موقع الحمرا السبت 16/08/2025 01:42
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. أسعفيني يا عين/

أسعفيني يا عين

جواد بولس
نشر بـ 11/12/2014 17:47

بدأت نهاري مدمنًا على جرعة صبح، من رأسي تنسرب آخر كلمات أغنية فيروزية رافقت حلمي الذي لم أتذكر إن كان جميلًا أم لا. لم أتحرّك بنشاط مَن شبع نومًا وراحةً، لبست قميصًا أبيض وبدلة بلون الفحم، ومن رقبتي تدلّت ربطة عنق سوداء بدا عليها التعب.
بلعتُ عددًا من حبّات الدواء التي منذ سنوات صارت كفيلة بترويض ضغطي وبصدِّ مخاطر شتى، تستضعف جندُها جذعي بعد أن "خَمْسَنَ" وزحف يرافقه الأبيض نحو الرشد، وبعضهم قال نحو الوقار.
معظم الأخبار تحدثت عن تداعيات حلّ الكنيست الإسرائيلي وما أتاحه ذلك القرار من احتمالات. أخبار فلسطين، بالمقابل،كانت باردة، تفد إلى الأسواق كأنها معلّبة، بعضها يبدو ومفعوله قد انتهى، أحاول أن أجد محطة لا تتعاطى هذه المنبهات أو المسكنات، فأمل بسرعة وأطفئ الراديو.
مسافة الطريق من بيتي الى محكمة "عوفر" قصيرة، ولكن في القدس ليست هناك مسافات قصيرة، فكل مشوار قد يصير بطول الدودة الشريطية التي تعلمنا عنها قبل خمسين عامًا.
أمامي طابور من سيّارات يبدو عليها الغضب، تنتظر أن يحن عليها سائق باص توقّف في وسط الشارع كي يلمّ ركّابه. ورائي، في المقعد الأمامي، يجلس صبي بجانب أبيه، يقلب آخر ما تبقى من علبة "الإيكس- إيل" في جوفه ليمتلئ طاقة وغباوة. والده، يلبس بدلة فاخرة يمسك المقود بطرف إصبعين، على واحد منهما يشهق خاتم كبير من ذهب وساعة مربعة تغلق على رسغه، وبيده الأخرى يطوّق سيجارة، يمج منّها بتوتّر شديد، يحمّر صدغاه، ويصير وجهه كزهرة برقوق، لم يتحدث مع ابنه، ينفث دخان سيجارته في قمرة السيّارة فتمتلئ بياضًا وتصير كسحابة.
في قاعة المحكمة، يخبرني القاضي أن موكلي طلب أن لا يحضر، لكنه طالب أن لا نؤجل جلسة استئنافه، لأنه ينتظر قرارًا قد ينصفه بعد أن أمضى عشرين شهرًا في السجن الإداري.
لم يصدر القاضي قراره.
أعود إلى رام الله. بعد دقائق من دخولي مكتبي تخبرني أماني، أن زياد أبو عين قد استشهد في منطقة ترمسعيا، صعقت ولم أصدّق. ثمّ تأكدنا أن الخبر صحيح، ففلسطين، كما نعرفها، ما زالت بلادًا من زفرات وقهر رخيص.
كنت أعمل في مكتب المحامية اليهودية الشيوعية فيليتسيا لانجر،عندما سمعت اسم الشاب زيادأبو عين، وذلك حينما قررت أمريكا، في مطلع الثمانينيات، تسليمه لسلطات الاحتلال الإسرائيلي "كإرهابي" مطلوب لقضائها.
بعد خروجه من سجون الاحتلال تلاقينا وتزاملنا؛ فهو كان السجين وأنا المحامي،أو كان الناشط في الدفاع عن سجناء فلسطين وأنا الرفيق والشريك.
مسيرته حافلة، ككل مسيرات الفلسطينيين السائرين على دروب الشوك. في الطريق تحملّهم الأكف حينًا، وأحيانًا ترجمهم النميمة واللسان. هي فلسطين يا أيّها الزياد، بلد العزة والشهامة والعروس التي يُرديها البعض فتصير بلد الشماتة والملامة.
