بعد عشرين عامًا على أحداث أكتوبر وتقرير لجنة أور: لا يزال التمييز البنيويّ الذي يضرّ بالعرب قائمًا
تقريرٌ جديد: العرب في إسرائيل يتعرّضون للتّمييز في الخدمات الصحّيّة وثقتهم بالنظام الصحّي في كورونا أقلّ من اليهود
متوسّط العمر لدى اليهود أعلى بـ 4 سنوات عنه لدى العرب؛ العيادات في البلدات العربيّ ة مكتظّة أكثر بثلاثة أضعاف منها لدى البلدات اليهوديّة؛ طبيبٌ واحدٌ لكلّ 3000 مريض؛ أطبّاء من أجل حقوق الإنسان تصرّح: "التمييز البنيويّ لا يزال مستمرًّا في جميع مجالات الحياة. يجب إطلاق خطّة وطنية تؤدّي إلى خلق المساواة في المؤشّرات" انتهاك الحق في الصحّة يعدّ كارثةً حقيقيّةً في المجتمع العربيّ "
في الذكرى العشرين لأحداث أكتوبر 2000، وفي ظل الإغلاق والأضرار التي ألحقها كورونا بالبلدات العربيّ ة، تنشر جمعية أطباء لحقوق الإنسان اليوم تقريرا جديدا يكشف أنه وبعد عقدين من الزمن أيضا على مرور الأحداث التي قتل فيها 13 متظاهرا، ورغم دعوة لجنة التحقيق الرسمية بشأن الأحداث _لجنة أور) إلى معالجة التمييز البنيويّ القائم ضد المواطنين العرب في إسرائيل، إلا أن الفروقات الكبيرة على حساب الجمهور العربيّ في إسرائيل في المجال الصحّيّ لا تزال قائمة.
في قلب التقرير نتائج مسحٍ يكشف أن العرب في إسرائيل أقلّ رضًى عن الجهاز الصّحّي، ولديهم ثقةٌ أقلً بهذا الجهاز مقارنةً باليهود. وقد أجري المسح من قبل شركة الاستطلاعات " بانل برويكت همِدچام"، وقد شمل المسح 554 مشاركًا منهم 110 من العرب و444 من اليهود. وقد وصف 41.2% فقط من العرب الجهاز الصحّي (المستشفيات، عيادات صناديق المرضى، نجمة داوود الحمراء، وغيرها) باعتباره جيّدًا، وذلك مقارنة بـ 53.2% من اليهود. في حين أن 13.7% من المستطلعة آراؤهم من العرب قد صنّفوا أداء الجهاز بوصفه غير جيّد، مقارنةً بـ 7.5% من المستطلعة آراؤهم من اليهود؟
كما أنّ الثّقة في قدرة الجهاز الصحّي على التّعامل مع كورونا كانت أقلّ لدى العرب منها لدى اليهود، وهكذا، فإن 14.7% من العرب و20.9% من اليهود يعتقدون بأن جهوزيّة النّظام الصّحّيّ جيّدة، في حين أن 46.2% من العرب و40.4% من اليهود يفترضون بأن الجهاز الصّحيّ قليل الجهوزيّة أو غير جاهزٍ على الإطلاق لمواجهة الوباء.
هذا، ويرتبط انخفاض الرّضى لدى العرب بأداء وزارة الصحة في وقت الكورونا. إذ أنّ 20.6% من المستطلعة آراؤهم من العرب قد قاموا بتصنيف أداء الوزارة بوصفه جيدًا، وذلك مقارنةً بـ 33% من اليهود. في حين صنّف ما نسبته 29.4% من المستطلعة آراؤهم من العرب أداء الوزارة بوصفه غير جيّد، مقارنة بـ 23.5% من المستطلعة آراؤهم من اليهود. وبصورةٍ مماثلةٍ، فقد صنّف 38.2% من العرب مستوى الثّقة الذي شعروا به تجاه الإحاطات والإعلانات التي يقوم الجهاز الصحّي بنشرها على الجمهور بأنّه عالٍ، وذلك مقارنة بـ 49.3% من الجمهور اليهودي. فيما قام 6.9% من العرب بتصنيف ثقتهم في إحاطات وإعلانات النظام الصحّي على أنها منخفضة، مقارنة بـ 9% من اليهود.
