موقع الحمرا الجمعة 06/06/2025 20:21
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. أسعفيني يا عين/

أسعفيني يا عين

جواد بولس
نشر بـ 11/12/2014 17:47

بدأت نهاري مدمنًا على جرعة صبح، من رأسي تنسرب آخر كلمات أغنية فيروزية رافقت حلمي الذي لم أتذكر إن كان جميلًا أم لا. لم أتحرّك بنشاط مَن شبع نومًا وراحةً، لبست قميصًا أبيض وبدلة بلون الفحم، ومن رقبتي تدلّت ربطة عنق سوداء بدا عليها التعب.
بلعتُ عددًا من حبّات الدواء التي منذ سنوات صارت كفيلة بترويض ضغطي وبصدِّ مخاطر شتى، تستضعف جندُها جذعي بعد أن "خَمْسَنَ" وزحف يرافقه الأبيض نحو الرشد، وبعضهم قال نحو الوقار.
معظم الأخبار تحدثت عن تداعيات حلّ الكنيست الإسرائيلي وما أتاحه ذلك القرار من احتمالات. أخبار فلسطين، بالمقابل،كانت باردة، تفد إلى الأسواق كأنها معلّبة، بعضها يبدو ومفعوله قد انتهى، أحاول أن أجد محطة لا تتعاطى هذه المنبهات أو المسكنات، فأمل بسرعة وأطفئ الراديو.
مسافة الطريق من بيتي الى محكمة "عوفر" قصيرة، ولكن في القدس ليست هناك مسافات قصيرة، فكل مشوار قد يصير بطول الدودة الشريطية التي تعلمنا عنها قبل خمسين عامًا.
أمامي طابور من سيّارات يبدو عليها الغضب، تنتظر أن يحن عليها سائق باص توقّف في وسط الشارع كي يلمّ ركّابه. ورائي، في المقعد الأمامي، يجلس صبي بجانب أبيه، يقلب آخر ما تبقى من علبة "الإيكس- إيل" في جوفه ليمتلئ طاقة وغباوة. والده، يلبس بدلة فاخرة يمسك المقود بطرف إصبعين، على واحد منهما يشهق خاتم كبير من ذهب وساعة مربعة تغلق على رسغه، وبيده الأخرى يطوّق سيجارة، يمج منّها بتوتّر شديد، يحمّر صدغاه، ويصير وجهه كزهرة برقوق، لم يتحدث مع ابنه، ينفث دخان سيجارته في قمرة السيّارة فتمتلئ بياضًا وتصير كسحابة.
في قاعة المحكمة، يخبرني القاضي أن موكلي طلب أن لا يحضر، لكنه طالب أن لا نؤجل جلسة استئنافه، لأنه ينتظر قرارًا قد ينصفه بعد أن أمضى عشرين شهرًا في السجن الإداري.
لم يصدر القاضي قراره.
أعود إلى رام الله. بعد دقائق من دخولي مكتبي تخبرني أماني، أن زياد أبو عين قد استشهد في منطقة ترمسعيا، صعقت ولم أصدّق. ثمّ تأكدنا أن الخبر صحيح، ففلسطين، كما نعرفها، ما زالت بلادًا من زفرات وقهر رخيص.
كنت أعمل في مكتب المحامية اليهودية الشيوعية فيليتسيا لانجر،عندما سمعت اسم الشاب زيادأبو عين، وذلك حينما قررت أمريكا، في مطلع الثمانينيات، تسليمه لسلطات الاحتلال الإسرائيلي "كإرهابي" مطلوب لقضائها.
بعد خروجه من سجون الاحتلال تلاقينا وتزاملنا؛ فهو كان السجين وأنا المحامي،أو كان الناشط في الدفاع عن سجناء فلسطين وأنا الرفيق والشريك.
مسيرته حافلة، ككل مسيرات الفلسطينيين السائرين على دروب الشوك. في الطريق تحملّهم الأكف حينًا، وأحيانًا ترجمهم النميمة واللسان. هي فلسطين يا أيّها الزياد، بلد العزة والشهامة والعروس التي يُرديها البعض فتصير بلد الشماتة والملامة.
أغادر مكتبي لألتقي صديقًا يقاسمني ساعة عبث ورذاذ فاجعة. في المدخل، يلقاني "فتحاوي" لم أره منذ سنوات، عرفته يوم كان النضال في فلسطين يجمع ولا يفرق، عانقني بحرارة وسأل عن أخباري مستفسرًا عن غبرة حلّت بوجهي وصفرة طارئة، لم ينتظر ردي فاستطرد قائلًا: "زياد أبو عين، آه، الله يرحمه يا سيدي"، قالها، خالية من أي عاطفة أو عشم، ومضى ليكمل جلسة نضالية مع أصدقاء له كانوا ينتظرونه، فيها قد يتحدثون، عن كل شيء إلّا عن الخسارة في موت من كان مفروضًا أن يكون رفيق دمعهم ودربهم والنضال.
قبل العودة إلى بيتي في القدس، عرّجت على الصيدلية التي أشتري منها أدويتي حسب ما يسجّله طبيي مباشرة على حواسيب تلك الصيدليات المقدسية المتعاقدة مع "صناديق المرضى" الإسرائيلية.
كان الصيدلي الشاب عابسًا بشكل ملحوظ وهو يعد أدويتي، فسألته، عن سبب عبوسه وقلت بين مزح وجدية: "لو ظهرت أنا عابسًا، لكان هذا أمرًا طبيعيًا، لأنني تركت رام الله بعد أن ودّعت صديقًا قديمًا قضى في "معركة"، فقط الشيطان يعرف كيف يلتقط فيها ضحاياه، فها هو زياد أبو عين يمضي في رحلة الريح السوداء، ويرحل تاركًا لنا نثارًا من وعد ولحنًا من عاصفه وندم...".
لم يتفاعل الشاب مع ما حكيت، أعدّ قائمة الدواء وناولني إيّاها. بجانبه جلست شريكته في العمل، صيدلانية تعمل هناك وأعرفها من زياراتي السابقة، استمعت إليّ وأبدت امتعاضًا مهذّبًا على وجهها، بادرتني بحزم وقالت بعتب مصحوب بما يشبه الغضب الأقرب إلى الكراهية:
"على ماذا كل هذه الطنطنة في الإعلام والأخبار؟ لماذا بالذات عليه ومن أجله؟ ففي الماضي سقط الشهداء وسيسقط غيرهم، ما الخاص بهذا الإنسان ..؟"
كانت حادّة كشفرة، وناقمة كناقة، أسكتّها بلباقة وقلت لها: كما في الماضي هكذا اليوم، فللشهداء وصية وأضعف الايمان أن تحترموا رحيلهم. حاولت ببعض العقل أن أخفف من قتامة ما تهافت منها وملأ الفضاء، وكان كالليل والصدأ، وتساءلت، كيف لصبيّة عمرها نصف عمر الاحتلال أن تتكلم بهذه الكراهية على فلسطيني ابن لشعبها، قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي، وكيف من المعقول أن تنطق بكل هذا الحقد، دون أن تذكر الاحتلال الإسرائيلي، ولو بهمسة أو رعشة أو خيال؟
سألتها: ألأنه من "هؤلاء"؟ ألأن زياد وصحبه صاروا هم الآخرين والأعداء؟ ومكانهم استوطن الاحتلال بيوتكم وحياتكم، التي بدأت بعده بعقدين، فولدتم وكان الاحتلال هو العادي والوليف، قد يُحَب وقد يُكرَه تمامًا كجار لكم أو كقريب بعيد؟
هل هكذا سيكون جيلكم الذي ولد في زمن الفرقة والبغض والضغينة؟
أطرقت الشابة، وبما يشبه صوت صفصافة همست وأصرت أن الشهادة في فلسطين تولد وتموت بلون واحد وهو حتمًا ليس لونك يا زياد.
تركت المكان أقطر أسى، كان يصحبني ندم، لأنني لم أحبّك أكثر يا زياد يوم كنت بيننا ومثلنا من لحم ودم، وليس مجرد طائر رعد وذكرى. فبعضهم، حتى شهيدًا لا يريدونك يا أخي!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


