موقع الحمرا الثلاثاء 09/09/2025 22:16
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. حين يحلم عمر بالحصاد- بقلم: جواد بولس/

حين يحلم عمر بالحصاد- بقلم: جواد بولس

جواد بولس
نشر بـ 30/10/2014 11:48

كانت زيارتي هذه المرّة، إلى سجن "مجدو" قاسية ومزعجة. فلوهلة أخافتني فكرة أنني لم أعد ذاك الشاب الذي شاكس ظلّه إن أبدى هو علامات تعب، فكنت أنهره كي يبقى "يقظًا مثل حمار الوحش"، وخفيفًا كالسهم؛ فها هي العقود تمضي وأنا على عصاي ماض، من سجن إلى سجن، ومن مقارعة إلى مقارعة، لم أعرف فيها اليأس، تمامًا مثل ناي، كلّما صُبّ فيه وجع، يصير أعند وأعذب.

أبعدت عن ذهني ذاك الهاجس، فكيف يشيخ من يعيش على يقين بأن العمر ماض، ولن يبقى منه إلا قصص صغيرة "عم بتشردها الريح"، ويذرف في كل صباح دمعة ويصلي، من أجل من حرموا ويدعو: فلتعش يا حب! وإلى الجحيم أيّها الظالم الباغي!

أنتظر أطول من العادة، وأحث السجّان أن يستدعي من سيرافقني إلى الداخل. في البداية كنت هادئًا، وتحدثت معهم باحترام، إلى أن شعرت، بعد نصف ساعة من الانتظار، ببعض من الاهمال المتعمد أو الطائش، عندها استيقظ في داخلي ذاك المحارب، وفتحت نيران حنجرتي في وجه من كانوا في المقصورة وتلوت عليهم بعضًا من تراتيل العزة والصلابة، فأنا، هكذا صرخت، لست في بيوتكم: "ولا أجيئكم راغبًا، بل في كل مرّة، يغمرني قرف ويأكلني غضب، لكنني أجيء حرًّا لأزور أحرارًا، ولأعود من عندهم محمّلًا وجعًا وأحلامًا وقوة.

سمعت همهمةً، فزجاج المقصورة لا يتيح لي أن أرى ما يجري في الداخل بسهولة، بعد لحظات فتحوا لي الباب، خرج سجان وحاول أن يهدئني، معتذرًا ويشرح لي أسباب تأخرهم.

كانت مرافقتي سمراء حاولت، بكثير من المساحيق والدهون، أن تبيّض وجهها، فخسرت ملاحة السمر ولم تربح بياضًا زلالا. بدت ضعيفة، وكأنها كانت في إضراب طويل عن الطعام. انتعلت (بوطًا) عسكريًا ثقيلًا، فخفت، في كل خطوة خطتها، أن تقع على وجهها، أو إلى الخلف. أصابع يديها كانت طويلة بما لا يتناسب وتقاطيع جسمها، فتبيّنعندما مشيت بجانبها، أنها ألصقت بأظافرها قطعًا اصطناعية وطلتها بلون الخردل، مستجملةً، كما تفعل بعض النسوة.

أغاظتني حين أجابتني أنها في العشرين من عمرها، ولم أعرف إذا ازداد احترامها لي حين عرفت أنني أزور ذاك السجن منذ العام ١٩٨٨، أما أنا فلقد انتابني شعور حزين وطرف يأس مخادع، فالاحتلال الاسرائيلي رغم مرور السنين، ما زال يحافظ على شبابه، بينما تشيخ ضحاياه وتهرم.

"الظلم يفجّر دماغي، يملأني غضبًا وأخشى أن يصير هذا حقدًا بداخلي وعند أولادي". يفاجئني "عمر" بحزم وغضب، لم ألمحهما عنده من قبل، على الرغم من أنني أعرفه وأدافع عنه منذ سنوات طويلة.

أحضره سجان بدا بعمر حفيده، فأبو عاصف، بلغ عامه الثاني والستين ويقوم على عائلة من أربعة أولاد وبنتين وله عشرة أحفاد.
 جلس قبالتي، وضع كفّه على الزجاج الكثيف الفاصل بيننا، فوضعت كفي على كفه تحيّةً وشوقًا. كان شعره على قلته أشعثَ، يدلُّ على نار في صدره، وحمرة قانية تملّكت كل وجهه العريض، حاول أن يبتسم، فانفرجت شفتاه على جرح وبقايا فرح حبيس، لبس قميص السجن البني وبنطالًا بنفس اللون. مع أول جملة وصلتني منه في سماعة الهاتف، عرفت  أن عمر البرغوثي الذي أمامي غير الذي عرفته من قبل.

