أحيت شفاعمرو يوم الأحد الماضي، الذكرى السنوية الرابعة عشرة لشهدائها الأربعة: ميشيل بحوث، نادر حايك، هزار ودينا تركي بوقفة جماهيرية عند دوار الشهداء، تخللها وضع أكاليل الزهور والقاء ثلاث كلمات مقتضبة باسم اللجنة الشعبية، بلدية شفاعمرو وأهالي الشهداء، الذين كانوا ضحية المجزرة الإرهابية – العنصرية التي نفذها الصهيوني المتطرف نتن زادة، في الخامس من آب عام 2005، في حافلة عمومية للركاب داخل مدينة شفاعمرو.
يتضح لمن يتابع أسلوب احياء ذكرى شهداء شفاعمرو، مدى التراجع الجماهيري والشعبي من حيث المشاركة، وتراجع الزخم الذي رافق احياء الذكرى في السنوات الأولى. حيث كانت تنطلق مسيرة جماهيرية بمشاركة واسعة، وحضور أعضاء لجنة المتابعة العليا وقادة الأحزاب والحركات العربية. أما في السنوات الأخيرة فتقتصر الفعالية على وقفة عند النصب التذكاري للشهداء، ومما يزيد من الألم والحسرة عدم احترام ذكرى الشهداء، الذين فدوا بأرواحهم أهالي شفاعمرو، من قبل بعض الأهالي الذين يمرون بسياراتهم من جانب الدوار، وبعضهم لا يخجل من اطلاق الصافرات أو إبقاء مكبر الصوت في سيارته مرتفعا بالأغاني، دون أي احترام أو اعتبار لشعور أهالي الشهداء والناس المجتمعين معهم.
وربما تكون شقيقة الشهيدتين دينا وهزار، نسرين تركي محقة، فيما ذهبت اليه في كلمتها أمام الجمهور الباقي على العهد حين قالت: " في السنين الأولى بعد المجزرة، كان الزخم الخاص بالحدث كبيراً جداً، كان الناس جميعهم موحدون كان يأتي كثير من الناس للوقوف هنا، أما اليوم فنحن نرى الاعداد قليلة وهذا الشيء مؤلم كثيراً. وفي السنين القادمة اذا لم يكن هنالك تقدير أكبر لإحياء الذكرى، سنحييها في ساحة بيتنا على فنجان قهوة، ذكرى لهزار ودينا وميشيل ونادر. بهذا الشكل الهزيل وبهذه الطريقة لن نواصل احياءها".
ان نسرين محقة في كلمتها، وتكلمت بصراحة غير معهودة. هناك تقصير حاصل في احياء ذكرى شهداء شفاعمرو، وأول المقصرين هي بلدية شفاعمرو، والبلدية لا تعني الرئيس فقط، البلدية باداراتها المتعاقبة قصرت، رغم أنه يسجل لصالح الإدارة السابقة اصدار الكتاب التوثيقي عن المجزرة في العام الماضي، والذي لم يوزع بالشكل الواسع للأسف. فهناك مطالب واضحة من قبل عائلات الشهداء منذ سنوات لم يتم تنفيذها، وهي لا تحتاج الى مجهود كبير أو ميزانيات. المطلب الأول نصب لوحة تذكارية بأسماء الشهداء وتاريخ وقوع المجزرة في المكان الذي حصلت فيه، في حي مرشان لتذكير الأجيال ولتوثيق الحدث تاريخيا كما تفعل كل الشعوب. والثاني اطلاق أسماء الشهداء على شوارع في شفاعمرو، يمكن أن تكون قريبة من بيوت الشهداء.
الطرف الثاني المقصر هي اللجنة الشعبية. صحيح أن اللجنة الشعبية قامت بجهود كبيرة في السنوات الأولى، وخاصة في قضية دعم المعتقلين على خلفية اتهامهم بقتل المجرم نتن زادة، وتنظيم حملات مالية وأمسيات ومرافقة المعتقلين في جلسات المحاكم. لكن اللجنة تآكل دورها في السنوات الأخيرة ولم تعد تجتمع بشكل دوري، بل أن اجتماعها السنوي تحضيرا لذكرى المجزرة، لا يتم الا في الأيام الأخيرة ليوم الذكرى، فيكون التحضير ارتجاليا ولا يعرف البرنامج حتى اللحظة الأخيرة، وكل ذلك يتم دون التنسيق مع عائلات الشهداء، الذين يتم اعلامهم ودعوتهم للمشاركة فقط. وهذا العام غابت أو غيبت لجنة المتابعة عن الحدث، فلم يحضر أي عضو كنيست عربي كما جرت العادة، باستثناء هبة يزبك، حتى أن رئيس المتابعة ابن شفاعمرو محمد بركة لم يحضر الوقفة.
ان التراجع الحاصل في التجاوب الجماهيري مع أسلوب احياء ذكرى شهداء شفاعمرو، يضيء أمامنا الضوء الأحمر وعلينا العمل على عدم اخماد الذكرى نهائيا واقتصارها على فنجان قهوة كما ذكرت نسرين تركي، يستوجب من اللجنة الشعبية الاستيقاظ، والدعوة لاجتماع موسع حالا بمشاركة عائلات الشهداء وكتل البلدية والأحزاب السياسية والمؤسسات والجمعيات المحلية وعموم الناس، وفي الاجتماع الموسع يتم اختيار لجنة شعبية جديدة موسعة. أما اذا استمرت اللجنة في سباتها وفي تركيبتها الحالية، فان ذلك يحتم قيام مبادرة جديدة بهدف دراسة كيفية احياء ذكرى الشهداء في العام القادم، وهذا الأمر نعالجه بعد منح اللجنة الشعبية فسحة زمنية لمعالجة الأمر من جانبها.
[email protected]