أغادر مكتبي لألتقي صديقًا يقاسمني ساعة عبث ورذاذ فاجعة. في المدخل، يلقاني "فتحاوي" لم أره منذ سنوات، عرفته يوم كان النضال في فلسطين يجمع ولا يفرق، عانقني بحرارة وسأل عن أخباري مستفسرًا عن غبرة حلّت بوجهي وصفرة طارئة، لم ينتظر ردي فاستطرد قائلًا: "زياد أبو عين، آه، الله يرحمه يا سيدي"، قالها، خالية من أي عاطفة أو عشم، ومضى ليكمل جلسة نضالية مع أصدقاء له كانوا ينتظرونه، فيها قد يتحدثون، عن كل شيء إلّا عن الخسارة في موت من كان مفروضًا أن يكون رفيق دمعهم ودربهم والنضال.
قبل العودة إلى بيتي في القدس، عرّجت على الصيدلية التي أشتري منها أدويتي حسب ما يسجّله طبيي مباشرة على حواسيب تلك الصيدليات المقدسية المتعاقدة مع "صناديق المرضى" الإسرائيلية.
كان الصيدلي الشاب عابسًا بشكل ملحوظ وهو يعد أدويتي، فسألته، عن سبب عبوسه وقلت بين مزح وجدية: "لو ظهرت أنا عابسًا، لكان هذا أمرًا طبيعيًا، لأنني تركت رام الله بعد أن ودّعت صديقًا قديمًا قضى في "معركة"، فقط الشيطان يعرف كيف يلتقط فيها ضحاياه، فها هو زياد أبو عين يمضي في رحلة الريح السوداء، ويرحل تاركًا لنا نثارًا من وعد ولحنًا من عاصفه وندم...".
لم يتفاعل الشاب مع ما حكيت، أعدّ قائمة الدواء وناولني إيّاها. بجانبه جلست شريكته في العمل، صيدلانية تعمل هناك وأعرفها من زياراتي السابقة، استمعت إليّ وأبدت امتعاضًا مهذّبًا على وجهها، بادرتني بحزم وقالت بعتب مصحوب بما يشبه الغضب الأقرب إلى الكراهية:
"على ماذا كل هذه الطنطنة في الإعلام والأخبار؟ لماذا بالذات عليه ومن أجله؟ ففي الماضي سقط الشهداء وسيسقط غيرهم، ما الخاص بهذا الإنسان ..؟"
كانت حادّة كشفرة، وناقمة كناقة، أسكتّها بلباقة وقلت لها: كما في الماضي هكذا اليوم، فللشهداء وصية وأضعف الايمان أن تحترموا رحيلهم. حاولت ببعض العقل أن أخفف من قتامة ما تهافت منها وملأ الفضاء، وكان كالليل والصدأ، وتساءلت، كيف لصبيّة عمرها نصف عمر الاحتلال أن تتكلم بهذه الكراهية على فلسطيني ابن لشعبها، قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي، وكيف من المعقول أن تنطق بكل هذا الحقد، دون أن تذكر الاحتلال الإسرائيلي، ولو بهمسة أو رعشة أو خيال؟
سألتها: ألأنه من "هؤلاء"؟ ألأن زياد وصحبه صاروا هم الآخرين والأعداء؟ ومكانهم استوطن الاحتلال بيوتكم وحياتكم، التي بدأت بعده بعقدين، فولدتم وكان الاحتلال هو العادي والوليف، قد يُحَب وقد يُكرَه تمامًا كجار لكم أو كقريب بعيد؟
هل هكذا سيكون جيلكم الذي ولد في زمن الفرقة والبغض والضغينة؟
أطرقت الشابة، وبما يشبه صوت صفصافة همست وأصرت أن الشهادة في فلسطين تولد وتموت بلون واحد وهو حتمًا ليس لونك يا زياد.
تركت المكان أقطر أسى، كان يصحبني ندم، لأنني لم أحبّك أكثر يا زياد يوم كنت بيننا ومثلنا من لحم ودم، وليس مجرد طائر رعد وذكرى. فبعضهم، حتى شهيدًا لا يريدونك يا أخي!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