إلى جانب نتائج المسح، يستعرض التقرير أحدث المؤشّرات الصحّية الصادرة عن كلٍّ من مكتب الإحصاء المركزيّ ووزارة الصحّة: إذ أن المؤشّرات تشير إلى وجود فجواتٍ كبيرة على حساب العرب. من ضمن هذه المؤشرات، متوسّط العمر المتوقع لدى السكّان العرب (79.5) الذي يقلّ بشكلٍ كبيرٍ عن مثيله لدى السكّان اليهود (83.1). كما أنّ منسوب الوفيات لدى الرضّع العرب يفوق ضعف (5.4) المنسوب لدى السكان اليهود (2.4). في حين أن معدّلات الوفيات للفرد لدى السكّان العرب (7.1 لدى الرّجال، و4.9 لدى النّساء) أعلى بكثير من نسبته بين السكّان اليهود (5.5 لدى الرّجال، و3.9 لدى النّساء). هذا، وقد بلغت معدّلات الإصابة بمرض السكّري بين السكّان العرب (14.0% بين الرّجال و14.5% لدى النّساء) منسوبا أعلى من تلك الإصابات بين السكان اليهود (8.5% لدى الرّجال و6.8 % لدى النّساء). وقد بلغت معدّلات الوفيات نتاجًا لمرض السكّري بين السكّان العرب (32%) وهي نسبة تبلغ أكثر من ضعف الوفيات لهذا السبب بين السكّان اليهود (14%). وتبلغ معدّلات السمنة بين السكّان العرب (54%) وهي أعلى بكثير من معدّلاتها بين السكّان اليهود (46%). أما التقدير الذاتي الصحي فهو منخفض في أوساط المستطلعة آراؤهم من العرب (إذ قدّر 49% من العرب صحّتهم بأنها جيدة جدًّا) وذلك مقابل المستطلعة آراؤهم من اليهود (حيث قدّر 56% منهم بأن صحّتهم جيدة جدًّا).
كما يرسم التقرير صورةً قاتمًة لنقص الأطبّاء وعبء العمل على العيادات الموجودة في البلدات العربيّ ة. حيث يتّضح، بناء على توجّهات وصلت إلى جمعية أطباء لحقوق الإنسان بأن وضعا يسود في المجتمع العربيّ، يضطرّ فيه طبيب عائلة واحد لمعالجة ما بين 2,000 إلى 3,000 مريضا في حين أن المعيار المنصوح به لطبيب العائلة يتلخص بنحو 1,000 مريضا.
هذا، وتشير "أطبّاء لحقوق الإنسان" بأصابع الاتهام إلى التقليصات في الميزانية وإلى سياسة الخصخصة في الجهاز الصحّيّ. ويصف التقرير كيف أن التآكل في الموازنات قد ظهر في إضعاف خدمات الصحة العامة، وتقليص عدد العاملين في المجال الصحّي في مناطق الهامش الجغرافية، ونقص الاستثمار في البنى التحتيّة ووسائل النقل العام- وهي سياسة تمنع السكان العرب (خاصّةً في الجنوب) من الوصول إلى العيادات ومراكز الأمومة والطفولة (طيپات حلاڤ).
هذا، ويضر أثر الخصخصة بشدّة بالطبقات الدنيا من المجتمع. إن مناسيب الفقر المرتفعة في أوساط المجتمع العربيّ ة هي الأخرى تضعف من قدرة الكثيرين على شراء تأمينات صحية استكماليه وخاصة، وهكذا، تتسبب هذه المناسيب المنخفضة في ارتفاع النفقات العامة على العلاجات والأدوية- تحديدا في أوساط الفئات السكّانية ذات الدخل المنخفض نسبيا. وإلى جانب ذلك، فإن مناسيب الأمن الغذائي في المجتمع العربيّ منخفضةً مقارنة ًبالمجتمع اليهوديّ- تعدّ عاملًا غالبًا ما يرتبط بالإصابة بالأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتوتر النفسيّ.
كما يعرض التقرير قائمًة طويلًة من المعايير الاقتصاديّة والاجتماعيّة النابعة، بحسب العاملين على كتابة التّقرير، عن العنصرية المؤسّسية التي تقصي السكان العرب من الوصول إلى العمل، والسكن، والتعليم، والإشراف، وتنظيم تلوث الهواء، والضجيج، والاكتظاظ في المناطق الحضريّة، وغياب تخصيص الموارد الهادفة لتشجيع نمط حياة صحّي يمنع الإصابة بالسمنة، وارتفاع ضغط الدّم، والسكري، وغيرها.
هذا، وقد صرّح د. يوتام روزنر، مدير وحدة الأبحاث في جمعيّة أطباء لحقوق الإنسان قائلا: “لقد أصاب فيروس كورونا المجتمع العربيّ بحالٍ من نقص الميزانيّة والتمييز المستمرّ والعنصريّة المؤسسيّة. وهذه العوامل جميعا تمس بشكل خطير بالحق في الصحة. بعد مرور عشرين عامًا على أحداث أكتوبر، نرى أنفسنا أمام مشهد إضرار كورونا بشكل خطير أكثر بالمهمّشين والمعرّضين للتمييز، وكأنّ الأمر حالة روتينية. إن الحكومة ملزمة بوضع حد للسياسات التمييزية والعنصرية التي تسهم بشكل مباشر في رفع مناسيب الإصابة بالأمراض، والفشل في مواجهة كورونا، وحالات الوفيات الغير ضرورية. الآن هو الوقت المناسب لإطلاق تصحيح من خلال خطّة وطنيّة تضمن المساواة في جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعيّة التي تؤثّر على الصحّة".
[email protected]