قصة وسام الشجاعة تأليف الكاتب سليم نفاع ، من مدينة شفاعمرو ، رسوم الفنانة العراقية هيفاء عبد الحسين ، اصدار أ . دار الهدى بإدارة عبد زحالقة ، 2019 ، القصة من الحجم الكبير ، غلاف سميك مقوى . تقع في 26 صفحة من الحجم الكبير .
تتحدث القصة عن عائلة من القنافذ ، حيوانات من الثديات الصغيرة ، تحيط بأجسامها الأشواك من كل ناحية ، لتدافع عن نفسها وتحميها من سطوة الأعداء ، كانت تعيش في غابة بعيدة مترامية الاطراف . الى جانب القنافذ تعيش في الغابة مجموعة من القطط والقردة والثعالب والكلاب وسائر الحيوانات، في أحد الأيام دعا الثعلب حيوانات الغابة اقترح أن يتم انتخابه رئيسا للغابة ، ووعد بانشاء حديقة عامة وبناء مدرسة لتعليم القراءة والكتابة ، ومستوصف طبي حديث ، وغيرها من المشاريع النافعة للحيوانات ، لكن القطط اشترطت عدم دخول القنافذ للحديقة العامة لأن شكلها مخيف ومرعب ، واشترطت الكلاب لدعم الثعلب عدم السماح للقنافذ بدخول المدرسة للتعلم ، لأنها تخاف أن تسبب الأذى بأشواكها لحادة لأبنائها الصغار ، وتعالت أصوات القردة التي أصرت على عدم دخول القنافذ الى المستوصف لأنها تلهو بين التراب والقش والأوساخ ، وافق الثعلب عل جميع شروط الحيوانات وفعلا تم تنصيبه رئيسا للغابة ، وأقام المشاريع التي وعد بها ضمن حملته الانتخابية ، وقام بإقصاء القنافذ من جميع المرافق الحيوية في الغابة ، فلم تطأ اقدامها الحديقة العامة والمدرسة والمستوصف .
في أحد الأيام تسلل الى الغابة حيوان مخيف ، عاث فسادا في الغابة ، لم تجسر سائر الحيوانات على اعتراض طريقه ، حتى الثعلب رئيس الغابة لم يسلم من انيابه ، أعمل الفساد والخراب في المدرسة والحديقة العامة والمستوصف ، شاهدت القنافذ الخراب الذي حل في غابتها ، لم يرق لها هذا المنظر الحزين ، فقررت ان تصدى بنفسها لهذا الحيوان الشرس ، قامت بثني أجسادها ليتحول شكلها الى كرات من الأشواك الصلبة الجارحة ، هاجمت الحيوان المفترس ، دخلت بين أرجله الصلبة والضخمة ، غرزت أشواكها الحادة في بطنه وظهره ورأسه ، حتى أنهكته تماما ، هرب الحيوان المفترس بجر خلفه أثواب الهزيمة المرة ، واختفى من الغابة . فرحت الحيوانات كثيرا لطرد الحيوان المفترس ، وقررت أن تعتذر جميعا للقنافذ على تصرفها السلبي معها ، قبلتها باحترام ومساواة ، وفي احتفال مهيب تقرر تقليد القنافذ وسام الشجاعة والبطولة .
