موقع الحمرا الخميس 28/08/2025 01:54
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. كل ماركت وأنتم بخير/

كل ماركت وأنتم بخير

جواد بولس
نشر بـ 23/12/2014 21:50

في البيت حالة من فوضى كفوضى نهر؛ الأولاد الصغار يتصارعون كجراء تتعلّم  قواعد القتال والصيد من أجل البقاء، أصغرهم يقتحم الصالون، يبكي على مسدس أضاعه وقلمِ ليزر، ويتّهم قريبه بالجناية. من الغرف تخرج الفتيات كاملات الحسن والزينة، جميلات كما يليق بالقمر، أمهاتهن يدققن بآخر تفاصيل وجوههن، ويمررن، بخفة ساحرة، أيديهن على البطون والأوراك، ليتأكدن من أنوثة ما زالت دافقة رغم أنف الأربعين والخمسين. الرجال والشباب يتمنون لهن جولةً موفقة في سوق الميلاد، أو ما صار يعرف في بلادنا "بالكريسماس ماركت".
 البيت يستنشق قسطًا من هدوء نسبي، فالضجيج خبا وغادر لصالح نقاش دارت رحاه، بين من بقي، حول ظاهرة هذه الأسواق التي ما فتئت تتفشى في قرانا ومدننا. 
بالقرب منهم، تمددت على كنبة، أمامها أشعلت صوبةً كهربائيةً، وكنت أصغي، حينًا، لمجادلاتهم التي احتدمت في بعض محطاتها وأحيانًا، أستمع لجوقة لبنانية ترتل تراتيل الميلاد. 
ارتميت، متخمًا، وما بين صحو وإغفاء استقبلت صورًا من شعائر ميلادي الخاص.

لا أذكر متى توقفت عن ممارسة طقوس الصلاة التي كنت أسيرها وأنا طفل لا يعرف من المشاعر إلّا أطرافها الحادة. كنت كأترابي نمارس الفرح عاريًا من زوائد النضوج والتبرّج، ونحزن من غير مراسم، كجداول تبكي شحًّا وتدمع على فراق ضفافها. "أنانا" كانت هشّة كجناحي فراشة، جاهزة للخوف والارتباك والحب. لم يسكننا قلق، فهذا همّ البالغين أو العاشقين.

لا أتذكّر متى بدأت أطلب من يسوع أن يحبّني، وأن يبعد عني المرض، وينجّحني في دروسي، وأن يجعل من أحبهم يضحكون في وجهي ويحبونني. كنت أتمتم دعائي ثلاث مرّات، باسمي وبالنيّابة عن أبناء بيتي، وعندما أكون منهكًا، لم أتنازل عن رفع الدعاء لكنني، كنت أتلوه كطلقة وأنا على فوّهة إغفاءة، متأكدًا أن يسوع سيفهم صلاتي، مهما كانت "مجعلكًة"، فهو يسمعها كل ليلة، وسيقبلها، لأن مطالبي كانت بحجم قلب يحب، وأبسط من شفاء أبرص.

كنا ننتظر الميلاد بفرح عظيم، فهو عيدنا، نحن الأطفال، وعيد الوداعة والسلام. مع اقترابه كانت عطلتنا المدرسية تبدأ، ومعها كنا ننطلق قطعان أحصنة أفلتت لتعانق المدى، ونستسلم لإغواء الحواكير وحضن الحارات. ميلادنا كان  شجرةً تنير القلوب وفي صدرها نودع كمشة أسرارنا، ذهب تلك الأيام وكنوزها، ونذهب لننام على وسائد من دفء وملابسنا الجديدة التي كنا نفوز بمثلها مرّة كل عيد. 

ليلة الميلاد كانت ليلة من نبيذ ونشيد وكستناء، ليلة تصير فيها بيوت القرية البسيطة قصورًا من حب وتسامح، وفيها تسجن الملائكةُ شياطين الشقاق والنفاق والرذيلة، وتفتح للعالم شبابيك الرحمة والألفة والعشق. في الميلاد كانت القرية تودّع عهدًا من حب عتيق وتستقبل وعدًامن حب جديد قشيب.

