موقع الحمرا الأربعاء 23/07/2025 20:41
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. حين يحلم عمر بالحصاد- بقلم: جواد بولس/

حين يحلم عمر بالحصاد- بقلم: جواد بولس

جواد بولس
نشر بـ 30/10/2014 11:48

كانت زيارتي هذه المرّة، إلى سجن "مجدو" قاسية ومزعجة. فلوهلة أخافتني فكرة أنني لم أعد ذاك الشاب الذي شاكس ظلّه إن أبدى هو علامات تعب، فكنت أنهره كي يبقى "يقظًا مثل حمار الوحش"، وخفيفًا كالسهم؛ فها هي العقود تمضي وأنا على عصاي ماض، من سجن إلى سجن، ومن مقارعة إلى مقارعة، لم أعرف فيها اليأس، تمامًا مثل ناي، كلّما صُبّ فيه وجع، يصير أعند وأعذب.

أبعدت عن ذهني ذاك الهاجس، فكيف يشيخ من يعيش على يقين بأن العمر ماض، ولن يبقى منه إلا قصص صغيرة "عم بتشردها الريح"، ويذرف في كل صباح دمعة ويصلي، من أجل من حرموا ويدعو: فلتعش يا حب! وإلى الجحيم أيّها الظالم الباغي!

أنتظر أطول من العادة، وأحث السجّان أن يستدعي من سيرافقني إلى الداخل. في البداية كنت هادئًا، وتحدثت معهم باحترام، إلى أن شعرت، بعد نصف ساعة من الانتظار، ببعض من الاهمال المتعمد أو الطائش، عندها استيقظ في داخلي ذاك المحارب، وفتحت نيران حنجرتي في وجه من كانوا في المقصورة وتلوت عليهم بعضًا من تراتيل العزة والصلابة، فأنا، هكذا صرخت، لست في بيوتكم: "ولا أجيئكم راغبًا، بل في كل مرّة، يغمرني قرف ويأكلني غضب، لكنني أجيء حرًّا لأزور أحرارًا، ولأعود من عندهم محمّلًا وجعًا وأحلامًا وقوة.

سمعت همهمةً، فزجاج المقصورة لا يتيح لي أن أرى ما يجري في الداخل بسهولة، بعد لحظات فتحوا لي الباب، خرج سجان وحاول أن يهدئني، معتذرًا ويشرح لي أسباب تأخرهم.

كانت مرافقتي سمراء حاولت، بكثير من المساحيق والدهون، أن تبيّض وجهها، فخسرت ملاحة السمر ولم تربح بياضًا زلالا. بدت ضعيفة، وكأنها كانت في إضراب طويل عن الطعام. انتعلت (بوطًا) عسكريًا ثقيلًا، فخفت، في كل خطوة خطتها، أن تقع على وجهها، أو إلى الخلف. أصابع يديها كانت طويلة بما لا يتناسب وتقاطيع جسمها، فتبيّنعندما مشيت بجانبها، أنها ألصقت بأظافرها قطعًا اصطناعية وطلتها بلون الخردل، مستجملةً، كما تفعل بعض النسوة.

أغاظتني حين أجابتني أنها في العشرين من عمرها، ولم أعرف إذا ازداد احترامها لي حين عرفت أنني أزور ذاك السجن منذ العام ١٩٨٨، أما أنا فلقد انتابني شعور حزين وطرف يأس مخادع، فالاحتلال الاسرائيلي رغم مرور السنين، ما زال يحافظ على شبابه، بينما تشيخ ضحاياه وتهرم.

"الظلم يفجّر دماغي، يملأني غضبًا وأخشى أن يصير هذا حقدًا بداخلي وعند أولادي". يفاجئني "عمر" بحزم وغضب، لم ألمحهما عنده من قبل، على الرغم من أنني أعرفه وأدافع عنه منذ سنوات طويلة.

أحضره سجان بدا بعمر حفيده، فأبو عاصف، بلغ عامه الثاني والستين ويقوم على عائلة من أربعة أولاد وبنتين وله عشرة أحفاد.
 جلس قبالتي، وضع كفّه على الزجاج الكثيف الفاصل بيننا، فوضعت كفي على كفه تحيّةً وشوقًا. كان شعره على قلته أشعثَ، يدلُّ على نار في صدره، وحمرة قانية تملّكت كل وجهه العريض، حاول أن يبتسم، فانفرجت شفتاه على جرح وبقايا فرح حبيس، لبس قميص السجن البني وبنطالًا بنفس اللون. مع أول جملة وصلتني منه في سماعة الهاتف، عرفت  أن عمر البرغوثي الذي أمامي غير الذي عرفته من قبل.