عايدة توما سليمان… حين تنطق عكا في الكنيست وتفضح الظلم بلغة لا تتلعثم بقلم: رانية مرجية

عايدة توما سليمان… حين تنطق عكا في الكنيست وتفضح الظلم بلغة لا تتلعثم بقلم: رانية مرجية

الثلاثاء 27/05/2025 18:15

في زمن تتكسر فيه المبادئ على موائد المصالح، وفي عصر تُبتلع فيه القضايا الكبيرة بين براثن الصمت المُخجل، تقف سيدة عكاوية كأنها آخر قلاع الموقف في وجه ا...

“كيف نعيش الأمل والفرح؟ تأملات في الصمود النفسي في زمن الألم والإعلام المنهك” بقلم: رانية مرجية

“كيف نعيش الأمل والفرح؟ تأملات في الصمود النفسي في زمن الألم والإعلام المنهك” بقلم: رانية مرجية

الأثنين 26/05/2025 18:59

في زمن تكثر فيه الأزمات الصحية والنفسية والاجتماعية، وتلعب فيه وسائل الإعلام والسوشيال ميديا دورًا مزدوجًا بين التوعية والإرباك، تبرز الحاجة إلى خطاب...

تجربتي في تعليم اللغة الإنجليزية كتب:د غزال أبو ريا

تجربتي في تعليم اللغة الإنجليزية كتب:د غزال أبو ريا

الثلاثاء 20/05/2025 11:14

عملت معلماً للغة الإنجليزية في مدرسة الحكمة الثانوية -سخنين -واللغة الإنجليزية جواز سفرنا للعالم وللأكاديميا ولكل من يريد أن يندمج في الأبحاث في مجالا...