الأربعاء 13/08/2025 21:13

تناقضات الحاضر في عصرنا الحديث، رغم اتساع المساحات المادية من حولنا، تشهد حياتنا تناقضات داخلية عميقة

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

الخميس 07/08/2025 20:00

بعدما بدت الصفقة الجزئية بشأن غزّة في متناول اليد، وتضاءلت فجوات الخلاف حول خرائط الانسحاب ومفاتيح الأسرى والمساعدات الإنسانية والضمانات، فجّر المبعوث...

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

الأحد 03/08/2025 21:35

في عالم كرة القدم، لا تكفي المهارات الفردية لتحقيق الفوز؛ فالفريق بحاجة إلى لغة موحدة، يفهمها الجميع دون كلمات، وتُترجم إلى حركات، إشارات، ومواقف جماع...

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

الثلاثاء 29/07/2025 21:25

منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 حزيران/يونيو 2007 حين نفذت انقلابا، فيما سُمي منها بـ"الحسم العسكري"، دخلت الساحة الفلسطينية في حالة انقسام سيا...

تحضير ناجع للفريق = انطلاقة ناجحة  بقلم: غزال أبو ريا

تحضير ناجع للفريق = انطلاقة ناجحة بقلم: غزال أبو ريا

الثلاثاء 22/07/2025 20:50

مع انطلاق التحضيرات للدوري، نؤكد على أهمية الإعداد المهني والجماعي للفريق الرياضي، لأن التحضير السليم هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الإنجازات.

الوطن العربي في مرآة اللهيب: بين التفكك الداخلي والمواجهات المصيرية بقلم: رانية مرجية

الوطن العربي في مرآة اللهيب: بين التفكك الداخلي والمواجهات المصيرية بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:32

في المشهد العربي الراهن، تتشابك خطوط النار والسياسة، وتتداخل خرائط الأزمات من المحيط إلى الخليج، حيث لم يعد من الممكن عزل حدثٍ عن سياقه الإقليمي أو عن...

بين سماءٍ وأرض بقلم: رانية مرجية

بين سماءٍ وأرض بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:24

بينَ سماءٍ وأرضٍ...

الله يعرفني… وأنا أعرفه… وهذا يكفي بقلم: رانية مرجية

الله يعرفني… وأنا أعرفه… وهذا يكفي بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:16

في زحمةِ الأصوات التي تدّعي امتلاك الحقيقة، وفي عالمٍ تتناهشهُ الطوائف، وتتوزعهُ الشعارات، ويُجزّأ فيه الإله على مقاسات البشر، أقفُ صامتة… مطمئنة… وأق...

الفكر التكفيري المغموس بالسموم والمخدرات.

الفكر التكفيري المغموس بالسموم والمخدرات.

الخميس 17/07/2025 19:07

هذه الحالة الشاذة لاستمرار تواجد إرهابيين داعشيين، تكفيريين متطرفين دينيا، أسوء من النازيين الألمان بكل المقاييس الإنسانية في السويداء، تدفع بكل ذي نخ...

إيران وأميركا... حرب مفتوحة أم تفاوض تحت النار؟ بقلم: هاني المصري

إيران وأميركا... حرب مفتوحة أم تفاوض تحت النار؟ بقلم: هاني المصري

الخميس 26/06/2025 20:04

قبل انقضاء المهلة التي حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب (أسبوعين) لاتخاذ قرار بشأن مهاجمة إيران، نفّذت طائرات وغوّاصات أميركية، فجر الأحد الماضي، ض...

الأكثر قراءة

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحوامل ومرضى الأمراض المزمنة هم  الفئات الأكثر عرضه لخطر موجات الحر

الأحد 10/08/2025 14:54

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحو...
أحمد الشرع: سوريا ليست للتقسيم.. ولا يجوز محاكمة الدروز على أفعال القلة

السبت 19/07/2025 21:43

أحمد الشرع: سوريا ليست للتقسيم.. ولا يجو...
إكسال: مقتل عماد نايف شلبي إثر تعرضه لجريمة إطلاق نار

الثلاثاء 15/07/2025 22:46

إكسال: مقتل عماد نايف شلبي إثر تعرضه لجر...
"أزمة انسحابات" تهز حكومة نتنياهو...هل ستسقط الحكومة؟

الثلاثاء 15/07/2025 20:30

"أزمة انسحابات" تهز حكومة نتنياهو...هل س...
ساجور: مقتل الشاب ساهر ابراهيم (29 عامًا) اثر تعرضه لاطلاق نار في الرامة

الأثنين 04/08/2025 18:00

ساجور: مقتل الشاب ساهر ابراهيم (29 عامًا...

كلمات مفتاحية

اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه ايمن عوده المشتركه اخبار محليه محلية اخبار محليه اخبار محلية حريق قلنسوه مدارس محاضره وحدات شرطه وادي سلامه ليبرمان نتنياهو هجوم صعقة ام الفحم اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه سلطة الدجاج المشوي صوص الباربكيو الكريمي انخفاض درجات.الحرارة سيول مصرع تامر حجير حادث رصاص الناصرة رحاب زريق
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development