في الصباح، كنا نفيق على صوت الندى، ونخف لنمتلئ بجديدنا؛ في البيت أبخرة بنكهة دجاج محشي تنبعث من طناجر أمي وتملأ فضاء الحارة برائحة مشتهاة. شوارع  القرية، رغم ضيقها، كانت تعج بأسراب مزركشة من العائلات، تطوف على الأهل والأقارب والمحزونين والجيران؛ كانت قريتنا تصير بيتًا واحدًا يردد مزامير المحبة والمروءة والوفاء.

كان يسوع يحب كل القرية، كنا نطمئن له، ننام وعلى جفوننا نجمة تضيء وتحرس. أحسسناه في بيتنا، في حاراتنا، لم يسرقه أحد ولم يحجبه  شيء، كنا على يقين أنه معنا ومع الفقراء أمثالنا، ويحب أطفال العالم مثلنا، كان يسوعنا عادلًا ومنصفًا للمظلومين، وقد جاء فافتدى البشر، كل البشر، وخلّصهم من خطاياهم، وكنا لا نقلق عليه ولا منه، فالقلق والشك شيم الكبار، والحاسدين.

كم كنّا صغارًا وأنقياء، لم ندرك أن يسوعنا، سيصير "مسيحيًا"، كما يريده كبار اليوم ويعبده صيارفة الهياكل الحديثة- كل وفقًا لعملته وفضّته. 

هجرتنا الطفولة فاستوطن الشك، ذهبت البراءة فغاب اليقين؛ لا أتذكر متى توقفت عن استجدائي يسوع وبدأت التفتيش عليه. ربما عندما اكتشفت أنه لا يرقّ لعاشق أدمته سهام الحاقدين والعواذل، أو ربما عندما زرت بيت - لحم ورأيت مهده محاصرًا سليبًا ومهانًا، وسمعت شعبه يصلي لخلاصه عبثًا، لأن الغلبة كانت من نصيب "البربر والشرير". 

كبرنا وضاع يسوعنا، أفتش عنه فلا أجده إلا طفلًا ذارعًا معي شوارع تلك القرية الوادعة التي كانت قريتي وقريته، أعود وأفتش عنه فأجده في صلوات حكّام يستعينون به في الصباحات، وفي الليالي تسلخ سياطهم جلود المؤمنين الوادعين، أستجير به مجدّدًا، من أجل فقراء مخيم يتضور أبناؤه جوعًا ويشبعون تنكيلًا وتشريدًا، فأجده يصب بركاته في خوابي من يكدسون الأطيان والذهب والماس.

كانت قريتي عالمًا من نور وطمأنينة، وكان معها يسوع وفيها، صار العالم قرية من سراب وظمأ، فضاع يسوع وحار الناس فيه. ربما، لهذا، هكذا وأنا على كنبتي فكّرت، يقيمون أسواق الميلاد من أجله في جميع  المدائن، عساهم يهتدون عليه هناك في "الكريسماس ماركتز"، بين بسطات الباعة والدلّالين، ألم يعلّموهم  أنه "أخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقد قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام".

احتدم النقاش في البيت وعلا صياح. أفقت على أحدهم يجزم أن العالم تغيّر وأن لا بأس في هذه الأسواق، فخيرها وريعها أكثر من سلبها وسخطها، وثان وافقه متحفظًا على من يسيّس السوق والمناسبة والذكرى.

حاولت أن أتدخل لأهدأ، فأسكتني طالب الحكمة، وذكّرني بصرخة صديقي الشاعر جريس سماوي حين أنشد:
 "إن روما التي سرقت ديننا، مثلما سرقت حنطة الروح، من كلّ أهرائنا، لم تزل تستبيح الذُرى، هل ترى يا أبي، هل ترى؟"

رويت لهم ما جال في خيالي وأنا على تلك الكنبة، وكيف كان ميلادي وكيف تهت، فعلّق مؤمن على حديثي وقال: "أن يسوع في داخلكم ابحثوا عنه تجدوه"، فوعده الجميع أن يفتشوا عنه وأن يخبروا مؤمنًا إذا وجدوه. وتمنى الجميع للجميع ميلادًا مجيدًا وسعادة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

الأربعاء 27/08/2025 17:45

يُقال إنّ الكلمة هي الجسر الأول الذي يعبره الإنسان نحو العالم. ومن دونها، يبقى العقل أسيرًا لصمته الداخلي، يختزن الأفكار والمشاعر دون أن يجد لها منفذً...