ترامب في المنطقة... صفقات ضخمة وخلافات محسوبة بقلم: هاني المصري

ترامب في المنطقة... صفقات ضخمة وخلافات محسوبة بقلم: هاني المصري

الأحد 18/05/2025 20:14

تكتسب زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المنطقة العربية أهمية كبيرة، لأنها أوّل زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه، ولطبيعة الملفّات التي ستُبحث خلا...

أمن إسرائيل لا يضمنه إلا السلام العادل - بقلم: فهيم أبو ركن

أمن إسرائيل لا يضمنه إلا السلام العادل - بقلم: فهيم أبو ركن

الأثنين 12/05/2025 19:07

يمر رئيس وزراء حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو في أصعب مراحل حكمه، إذ خاض ويخوض حروبا ومواجهات في عدة جبهات منها الجبهة الحمساوية في غ...

الدكتور غزال سيرة ومسيرة حياة  مشرفة. بقلم: المربي شفيق كيال.

الدكتور غزال سيرة ومسيرة حياة مشرفة. بقلم: المربي شفيق كيال.

الأحد 11/05/2025 20:56

كلمتي هذه ، تحمل من المعاني ما يفوق الكلمات، لنكرّم إنسانًا أعطى من وقته وجهده وفكره الكثير، وترك بصمة لا تُنسى في كل موقعٍ خدم فيه، فكان المعلم، والم...

ألف باقة ورد” – لمسة وفاء في يوم الممرض العالمي

ألف باقة ورد” – لمسة وفاء في يوم الممرض العالمي

السبت 10/05/2025 19:56

في مبادرة إنسانية، إجتماعية قيمية وتربوية مميزة، نظّمت جمعية “المبادر ”  فعالية احتفالية ليوم الاثنين الموافق 12/5/2025 بمناسبة يوم الممرض العالمي

ماذا وراء تسريب التسجيل الصوتي للرئيس عبد الناصر في هذا الوقت ومن المستفيد؟ زياد شليوط

ماذا وراء تسريب التسجيل الصوتي للرئيس عبد الناصر في هذا الوقت ومن المستفيد؟ زياد شليوط

الخميس 01/05/2025 20:21

ضجت العديد من وسائل الاعلام وصفحات التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية وانشغلت بشكل يدعو للدهشة بتسجيل صوتي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أثن...

عاش الرئيس ممسكًا بكل مفاتيح السلطة - بقلم: هاني المصري

عاش الرئيس ممسكًا بكل مفاتيح السلطة - بقلم: هاني المصري

الخميس 01/05/2025 19:57

انفض اجتماع المجلس المركزي وخرج ليوحي للوهلة الأولى، بما كان متوقعًا ومطلوبًا منه، وهو استحداث منصب نائب الرئيس

مصطلح التفكير خارج الصندوق كتب:غزال أبو ريا

مصطلح التفكير خارج الصندوق كتب:غزال أبو ريا

الثلاثاء 15/04/2025 15:10

في  محطاتي المهنية قدمت وأقدم ورشات لمجموعات عمل  وطواقم مختلفة في موضوع "التفكير خارج الصندوق".

الأكثر قراءة

فاجعة في دير الأسد: اقرار وفاة الطفلة راحل أسدي بعد مصرع والدتها وشقيقها بالحريق

السبت 17/05/2025 07:52

فاجعة في دير الأسد: اقرار وفاة الطفلة را...
اتحاد ارباب الصناعة يرحب بفرض ضمانات مؤقتة فورية ورسوم ضريبية على الألومنيوم المستورد من الصين

الخميس 08/05/2025 18:18

اتحاد ارباب الصناعة يرحب بفرض ضمانات مؤق...
حريق واسع قرب الرامة واستدعاء طائرات إطفاء.

الأحد 18/05/2025 21:01

حريق واسع قرب الرامة واستدعاء طائرات إطف...
مصادر تكشف لـCNN - إسرائيل تُجري استعدادات لضرب منشآت نووية إيرانية.

الأربعاء 21/05/2025 21:17

مصادر تكشف لـCNN - إسرائيل تُجري استعداد...
مساعدو ترامب يحذرون “إسرائيل”: أنهوا الحرب وإلا سنتخلى عنكم

الأثنين 19/05/2025 21:48

مساعدو ترامب يحذرون “إسرائيل”: أنهوا الح...

كلمات مفتاحية

تركيب ثلاث غرف جاهزه اعدادية البطوف عرابة القدس الشرطة الاسرائيلية ليلة القدر الأقصى حالة الطقس، الجو طمرة إصابة فتى بجروح طفيفة تعرضه لإعتداء المدينة طيراوي سرقة خلاطة باطون نساء ضد العنف الثامن من آذار جمعية الابراج اليوم حظك اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه اقتصاد محاضره حكم هدم بيت المواطن الكناوي طارق خطيب السلطات العرب عائلة الدوابشة
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development