التعلم عن بعد في ظل الكورونا
كتبت: ياسمين محارب بنا، موجهة تربوية ومحاضرة اكاديمية
في ظل ما تمر به المعمورة كلها، والنظام العالمي الجديد الذي ستفرزهُ الأزمة الصحية العالمية نتيجة وباء الكورونا الخطير، وسرعة تفشيه وتأثيرهُ على كافة مناحي ال حياة في الحياة اليومية الحالية والحياة المستقبلية، ألمس بشكل خاص التغيير في الايام القليلة كموجهة تربوية ومحاضرة في المجال الاكاديمي، بحيث طرأ تغيير كبير في المنظومة كلها، لدى طلاب المدارس الابتدائية وطلاب التعليم الاكاديمي وبلا شك لدى الأهل ولدى المؤسسة التعليمية الرسمية وعلى رأسها وزارة المعارف. هذا التغيير عبارة عن تحدي كبير لن ينجح بالكامل في بداية الطريق لكنهُ حتمًا سيكون جزءاً من السيرورة التعليمية لكل طالب في المستقبل.
لا يمكنني أن أنفي حقيقة أنهُ على الرغم من أن منظومة التعليم عن بعد تسمح بإتاحة الاتصال اللحظي بين المدرسين والمحاضرين والطلاب عبر الشبة العنكبوتية الانترنت، إلا أن التعرف على بعض من خلال شاشة الحاسوب او شاشة الهاتف الخلوي والمسافة الفاصلة بينهم قد تشكل عائقاً في عدة مسائل خاصة بمجال الحصول على إجابات آنية على الاسئلة والاستفسارات والتساؤلات، الأمر الذي لا يكون في حال التواصل الشخصي الحسي المرئي والمسموع أي من خلال اللقاءات الشخصية اضافة الى العامل الانساني والعلاقة بين بني البشر التي من الممكن ان تكون مختلفة عندما تكون شخصية ومباشرة وليس عبر الشاشة. جزء من الطلاب يعتقد أن عدم توفر الاتصال المادي في غرفة الدراسة هو أمر يحدث فارقاً كبيراً وجزء اخر يعتقد أن لهذا الأمر أكثر من فائدة حيث من الأسهل أن تقوم بكتابة تعليق على وسائل التواصل مع المدرس وهو يرسل جوابه في وقت لاحق. في هذه الحقبة من الزمن، التي سيطر عليها فايروس الكورونا، ممكن وربما من المستحسن، للعاملين في سلك التعليم، معلمين مربين ومحاضرين في المعاهد الاكاديمية العليا، وايضا للطلاب، كل الطلاب، من الممكن تحويل الازمة الى فرصة على الاقل في الوضع الراهن.
وكمن تعيش في مجتمعها وتواكب الاحداث عن كثب، أعي واعلم ان المجتمع العربي يعاني من الفقر وانعدام الامكانيات المادية خاصة من الصعب على كل رب اسرة ان يقتني حاسوب لكل واحد من اولادهُ.
في جميع الأحوال، كل ما هو جديد يمر بهذه التحديات، وهذا أمر طبيعي فعندما ندرس عن بعد نتمتع بالحرية والاستقلالية التامة في الإشراف على الدراسة والتقدم في الاختصاص ونوفر على أنفسنا عناء السفر والحضور للمحاضرة او الحصة، فالطالب يحدد نمط طريقة الدراسة، والساعة التي سيدرس فيها وكذلك المناخ الملائم لك. إن التمتع بالمزيد من الاستقلالية في الدراسة يساعدنا أيضاً على تطوير خصائص وميزات تكون مفيدة لك جداً في مستقبلنا المهني لذلك لا ننسَ أن الدراسة عن بعد تتطلب شيء اساسي وهو مفتاح النجاح، الالتزام والانضباط بالوقت، ليس هناك جو تعليمي ولا زملاء ولا اصدقاء في الدروس التعليمية عن بعد، هناك محاضرة ببث مباشر او مسجلة وهناك مواد واسئلة لا غير، وهنا يكمن التحدي الكبير لكل شخص. الخطوة الأولى في هذه المسيرة يجب أن تبدأ بالتنظيم قبل كل شيء تنظيم الوقت لنستطيع إنجاز كل شيء في وقته وإتمام كل ما عليك من واجبات والتزامات لان الإدارة الصحيحة للوقت هو أمر لا غنى عنه للدراسة عن بعد في معهد اكاديمي يحاول منح طلابه العصرنة والحداثة والتطور وهذا بغض النظر عن الازمة التي نعيشها اليوم والحجر الصحة ومنع الخروج من البيوت. بعد موضوع الالتزام، الذي لا علاقة تقريبا بالعمر او الجيل، لان الطالب الملتزم ممكن ان يكون في الصف الاول الابتدائي او طالب جامعة والعكس صحيح، يأتي موضوع رسم الهدف وتحديده لإنجاز المهمة وايجاد الطرق الابداعية للتعلم واجتياز الاختبارات والامتحانات. هنا اذكر بعض النصائح التي قدمتها لطلابي، وهي اختيار المكان الملائم للدراسة، في الغرفة او في المكتبة البيتية، وقد تكون معرضاً إلى الكثير من العوامل والظروف التي قد تجعلك تفقد تركيزك على الدراسة.
لكن لا يجب أن نتعامل مع هذه النقطة من هذا المنطلق.
لهذا السبب، من المهم التركيز على المناخ ملائم والمريح والصحي بنفس الوقت ويجب أن يكون الحيز مريحاً، هادئاً، بعيداً عن مصادر الضجيج وعن الاخوة والاصدقاء والتلفزيون وحتى الشباك المطل على الشارع لتفادي مصادر الازعاج. بلا شك فان هذه الفترة ستكون حقل تجارب لجميع الفئات المهنية والعمرية، وانني ارى ان توصيات لجنة التحقيق التي ستقام في اسرائيل لفحص الاستعدادات والتجهيزات لازمات من هذا القبيل، ستكون اعداد على الاقل ثلث المضامين التعليمية للتدريس عن بعد، فعندما يكون هذا جزء لا يتجزأ من سيرورة الطالب من الابتدائي وحتى الاكاديمي يكون التعليم عن بعد في مثل هذه الازمان امر طبيعي وصحي. امل ان تمر هذه الفترة ومجتمعنا والعالم اجمعين قد تخطى هذه الفترة وان نعود لحياتنا الطبيعية بأسرع وقت ممكن وباقل اضرار.
[email protected]