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

الأثنين 25/08/2025 20:43

كلنا نعيش على شاطئ واحد، نتشارك نفس الرمل ونواجه ذات البحر، لكن كل واحد منا يبني مركبه في زاوية منعزلة، يظن أن الريح ستدفعه وحده نحو برّ النجاة.

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

الأحد 24/08/2025 21:12

لم يعِ وحيد نفسه، كيف فزّ من سريره مهرولا نحو مكان الاختباء، الذي صممه لنفسه بحيث لا يتسع لغيره، ولماذا يتسع لآخرين طالما أنه يعيش لوحده في البيت.

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

الأربعاء 13/08/2025 21:13

تناقضات الحاضر في عصرنا الحديث، رغم اتساع المساحات المادية من حولنا، تشهد حياتنا تناقضات داخلية عميقة

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

الخميس 07/08/2025 20:00

بعدما بدت الصفقة الجزئية بشأن غزّة في متناول اليد، وتضاءلت فجوات الخلاف حول خرائط الانسحاب ومفاتيح الأسرى والمساعدات الإنسانية والضمانات، فجّر المبعوث...

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

الأحد 03/08/2025 21:35

في عالم كرة القدم، لا تكفي المهارات الفردية لتحقيق الفوز؛ فالفريق بحاجة إلى لغة موحدة، يفهمها الجميع دون كلمات، وتُترجم إلى حركات، إشارات، ومواقف جماع...

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

الثلاثاء 29/07/2025 21:25

منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 حزيران/يونيو 2007 حين نفذت انقلابا، فيما سُمي منها بـ"الحسم العسكري"، دخلت الساحة الفلسطينية في حالة انقسام سيا...

تحضير ناجع للفريق = انطلاقة ناجحة  بقلم: غزال أبو ريا

تحضير ناجع للفريق = انطلاقة ناجحة بقلم: غزال أبو ريا

الثلاثاء 22/07/2025 20:50

مع انطلاق التحضيرات للدوري، نؤكد على أهمية الإعداد المهني والجماعي للفريق الرياضي، لأن التحضير السليم هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الإنجازات.

الوطن العربي في مرآة اللهيب: بين التفكك الداخلي والمواجهات المصيرية بقلم: رانية مرجية

الوطن العربي في مرآة اللهيب: بين التفكك الداخلي والمواجهات المصيرية بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:32

في المشهد العربي الراهن، تتشابك خطوط النار والسياسة، وتتداخل خرائط الأزمات من المحيط إلى الخليج، حيث لم يعد من الممكن عزل حدثٍ عن سياقه الإقليمي أو عن...

بين سماءٍ وأرض بقلم: رانية مرجية

بين سماءٍ وأرض بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:24

بينَ سماءٍ وأرضٍ...

الأكثر قراءة

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحوامل ومرضى الأمراض المزمنة هم  الفئات الأكثر عرضه لخطر موجات الحر

الأحد 10/08/2025 14:54

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحو...
ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفوج ال 70

الأثنين 25/08/2025 22:13

ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفو...
انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة الابتدائية على اسم الشاعر سميح القاسم في الرامة

الخميس 21/08/2025 19:54

انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة...
ألف مبارك تخرج الدكتورة مجد نورالدين الوريكات

الأربعاء 30/07/2025 20:15

ألف مبارك تخرج الدكتورة مجد نورالدين الو...
ساجور: مقتل الشاب ساهر ابراهيم (29 عامًا) اثر تعرضه لاطلاق نار في الرامة

الأثنين 04/08/2025 18:00

ساجور: مقتل الشاب ساهر ابراهيم (29 عامًا...

كلمات مفتاحية

زحالقة الوزير إردان المفرقعات رمضان اطلاق نار مجلس محلي زيمر اعتقال مشتبه الاحوال الجوية حاله الطقس انخفاض درجات الحراره ميني تارت فوائد الملوخية بيتزا التونة أبشع أنواع تعذيب استخدمت في التاريخ ! اخبار محليه اخبار طلب عرار مداهمة مكبات تخزين الحديد المعادن ترشيحا معليا الكوش عرابة كرة قدم طمرة
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development