كان هادرًا كسيل، وحزينًا كحصان أصيل.
 -"هل تعرف ما يذبحني يا أستاذ"؟ قال بصوت صاف كدمعة، "لقد قرّرت، بعد الافراج الأخير عني، أن أعود إلى أرضي، فحرثتها ورعيتها وزرعتها، بكل ما تتصوّر، لم أنتظر موسم الحصاد، فحصدتها وكنت على ميعاد لدراسة الحصيد. في فجر ذلك اليوم جاؤوا واعتقلوني، لأربعة شهور إداريًا وقاموا بالأمس بتمديدها لاربعة جديدة".  توقف قليلًا، نظرت إلى وجهه العاصف فخفت أن أبكي، سألته هل سمع رسائل "ام عاصف" مذاعة على أثير محطتين، غلبه الشوق، تبسّم، وقال، بشبه وشوشة: سمعتها مرّة واحدة، وحرّك يده التي كانت ضخمة كيد فلاح، قلبها نصف قلبة، وهزّها بعذوبة تشبه الأمنية أو إشارة شوق لمن يحب. 

حاولت أن أخفف من غضبه، فهو مصمم على عدم حضور جلسات قضيّته، إذا كانت ستعقد في محكمة "عوفر" العسكرية، لأن السفر اليها هو رحلة عذاب لا تحتمل. سيّارة "البوسطة" غير ملائمة لإيواء آدميين، مقاعدها من حديد، والأسرى يربطون لساعات تصل أحيانًا لأربع وعشرين ساعة، لا يسمح لهم بالحركة ولا حتى للنزول إلى الحمام. زنازين سجن الرملة، فيها يتركون ليومين أو أكثر، هي أقرب للقبور من غرف سجن. ولذلك، مهما كلفه الأمر، لن يوافق على نقله بهذه الطريقة ومثله سيفعل ثلاثون أسيرًا إداريًا من سجن مجدو.

في الساحة، وأنا في طريقي إلى خارج السجن، تسألني تلك الصبيّة عن "جرم عمر"، فأقول لها: إنّه يحب تراب بلاده وأرضه، ويحب كذلك عائلته وشعبه. أنظر إليها وأخشى أن لا تفهم علي، فقد لاحظت زرقة علت وجهها، أظن، لولا خليط المساحيق تحتها لكانت حمرة واضحة، ولكنني أضفت: إنه يخشى أن يتحول غضبه عليكم حقدًا لأنه يصر أن يبقى إنسانًا، ويتمنى أن ينام ويفتح عينيه ولا يرى سجونكم ولا جنود احتلالكمالذي سجنه بما مجموعه أكثر من خمسة وعشرين عامًا،  قضى العشرة الأخيرة منها بدون تهمة أو محاكمة، بل معتقلاً إداريًا. 

لا أعرف إن تأثرت بما قلت، فقد كانت تداعب شعرها وملامحها لم تشِ بأي موقف إلى أن صدمتني ونحن عند الباب الخارجي، حين قالت: "أنت بالطبع سعيد لأنك محام، أنا أحسدك على مهنتك وأتمنى أن أصير محامية". 

كنت أفكر في تلك اللحظة بصدر عمر العاري حين فك أزرار قميصه ليريني أنهم بلا أغطية شتوية، وبلا ملابس داخلية، وبلا زيارات للأهل، وبلا طعام مناسب، فبلعت ريقي وصرخت:
 "ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبه/ أني بما أنا شاكٍ منه محسود"
 التفتّ كي أعرّفها بجدّي، أبي الطيب، وجد عمر، فوجدت الباب موصدًا، وهي كأنها لم تكن. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


تطورات خطيرة تنتظر ردّاً فلسطينياً بمستواها بقلم: هاني المصري

تطورات خطيرة تنتظر ردّاً فلسطينياً بمستواها بقلم: هاني المصري

الثلاثاء 02/09/2025 15:20

أعلنت الإدارة الأميركية رفض منح تأشيرات دخول للرئيس محمود عبّاس والوفد المرافق له لحضور الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، عقاباً على سلسلة...