رسالة الكاتب :
يعالج الكاتب سليم نفاع من خلال قصته وسام الشجاعة ، موضوع تقبل الاخر والمختلف ، على لسان الحيوانات كي تكون الرسالة أبلغ وأقرب الى قلب الطفل ، حيوانات الغابة اختارت الثعلب المراوغ رئيسا للغابة ، أدرك الثعلب أن ثمن الوصول الى كرسي الزعامة ، منوط بتنفيذ برامج حيوية ، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد ، بل أن الكثير من الحيوانات اشترط اقصاء القنافذ وعدم دخولها الى المرافق الحيوية في الغابة ، وسط صمت الغالبية الساحقة من أهل الغابة ، وفعلا تم اقصاء وابعاد القنافذ ، ونعم أهل الغابة بالمستوصف والمدرسة والحديقة العامة ، ولم تلتفت حيوانات الغابة الى معاناة القنافذ وحرمانهم من أبسط حقوقهم الطبيعية. الى ان جاء الى الغابة حيوان مفترس غريب ، لم يحترم حرمة الأماكن العامة عاث بها فسادا وأرعب الحيوانات وحتى الثعلب لم يسلم منه ومن أنيابه. وعجزت سائر الحيوانات من التصدي له ، لكن القنافذ رغم ما حل بها من عقاب وحرمان واقصاء ومواقف سلبية من قبل الحيوانات ، لم تقبل بخراب الغابة ولم تشمت ، ودون أن يطلب منها أحدا المنجدة ، قررت التصدي بأجسادها القوية والصلبة وبأشواكها التي خافت منها الحيوانات ، لهذا الحيوان المفترس ، طردته من الغابة الى غير رجعة ، حيوانات الغابة بدورها أدركت الظلم الذي لحق بالقنافذ ، اعتذرت لها ، وقلدها أرفع وسام وهو وسام الشجاعة واعادتها الى الصف كشريك حقيقي في الغابة ، تنعم بمرافق الغابة دون تمييز .
القصة واقعية ، تذكرنا بما جرى في مدينة العفولة ، حيث تم انتخاب رئيس للبلدية وضمن دعايته الانتخابية وعد بمنع العرب من العيش في مدينة العفولة ذات الاغلبية اليهودية ، وتم سن قانون مساعد في البلدية يمنع المواطن العربي من دخول الحديقة العامة النابعة للبلدية ! طبعا المواطن العربي لم يقف مكتوف الايدي في ظل هذا التصرف العنصري ، قاموا بالتصدي لهذا التصرف على الجبهة القضائية في المحاكم ، أيضا تم فرض مقاطعة تجارية كبيرة حيث لم يدخل العرب للمتاجر والمرافق الاقتصادية في مدينة العفولة مما سبب خسائر اقتصادية كبيرة لمدينة العفولة واقتصادها اضافة بسمعتها وسمعة سكانها. لكن القنافذ في قصة سليم نفاع ، لم تقم باي خطوة احتجاجية ، لم ترسل رسالة لم تعاتب الحيوانات ، انطوت على نفسها ، لكن في الليلة الظلماء تصدت لمخطط الحيوان المفترس الذي اراد الشر بالغابة وأهلها .
الكاتب سليم نفاع ، بريد منا أفراد المجتمع أن نتقبل المختلف عنا ، وندعوه ليندمج بالمجتمع ، لكل منا مواطن القوة والضعف ، وكلنا يكمل الاخر ، هنالك متسع للجميع في هذه الحياة ، لقصة تدعو لنبذ العنصرية المقيتة ، لأنها نار تلتهب الجميع اجلا أم عاجلا .
ملاحظة :
- الكاتب لم يشر بذكاء الى اسم الحيوان المفترس الذي يجتاح الغابة ، لترك الأمر لخيال الطفل والقارئ ، لكن الرسامة هيفاء عبد الحسين ، رسمت لنا رسمة نمر يشكل واضح، حبذا لو تم رسم حيوان خرافي لكان أفضل تماشيا مع روح القصة .
- القنافذ لم تقاوم ولم تعترض على الخطوات العنصرية بحقها ، حبذا لو حاولت تغيير الواقع المرير بكلمة لوم أو اعتراض وتذمر.
خلاصة : قصة وسام الشجاعة للكاتب سليم نفاع ، تعالج موضوع هام يهم كل طفل وبالغ وهو تقبل الاخر ودمجه في المجتمع ، والبعد عن التكبر والعنصرية ، القصة كتبت بأسلوب جذاب وعلى لسان الحيوان ، مما يقربها من عقل الطفل ويسهل عليه فهم مغزاها .
[email protected]