يعد الصراع، سواء كان شخصياً، أو مجتمعياً أو دولياً، حالة تنافسٍ بين طرفين أو أكثر على أمر ما، أو قضية ما، أو مورد ما، قد يوصل المتصارعين إلى وضعيّة استخدام العنف أو الحرب.
إنّ العلاقات بين الناس أو الدول ضمن منظومة العلاقات الدولية، مبنيّة على قاعدتين أساسيتين لا ثالث لهما تحدّدان طبيعة هذه العلاقة وصيرورتها، قاعدة تقاطع المصالح، أي مبدأ المصالح المشتركة بين طرفين متصارعين أو أكثر مما يدفع نحو التفاهم والشراكة والأمن والسلام، وأخرى قاعدة تضارب المصالح، وتمترس كل طرف خلف مصالحه مما يدفع نحو المواجهة والحرب . وجرت الصراعات العالمية الدموية بناء على قاعدة تضارب المصالح على اختلاف أنواعها، إلاّ بعض الحروب التي كانت دوافعها تافهة كما وصفها بعض المؤرخين.
وتمر الصراعات عادة حتى وصولها إلى الذروة بمراحل معيّنة تتطور مع فشل محاولات الوساطة والتهدئة، وممارسة الضغوط على اختلافها، فالصراع يمر بدايةً بمرحلة التوتّر في العلاقات بين الأطراف المعنيّة قد توصل إلى درجة قطع العلاقات الدبلوماسية على مستوى الدول، ثم تتعداه في حال فشل مساعي الوساطة والحل إلى مرحلة الأزمة، فتفرض العقوبات وتتم التعبئة العامة وتوظيف الموارد والإعلام للمواجهة، غير أنّ الأمور في هذه المرحلة لا تزال قابلة للحل والتسوية، أما في حال فشلت المساعي فتغدو الحرب مؤكدة.
تعود أسباب الصراعات في جلّها الى مجموعة من القضايا تتلخّص فيما يلي:
1.الثروة والموارد: كالصراع على الطاقة ومنابعها كالبترول والغاز، والمياه، ومصادر الغذاء، والثروات المعدنية.
2.الصراع على السلطة: وهو صراع على المشاركة السياسية، ومراكز صنع القرار السياسي والتأثير على إدارة العملية السياسية.
3.الاختلافات العرقية: وتحصل للتوتر بين الأقليات العرقية والإثنية والأغلبية من ناحية داخل المجتمع الواحد او بين دول الجوار للاختلافات الاجتماعية والثقافية بين هذه المكونات.
4.الوضع السياسي والإقتصادي: وهذا ناتج في العادة لشعور المواطنين بعدم المساواة والتمييز الاجتماعي والاقتصادي ضدهم، وسياسات التهميش المتعمّدة والاستحواذ على السلطة.
5.دوافع أيديولوجية ودينية: وهذا مرده الاختلافات الفكرية وتبني رؤى سياسية واقتصادية وسلوكية تتعارض مع العرف العام، ثم الاختلافات العقائدية والمذهبية على مستوى القطر الواحد او الإقليم.
إن أنماط حل هذه الصراعات تحصل عادة بناء على عدة قواعد او معادلات كالمعادلةأو القاعدة الصفرية (إربح ودع غيرك يخسر) بإصرار كل طرف على موقفه بعدم التنازل للآخر، وكثيراً ما يؤدي ذلك للمواجهة، ثم معادلة أو قاعدة المصلحة المشتركة (الربح للجميع) والمبنية على تقاطع المصالح بين الأطراف المتصارعة وعدم شعور أي طرف بممارسة الطرف الاخر عليه مبدأ الإستحواذ، وهذه هي القاعدة الذهبية من بين المعادلات حتى مما لم يذكر منها.
وأخيرا هناك قضايا يمكن حلّها بناء على قاعدة المصالح المشتركة، خلاف قضايا أخرى لا يمكن بحال من الأحوال المساومة عليها ولا عرضها بناء على قاعدة المصالح الصرفة، لأنّها لا تقبل القسمة على اثنين او أكثر أبداً، وعليه فلا مفرّ من التعامل معها وفق القاعدة الصفريّة المذكورة، مهما كلّف ذلك من ثمن وجهد وحتى زمن.
[email protected]