلم يُجيب ، وعندما سألته عمن أول من أمر بصيام رمضان وفى أى عام ، أجاب إجابة خاطئه ، رغم أنه سؤال بسيط لا يحتاج لشخص يمتلك قناة دينية ويظهر على الفضائيات بشكل دائم مثل إعلانات الصابون والرابسو والزيت ، وعندما عرضنا نحن إجابة السؤال الذى أخطأ إجابته ، وقلنا أن كِلاب بن مرة ( بكسر الكاف ) حاكم مكة قبل الإسلام بـــ 300 عام ،هو أول من أمر بصيام رمضان ،وهو من سمى الشهر برمضان وهو من الرمضاء أى شدة الحر ، تفلسف الأخ خالد وقال على الفور كَلاب( بفتح الكاف ) فقلت له على الفور أن هذا الأسم يُنطق بالتشكيلين، لأن هذا الأسم أعزائى القراء قد ورد لنا بدون تشكيل أو تنقيط فى كتب التراث التى تم تشكيلها وتنقيطها فيما بعد
إما الحادثة الثانية فقد أرسلها لى صديق عبر الإيميل لحلقة أُذيعت أمس لبرنامج (على مسؤليتى بقناة صدى البلد ) الذى يقدمه مذيع قليل المعرفة وغير محايد مع الشيخ الشاب محمد عبدالله نصر، والذى إنهالت عليه مجموعة من المشايخ كبار السن عبر الإتصال بالتهكم وسؤاله فى قواعد النحو واللغة دون التعرض العلمى لأساس مايطرحة من معلومات ناسين متغافلين هؤلاءِ المشايخ أن القرآن والأحاديث لم تنقط أو تشكل إلا بعد وفاة النبى (ع ) بحوالى مئتى عام وكانت البداية بشكل مختلف على يد أبو الأسود الدؤلى ثم وُضُعت على شكلها الحالى بيد الخليل ابن أحمد الفراهيدى
فلذا نحن نسأل لَمَا !!! يتوقف هؤلاء عند التشكيل واللف والدوران وتأويل تأويل اللفظ وهى أراء بشرية ، بهذا القدر دون الإهتمام بالفهم والمعنى العام والمقصد الكلى للمُشَرِع ، وهو مايعنى أن الكثير من المشايخ تربى على الحفظ ولم يتربى على الفهم ( وهى حقيقة عِشتُها أنا فى فترات تعليمى بالمعاهد والكليات الأزهرية ) مما فرخَ لنا نسبة كبيرة لاتقل عن 80% من خريجى الأزهر تحفظ ولا تفهم ، فتسمع منهم الخطب والأحاديث الجميلة المرتبة المرتلة المنغمة الغير مرتبطة فى المعنى أو المضمون ، فَيَخِيلُ ويدخل هذا الخطاب المحفوظ على البسطاء ويزعج العقلاء --، فكان هؤلاء المشايخ سببا فى تخلف وتغفيل الأمة ونشر ثقافة العنف ، مما جعلنا فى ذيل العالم علمياً وحضارياً وسلوكياً وسياسياً وديمقراطياً وإنسانياً ----، فهل منا من يخشى على هذه الأمة من الإندثار ؟ فيُنحى هؤلاء الحفظة عن توجيه وقيادة الناس بالجهل والإفلاس فى هذا الظرف الحساس الذى تعيشه الأمة من صراع وحتى يعودَ الأمل للناس
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وإبتغاءِ رِضَاه
الشيخ د مصطفى راشد عالم أزهرى مصرى وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى
ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان
[email protected]