إخوة وأكثر  إلى إخوتنا الدروز في فلسطين والجولان… أنتم الهوية والقصيدة  بقلم: رانية مرجية

إخوة وأكثر إلى إخوتنا الدروز في فلسطين والجولان… أنتم الهوية والقصيدة بقلم: رانية مرجية

الأثنين 01/09/2025 20:38

يا دروزَ الجبل، يا قممًا تعانقُ السماء،

على خطى سير أعلام النبلاء-(1) إعداد: الشيخ أمير نفار

على خطى سير أعلام النبلاء-(1) إعداد: الشيخ أمير نفار

الخميس 28/08/2025 21:19

"وكان من أجلاد الرجال وألباء القضاة، ذا ذكاء وفطنة، وعزيمة ماضية، وبلاغة وهيبة".... "وكانت عالمة فقيهة حجة،  كثيرة العلم"،  أوصاف تواترت في كتب السابق...

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

من الصمت إلى الصوت: إصلاح التعبير الشفوي في التعليم الابتدائي د. أحمد كامل ناصر

الأربعاء 27/08/2025 17:45

يُقال إنّ الكلمة هي الجسر الأول الذي يعبره الإنسان نحو العالم. ومن دونها، يبقى العقل أسيرًا لصمته الداخلي، يختزن الأفكار والمشاعر دون أن يجد لها منفذً...

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

الأثنين 25/08/2025 20:43

كلنا نعيش على شاطئ واحد، نتشارك نفس الرمل ونواجه ذات البحر، لكن كل واحد منا يبني مركبه في زاوية منعزلة، يظن أن الريح ستدفعه وحده نحو برّ النجاة.

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

وحيد في أفكاره- زياد شليوط

الأحد 24/08/2025 21:12

لم يعِ وحيد نفسه، كيف فزّ من سريره مهرولا نحو مكان الاختباء، الذي صممه لنفسه بحيث لا يتسع لغيره، ولماذا يتسع لآخرين طالما أنه يعيش لوحده في البيت.

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

حين تتسع البيوت وتضيق القلوب بقلم: غزال أبو ريا

الأربعاء 13/08/2025 21:13

تناقضات الحاضر في عصرنا الحديث، رغم اتساع المساحات المادية من حولنا، تشهد حياتنا تناقضات داخلية عميقة

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟ بقلم: هاني المصري

الخميس 07/08/2025 20:00

بعدما بدت الصفقة الجزئية بشأن غزّة في متناول اليد، وتضاءلت فجوات الخلاف حول خرائط الانسحاب ومفاتيح الأسرى والمساعدات الإنسانية والضمانات، فجّر المبعوث...

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي ... بقلم: غزال أبو ريا

الأحد 03/08/2025 21:35

في عالم كرة القدم، لا تكفي المهارات الفردية لتحقيق الفوز؛ فالفريق بحاجة إلى لغة موحدة، يفهمها الجميع دون كلمات، وتُترجم إلى حركات، إشارات، ومواقف جماع...

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

محاولات المصالحة الوطنية: مراجعة نقدية في عمق الانقسام الفلسطيني بقلم : هاني المصري

الثلاثاء 29/07/2025 21:25

منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 حزيران/يونيو 2007 حين نفذت انقلابا، فيما سُمي منها بـ"الحسم العسكري"، دخلت الساحة الفلسطينية في حالة انقسام سيا...

الأكثر قراءة

ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفوج ال 70

الأثنين 25/08/2025 22:13

ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفو...
د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحوامل ومرضى الأمراض المزمنة هم  الفئات الأكثر عرضه لخطر موجات الحر

الأحد 10/08/2025 14:54

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحو...
انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة الابتدائية على اسم الشاعر سميح القاسم في الرامة

الخميس 21/08/2025 19:54

انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة...
هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة؟ د. أحمد كامل ناصر

الأثنين 25/08/2025 20:43

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة...
مصرع الشاب كاظم خليلية في حادث طرق على شارع 6 قرب باقة الغربية

الأثنين 25/08/2025 15:51

مصرع الشاب كاظم خليلية في حادث طرق على ش...

كلمات مفتاحية

الكرش موضة 2015 المنسق عملية السلام الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف غزة الابراج حظك اليوم الاثنين اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه النقب اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه طعن اصابه القدس اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه ايوب القرا اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه غرق عمره عالقين معتمرين رويس دورتموند المانيا مباراه اصابه عرابة الاخوة كرة قدم بيني بيغن استقالة
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development