كان هادرًا كسيل، وحزينًا كحصان أصيل.
 -"هل تعرف ما يذبحني يا أستاذ"؟ قال بصوت صاف كدمعة، "لقد قرّرت، بعد الافراج الأخير عني، أن أعود إلى أرضي، فحرثتها ورعيتها وزرعتها، بكل ما تتصوّر، لم أنتظر موسم الحصاد، فحصدتها وكنت على ميعاد لدراسة الحصيد. في فجر ذلك اليوم جاؤوا واعتقلوني، لأربعة شهور إداريًا وقاموا بالأمس بتمديدها لاربعة جديدة".  توقف قليلًا، نظرت إلى وجهه العاصف فخفت أن أبكي، سألته هل سمع رسائل "ام عاصف" مذاعة على أثير محطتين، غلبه الشوق، تبسّم، وقال، بشبه وشوشة: سمعتها مرّة واحدة، وحرّك يده التي كانت ضخمة كيد فلاح، قلبها نصف قلبة، وهزّها بعذوبة تشبه الأمنية أو إشارة شوق لمن يحب. 

حاولت أن أخفف من غضبه، فهو مصمم على عدم حضور جلسات قضيّته، إذا كانت ستعقد في محكمة "عوفر" العسكرية، لأن السفر اليها هو رحلة عذاب لا تحتمل. سيّارة "البوسطة" غير ملائمة لإيواء آدميين، مقاعدها من حديد، والأسرى يربطون لساعات تصل أحيانًا لأربع وعشرين ساعة، لا يسمح لهم بالحركة ولا حتى للنزول إلى الحمام. زنازين سجن الرملة، فيها يتركون ليومين أو أكثر، هي أقرب للقبور من غرف سجن. ولذلك، مهما كلفه الأمر، لن يوافق على نقله بهذه الطريقة ومثله سيفعل ثلاثون أسيرًا إداريًا من سجن مجدو.

في الساحة، وأنا في طريقي إلى خارج السجن، تسألني تلك الصبيّة عن "جرم عمر"، فأقول لها: إنّه يحب تراب بلاده وأرضه، ويحب كذلك عائلته وشعبه. أنظر إليها وأخشى أن لا تفهم علي، فقد لاحظت زرقة علت وجهها، أظن، لولا خليط المساحيق تحتها لكانت حمرة واضحة، ولكنني أضفت: إنه يخشى أن يتحول غضبه عليكم حقدًا لأنه يصر أن يبقى إنسانًا، ويتمنى أن ينام ويفتح عينيه ولا يرى سجونكم ولا جنود احتلالكمالذي سجنه بما مجموعه أكثر من خمسة وعشرين عامًا،  قضى العشرة الأخيرة منها بدون تهمة أو محاكمة، بل معتقلاً إداريًا. 

لا أعرف إن تأثرت بما قلت، فقد كانت تداعب شعرها وملامحها لم تشِ بأي موقف إلى أن صدمتني ونحن عند الباب الخارجي، حين قالت: "أنت بالطبع سعيد لأنك محام، أنا أحسدك على مهنتك وأتمنى أن أصير محامية". 

كنت أفكر في تلك اللحظة بصدر عمر العاري حين فك أزرار قميصه ليريني أنهم بلا أغطية شتوية، وبلا ملابس داخلية، وبلا زيارات للأهل، وبلا طعام مناسب، فبلعت ريقي وصرخت:
 "ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبه/ أني بما أنا شاكٍ منه محسود"
 التفتّ كي أعرّفها بجدّي، أبي الطيب، وجد عمر، فوجدت الباب موصدًا، وهي كأنها لم تكن. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


تحضير ناجع للفريق = انطلاقة ناجحة  بقلم: غزال أبو ريا

تحضير ناجع للفريق = انطلاقة ناجحة بقلم: غزال أبو ريا

الثلاثاء 22/07/2025 20:50

مع انطلاق التحضيرات للدوري، نؤكد على أهمية الإعداد المهني والجماعي للفريق الرياضي، لأن التحضير السليم هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الإنجازات.

الوطن العربي في مرآة اللهيب: بين التفكك الداخلي والمواجهات المصيرية بقلم: رانية مرجية

الوطن العربي في مرآة اللهيب: بين التفكك الداخلي والمواجهات المصيرية بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:32

في المشهد العربي الراهن، تتشابك خطوط النار والسياسة، وتتداخل خرائط الأزمات من المحيط إلى الخليج، حيث لم يعد من الممكن عزل حدثٍ عن سياقه الإقليمي أو عن...

بين سماءٍ وأرض بقلم: رانية مرجية

بين سماءٍ وأرض بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:24

بينَ سماءٍ وأرضٍ...

