أبحاثا عديدة تشير إن قضاء 30 دقيقة وأكثر ثلاث مرات أسبوعياً في مشاهدة أفلام الكرتون تكفي لتبني السلوك العنيف لدى الطفل ، وتزداد الخطورة كلما زادت هذه الفترات ،وان تأثير أفلام الكرتون على تصرفات الاطفال ومشاهدتها لفترات طويلة يؤدي الى إدمان الأطفال عليها وإلى تأثرهم وتعلقهم بها ، الأمر الذي يتزايد معه حجم الخطر المحدق بهم نتيجة لذلك ، خاصة حينما تحتوي تلك الأفلام على مشاهد تتضمن سلوكاً عدوانياً ، ويزداد حجم تأثير هذا السلوك على الطفل كلما كان محتوى تلك الافلام عنيفاً ، خاصة إذا كان العنصر البشري مُجسداً فيها بشكل واضح ، سواءً كان البطل أو الضحية ، وكلما كان التجسيد أكثر وضوحاً ودقة ومُعزَّزاً بالصوت الطبيعي ، كلما كان السلوك العنيف المُكتسب أشد ، ومن الطبيعي أن يكون لشدة العنف المُجسَّد في اللعبة أثر بالغ في نفسية الطفل واندفاعه نحو العنف وقبوله به.
من هنا ينبغى أن يتابع الآباء والأمهات أبناءهم في المنزل ، على أن يُساهموا معهم في اختيار الألعاب ، وعدم تركهم لوحدهم يقررون ذلك ، كذلك ينبغى للوالدين الابتعاد عن العنف في مقابلة تصرفات أبنائهم السلبية ، ليبقى الحوار هو أفضل الحلول التي من شأنها أن تساعدهم في تربية أبنائهم الصغار.
وهنالك اهل اخبروني ان ابنهم ابن الاربعة اعوام يشاهد كثيرا فلام كرتونيه ، وأصبح ذو شخصية غريبة حينما يغضب ، ويسعى إلى تحقيق طلباته بالقوة ، يبدو كشخصية كرتونية في تصرفاته ، وبسبب شقاوته وعدوانيته جعلهم حبيسي المنزل .
خطورة الافلام الكرتونية بأنها جعلت الأطفال يتقمصون شخصياتها ، وأنها أثرت بشكل كبير على شخصياتهم بما تتضمنه من مشاهد ، سواء ذات البعد العدواني أو البعد النفسي السلوكي ، والأطفال يقلدون هذه الافلام مما بجعلهم أحيانا يجنحون إلى تكسير وتحطيم كل ما تقع عليه عينهم من ألعاب وأثاث داخل المنزل ، إلى جانب تعمُّد ضرب أقرأنهم وأشقائهم . هذه الافلام هي مصدر تغيير السلوك فالطفل يطبق حركات البطل في الافلام الكرتونيه ويصعب على الاهل تغيير سلوك الاطفال الى الافضل ولذا انصح الاهل بانتقاء محطات التلفاز وأحكام الرقابه عليها بحيث تقدم محتوى مناسبا للأطفال .
أن التعامل مع الأطفال يحتاج إلى صبر وسعة بال ، خاصة صغار السن منهم ، وبودي أن أشير إلى أن ضرب الأطفال في هذا السن أمر غير مجدٍ على الإطلاق ، والضرب ً من الممكن أن يزيد من عصبية الطفل وكرهه لوالديه , والأفضل أن يتم تدريب الأطفال على اكتساب السلوك الايجابي والتخلُّص من السلوك السلبي.
أن العدوانية لدى الأطفال تعد من المشكلات التي من الممكن أن تقض مضاجع الأسرة وتجعلها في حيرة كبيرة ، سواء من ناحية معرفة الأسباب أو من ناحية الآثار السلبية التي يسببها السلوك العدواني في المنزل والمدرسة ومع الأقارب والمعارف ، وتشير الابحاث العلميه ً إلى أنه يمكن للسلوك العنيف أن يحدد شكل حياة ومستقبل الطفل نفسياً واجتماعياً ودراسياً إن لم يتم معرفة أسبابه والتعامل معه بشكل سليم. أن وسائل التعامل مع السلوك العدواني لدى الطفل تتطلب أن نعلم أن كيفية تعاملنا مع هذه العدوانية هي الأهم في تحديد شكل المخرج المرجو، إلى جانب تقليل المضاعفات وتسهيل عملية التأهيل والعودة لحياة طبيعية مستقرة.
وكذلك تشير الابحاث العلميه إلى أن الخطأ الأكبر يكمن في مواجهة عنف الطفل بعنف مقابل من الأبوين أو المعلم أو غيرهم ممن يتعامل معه ، وأنه ما ينبغي معرفته هو أن وسائل الطفل عن التعبير حتى في الظروف الطبيعية مختلفة عما هي لدى البالغين ، والصورة تزداد تعقيداً عندما يصاب الطفل باضطراب نفسي ، سواء بشكل ظرفيّ أو مستمر ، وتشير الابحاث ً أن العدوانية لدى الطفل من الصعب وربما من المستحيل فصلها عن سبب أو ظرف أو جو نفسي مضطرب ، إمَّا بشكل أولي أو ثانوي.
ان الحرص على متابعة ألعاب الطفل والمشاركة في اختيارها وعدم تركه يقرر لوحده عندما يطلب لعبة معينة ، إلى جانب عدم مواجهة العنف بعنف والتعامل معه بهدوء وحكمة وتروي ، وكذلك أن يكون المربي هو المثل الأعلى ، إضافة إلى أهمية أن لا نكون متناقضين مع الطفل ، بحيث نطلب منه أن يكون لطيفاً بينما نتعامل معه ومع غيره بعنف ، إضافة إلى مكافأة السلوك غير العنيف لديه ، فبدلاً من عقابه على السلوك العنيف ، من الأفضل أن تتم مكافأته على السلوك المغاير ، على أن نكرر ونعزز المكافأة كلما تقدم في السلوك المرغوب منه. وهنالك ضرورة وحاجه للحديث بشكل مبسط وهادئ مع الطفل وإفهامه أننا نرغب بمساعدته وأننا لا نكرهه ، ولكننا نكره هذا السلوك الصادر منه ، إلى جانب الوضوح معه، وكذلك تفريغ طاقته عن طريق تنويع الأنشطة وتنويع أماكنها ما بين المنزل وفي الأماكن المريحة نفسياً ، على أن تتضمن أنشطة رياضية واجتماعية وغيرها.
د. صالح نجيدات - عيلبون
[email protected]