تفصل الشعب الأمريكي أيام معدودة عن موعد انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، التي يتنافس فيها مرشحان، الأول "دونالد ترامب" الرئيس الحالي عن الحزب الجمهوري، والثاني جوزيف بايدن المعروف إعلاميًا ب "جو بايدن" عن الحزب الديمقراطي.
تجري هذه الانتخابات وأمريكا تمر بمجموعة أزمات أهمها جائحة الكورونا التي بلغ عدد المصابين الأمريكيين جراؤها وفق آخر الإحصائيات 8,64 مليون مواطن، وعدد المتوفين 225 ألف، ثم ما سبّبته هذه الجائحة من تراجع في الوضع الاقتصادي العام، وارتفاع نسبة البطالة والعاطلين عن العمل، وفصل مئات الآلاف من أعمالهم.
تعاني الولايات المتحدة أيضًا من زيادة ظاهرة العنصرية والتمييز بين السكان البيض والسود بخاصة بعد حادثة مقتل المواطن "فلويد" بالصورة البشعة التي تناقلتها وسائل الإعلام، وما تلاها من أحداث ومظاهرات "للملوّنين الأمريكيين"، ومظاهر قمع الشرطة لهم. وتأتي أيضًا سلوكيات وتصرّفات الرئيس ترامب على المستوى الشخصي، سواء تصريحاته الكثيرة غير الصحيحة، وتهجّمه على مسؤولين في الإدارة الأمريكية بأسلوب فظ، واحتقاره للعلماء والأكاديميين وأصحاب الاختصاص بالذات في موضوع جائحة الكورونا وغيرها، كل ذلك يبقى حاضرًا في ذهنية الناخب الأمريكي.
وإِن الحرب التجارية الأمريكية مع الصين، وما وجّهه ترامب من تهم لبكين، ناهيك عن دول عالمية أخرى كروسيا وألمانيا وفرنسا، أوجدت أزمة إضافية للناخبين الأمريكيين على مستوى العلاقات الخارجية، وتوتر غير صحي بين أمريكا وهذه الدول.
إن انتخابات الرئاسة الأمريكية هذه، أشبه ما تكون باستفتاء على أداء الرئيس الأمريكي الحالي ترامب، وسياساته التي غلب عليها الطابع التجاري، إضافة إلى سياسة الاستهتار والبلطجة التي اتبعها ترامب ضد خصومه المحليين وحتى الدوليين، ونهج الابتزاز العلني والمباشر على الهواء لملوك وأمراء، وحصوله عنوة على مئات المليارات من الدولارات من دول عربية محدّدة لتحصين اقتصاد أمريكا بها، وفرض عقد صفقات سلاح على دول أخرى دليل على عنجهية هذا الرجل.
ومن خلال دراسة شخصية المرشحَين وحاضرهما وماضيهما، وفرص الفوز في الانتخابات، فلا توجد فروق ذات دلالة قوية بين الإثنين، فترامب ربيب الصهيونية العالمية، وسياساته حيال القضية الفلسطينية معروفة وقد خدم االمؤسسة الإسرائيلية كثيرًا، أما منافسه بايدن فلا يقل عنه حبًا للصهاينة ومؤسستهم، فهو مهندس صفقة الأسلحة للطرف الإسرائيلي فترة رئاسة أوباما بقيمة 38 مليار دولار، فهما إذن وجهان لعملة واحدة.
إن فرص الفوز يصعب تكهنها رغم تفوّق بايدن بحوالي خمس نقاط على ترامب حسب استطلاعات الرأي الأمريكية، فهناك من يرى أنه يملك فرصة بالفوز، إلا أن استطلاعات الرأي سبق لها وخيّبت أمل العديد من المرشحين الأمريكيين، ومنهم هيلاري كلنتون، أما ترامب فيملك فرصًا بالفوز أيضا من خلال سياساته المالية والضرائبية، والأموال التي ابتزّها من دول العالم، ثم مظاهر العنصرية بين البيض والسود التي جيّشت البيض لصالحه.
وأخيرًا، أيًا كان الفائز في انتخابات الرئاسة الأمريكية في 3 نوفمبر القادم، فالسياسة الخارجية الأمريكية ستبقى كما هي، منحازةً للطرف الإسرائيلي وداعمةً للسياسات الإسرائيلية في الإقليم والتطبيع مع العالمين العربي والإسلامي.
[email protected]