الله يعرفني… وأنا أعرفه… وهذا يكفي بقلم: رانية مرجية

الله يعرفني… وأنا أعرفه… وهذا يكفي بقلم: رانية مرجية

الخميس 17/07/2025 19:16

في زحمةِ الأصوات التي تدّعي امتلاك الحقيقة، وفي عالمٍ تتناهشهُ الطوائف، وتتوزعهُ الشعارات، ويُجزّأ فيه الإله على مقاسات البشر، أقفُ صامتة… مطمئنة… وأق...

الفكر التكفيري المغموس بالسموم والمخدرات.

الفكر التكفيري المغموس بالسموم والمخدرات.

الخميس 17/07/2025 19:07

هذه الحالة الشاذة لاستمرار تواجد إرهابيين داعشيين، تكفيريين متطرفين دينيا، أسوء من النازيين الألمان بكل المقاييس الإنسانية في السويداء، تدفع بكل ذي نخ...

إيران وأميركا... حرب مفتوحة أم تفاوض تحت النار؟ بقلم: هاني المصري

إيران وأميركا... حرب مفتوحة أم تفاوض تحت النار؟ بقلم: هاني المصري

الخميس 26/06/2025 20:04

قبل انقضاء المهلة التي حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب (أسبوعين) لاتخاذ قرار بشأن مهاجمة إيران، نفّذت طائرات وغوّاصات أميركية، فجر الأحد الماضي، ض...

نحن مسيحيون ولسنا نصارى - بقلم: رانية مرجية

نحن مسيحيون ولسنا نصارى - بقلم: رانية مرجية

الخميس 26/06/2025 14:36

في زمنٍ تختلط فيه الألسنة وتتآكل فيه المعاني، تصبح الكلمة ليست فقط وسيلة تعبير، بل حقًّا في التسمية، وواجبًا في التصحيح، وصرخةَ هوية لا يجوز خفض نبرته...

حرب الـ12 يومًا: تصعيدٌ ناريّ أم إعادة تشكيل للواقع الإقليمي؟ بقلم: مرعي حيادري

حرب الـ12 يومًا: تصعيدٌ ناريّ أم إعادة تشكيل للواقع الإقليمي؟ بقلم: مرعي حيادري

الأربعاء 25/06/2025 19:55

لم يكن اندلاع الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران مفاجئًا للمراقبين، بل كانت تتصاعد مؤشراتها شيئًا فشيئًا منذ سنوا...

الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معركة البقاء بقلم: رانية مرجية

الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معركة البقاء بقلم: رانية مرجية

السبت 21/06/2025 22:11

الرملة، اللد، ويافا… ليست مجرد مدن، بل هي جراح مفتوحة في جسد الوطن الفلسطيني، شواهد على النكبة التي لم تنتهِ، وعلى الصمود الذي لم ينكسر.

إسرائيل دون أميركا: وهم القوة وحدود الانتصار.. ودعوة لعودة العقلاء.. بقلم: مرعي حيادري

إسرائيل دون أميركا: وهم القوة وحدود الانتصار.. ودعوة لعودة العقلاء.. بقلم: مرعي حيادري

السبت 21/06/2025 21:42

في ظل ما تشهده منطقتنا من تصعيد متواصل بين إسرائيل وإيران، تتقاذف النيران سماء الشرق، وتُقرع طبول حرب يبدو أن لا أحد يربح فيها سوى الخسائر.

الأكثر قراءة

ترامب: لست راضيا عن إسرائيل ولا عن إيران

الثلاثاء 24/06/2025 14:38

ترامب: لست راضيا عن إسرائيل ولا عن إيران
مظاهرة غضب وصرخة حق نصرةً لمسيحيي سوريا

الأحد 29/06/2025 22:32

مظاهرة غضب وصرخة حق نصرةً لمسيحيي سوريا
نتنياهو لترامب: معاً سنجعل الشرق الأوسط عظيماً مرة أخرى

الأحد 29/06/2025 19:50

نتنياهو لترامب: معاً سنجعل الشرق الأوسط...
كعكة البسكويت مع كريمة الماسكاربوني وجناش الشوكولاتة البيضاء

الخميس 03/07/2025 23:52

كعكة البسكويت مع كريمة الماسكاربوني وجنا...
حزب الله: لا تطلبوا منّا ترك السلاح ولن نقبل بالتطبيع

الأحد 06/07/2025 19:35

حزب الله: لا تطلبوا منّا ترك السلاح ولن...

كلمات مفتاحية

اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه فلسطين اخبار فلسطين لجنة المتابعه مهرجان مسيرة يا واد يا تقيل طوني خليفة برديس كليب بورنو عرابة مدارس فعاليات عرابه عبلين مباراة تهنئة دكتوراة رامز عيد مريحوانا مصر اسرائيل يوتيوب أغنية موطني إليسا مصطفى يوسف اللداوي مقالات خواطر مانشستر يونايتد سيتي انجليزي
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development